المركز و الآخر



هيام قيطون
2017 / 5 / 5

ان اعمق التأثيرات التي يخضع لها الانسان و هي المحرك الخفي لتصرفاته و الدافع الاساسي الذي يهيمن على حياته ، هذا التأثير هو مجمل تراكب العلاقات الانسانية سواءا السلبية منها او الاجابية، و هذا شيء طبيعي باعتبار الانسان كائن اجتماعي ، لكن جل هاته العلاقات في المجتمعات النامية أو المتخلفة و ان كانت ايجابية و ذات هدف إيجابي يكون لها طابع سلبي ، و هنا نتحدث عن المرأة في جل علاقتها ، و سيكون وضعا سكيزوفرينيا إن تحدثنا عنها كطرف في العلاقة و الا لما كانت كل هاته الاضطهادات ، سيتبادر الى ذهن البعض أنه يطرح هنا اشكال جرم الرجل في حق المرأة و خاصة حينما نتحدث عن المجتمع الذكوري . لكن في حقيقة الأمر المجتمع الذكوري هو إيديولوجية لا تكتمل الا بالطرفين و سيظن البعضالآخرأني ألقي اللوم على المرأة لقبولها هاته الوضعية و هي فكرة واهية إذ يعتبرالمجرم و الأخير هو الايديولوجية في حد ذاتها ، فترابط مجموعة من الافكار لتشكيلها معتقدا ميثولوجيا كفيل بأن يخلق الفجوة بين هذين الكائنين ، لأن تلك الفكرة لها أنصار من النساء كيغرهم من الرجال ، فتتجلى كل معايير الانانية في الرجل مركزا و المرأة آخرا ، فهي ليست سوى استثناء ، أما خلها فهو القاعدة ، فتسن لها قوانين اجتماعية استثنائية في حالة أن الطبيعة خالفت القاعدة و اعطت بدل الذكر أنثى ، لكن ما علاقة هذا الموضوع بالعلاقات الاجتماعية أو الانسانية ، هي معادلة سلمية حربية ، عدائية ودية، فكلما احبت المرأة و علا شأنها كلما زاد ظلمها و سجنها ، و إن تعذر أن يكون تطبيقيا كان فكريا ، ففي العلاقات هي الاخر الموجود من أجل الطرف الأساسي ، سواءا علاقتها بالعائلة أو بالرجل كجنس آخر ، و في واقع الأمر يعتبر هذا حبا للتملك ، و لا صلة له بالعلاقات الودية ، و مع أن الأمر له أبعادا إنسانية و اجتماعية على الانسان فبتهميش المرأة نهمش الانسان و ينشأ لنا مجتمعا مريضا ، الا أن المرأة وحدها من تتحدث عن هذا الموضوع ، و كأنها مسألة نسوية و ليس إنسانية بل جعلو من هاته الكلمة تيار ، و وضعوا لاصقات على المتحدثات في هذا الموضوع كتب عليها المتحررات ، حتى اصبحت كلمة حرة حكر على فئة معينة من أولى ضرائب هذه الحرية الانسلاخ التام من المجتمع و الرفض لهن كنساء ، بل و تعتبر حريتهن عهرا ، و لو أن العهر له تعريفا واضحا في نظر المجتمع ، الا ان هذا الأخير يعتبر أي خروج من الصورة التي تحتم سلطة الرجل على المرأة فساد ألعن من العهر ألف مرة ، و خروج عن المألوف بل هو بمثابة تدخل فيما فرضته الطبيعة ، إذ أن هذا الكائن إما عورة أو جسد ، فتغيب النظرة الانسانية له في كل الحالات، اذ لم يجود إلا كتكملة و اضافات لتجميل حياة الآخر (الرجل ) ، فلو نجحت أن تكون مركزا فذلك لا يكون الا باعتبار الرجل مفتقدا لحس الكرامة في محيطه ، و كأن الشق الاخر فرض عليه العيش بدون كرامة ، أو انه لايحتقق العيش بكرامة الا اذا أهين الآخر .