زواج القاصرات في المواثيق الدولية والقوانين العراقية



سرود محمود شاكر
2017 / 5 / 24

زواج القاصرات في المواثيق الدولية والقوانين العراقية
الزواج يعني الاقتران واصطلاحا فان الزواج عادة ما يعني العلاقة التي يجتمع فيها رجل وامرأة لبناء أسرة، وللزواج أسس قانونية ومجتمعية ودينية وثقافية، وفي كثير من الثقافات البشرية يُنظر للزواج على أنه الإطار الأكثر قبولاً للالتزام بعلاقة جنسية وإنجاب أو تبني الأطفال بهدف إنشاء أسرة.في كثير من الاحيان يرتبط الشخص بزوج واحد فقط في نفس الوقت، ولكن في بعض المجتمعات هناك حالات لتعدد الزوجات ويحصل الزواج على شكل عقد شفوي أوكتابي على يد سلطة دينية أو سلطة مدنية أو مجتمعية.
جاء في الاعلان العالمي لحقوق الانسان والذي اعتمد ونشر على الملأ بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 217 ألف (د-3) المؤرخ في 10 كانون الأول/ديسمبر 1948وفي المادة 16 (1. للرجل والمرأة، متى أدركا سن البلوغ، حق التزوج وتأسيس أسرة، دون أي قيد بسبب العرق أو الجنسية أو الدين. وهما متساويان في الحقوق لدى التزوج وخلال قيام الزواج ولدى انحلاله.
2. لا يعقد الزواج إلا برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء كاملا لا إكراه فيه.
3. الأسرة هي الخلية الطبيعية والأساسية في المجتمع، ولها حق التمتع بحماية المجتمع والدولة.)
وفي مراجعة للإعلان العالمي نرى حدد للرجل والمرأة الحق في الزواج بسن البلوغ وتأسيس الاسرة وهنا لم تحدد ما سن البلوغ كذلك بين ان هذا الزواج دون قيد بسبب عرق و جنسية و دين الشخص وان لكلا طرفي الزواج (الرجل والمرأة) كافة الحقوق اثناء الزواج او انحلاله، وان الزواج يجب ان يعقد برضا الطرفين وان يتمتع الاسرة الناشئة من الزواج بحماية المجتمع والدولة وتترجم هذه الحماية عبر تشريعات وقوانين تصدر من الدولة لحماية الاسرة وهذا ما اكدت عليها (اتفاقية الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج، عرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 1763 ألف (د-17) المؤرخ في 7 تشرين الثاني/نوفمبر 1964) حيث بينت الاتفاقية على ((اتخاذ جميع التدابير المناسبة لإلغاء مثل تلك الأعراف، والقوانين والعادات القديمة، وذلك، بصورة خاصة، بتأمين الحرية التامة في اختيار الزوج وبالإلغاء التام لزيجات الأطفال ولخطبة الصغيرات قبل سن البلوغ، وبتقرير العقوبات الملائمة عند اللزوم، وإنشاء سجل مدني أو غير مدني تسجل فيه جميع عقود الزواج وكذلك تقوم الدول الأطراف في هذه الاتفاقية باتخاذ التدابير التشريعية اللازمة لتعيين حد أدني لسن الزواج. ولا ينعقد قانونا زواج من هم دون هذه السن، ما لم تقرر السلطة المختصة الإعفاء من شرط السن لأسباب جدية، لمصلحة الطرفين المزمع زواجهما)).
كذلك بينت العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية
اعتمد وعرض للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة
للأمم المتحدة 2200 ألف (د-21) المؤرخ في 16 كانون الأول/ديسمبر 1966
(...ويجب أن ينعقد الزواج برضا الطرفين المزمع زواجهما رضاء لا إكراه فيه.. المادة 10).والجدير بالإشارة ان اتفاقية سيداو (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة اعتمدت وعرضت للتوقيع والتصديق والانضمام بموجب قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 34/180 المؤرخ في 18 كانون الأول/ديسمبر 1979) اكدت على حزمة من الحقوق للمرأة بما فيها الزواج في ضوء معايير الرضا والحقوق المتساوية في عقد او انحلال الزواج وكذلك الاخذ في التشريعات بسن الزواج وكما في المادة 16 ثانيا ( لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي اثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية، بما في ذلك التشريعي منها، لتحديد سن أدنى للزواج ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرا إلزاميا).
في يوم 19 ديسمبر/كانون الأول 2011، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها 66/170 لإعلان يوم 11 تشرين الأول/أكتوبر من كل عام باعتباره اليوم الدولي للطفلة، وذلك للاعتراف بحقوق الفتيات وبالتحديات الفريدة التي تواجهها الفتيات في جميع أنحاء العالم، ويهدف اليوم الدولي للطفلة إلى تركيز الاهتمام على الحاجة إلى التصدي للتحديات التي تواجهها الفتيات وتعزيز تمكين الفتيات وإحقاق حقوق الإنسان المكفولة لهن، مثلا للمراهقات الحق في التمتع بحياة آمنة والحصول على التعليم والصحة وتجنب زواج الأطفال .اما بالنسبة للقوانين العراق بين قانون الاحوال الشخصية (رقم التشريع : 188تاريخ التشريع : 19-12-1959) المادة الثالثة (1 - الزواج عقد بين رجل وامرأة تحل له شرعا غايته انشاء رابطة للحياة المشتركة والنسل)واشترط في المادة السابعة من قانون الاحوال الشخصية على (تمام اهلية الزواج العقل واكمال الثامنة عشر) غير ان في المادة الثامنة من نفس القانون لم يأخذ بمبدأ الاهلية حيث اذن للقاضي (1 - اذا طلب من اكمل الخامسة عشرة من العمر الزواج فالقاضي ان يأذن به اذا ثبت له اهليته وقابليته البدنية بعد موافقة وليه الشرعي فاذا امتنع الولي طلب القاضي منه موافقته خلال مدة يحددها له فان لم يعترض او كان اعتراضه غير جدير بالاعتبار اذن القاضي بالزواج .2 - للقاضي ان يأذن بزواج من بلغ الخامسة عشرة من العمر اذا وجد ضرورة قصوى تدعو الى ذلك, ويشترط لإعطاء الاذن تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية).
يبدو ان المشرع العراقي في هذه المادة اعطت صلاحيات للقاضي بالزواج دون سن الاهلية وهي 18 وسمحت بالزواج 15 سنة او حتى اقل حيث المادة بينت اعطاء الاذن في تحقق البلوغ الشرعي والقابلية البدنية وهذا النص يتماشى مع العادات الاجتماعية القديمة وبعض الموروث الديني التي تحلل الزواج من القاصرات وهذا للمادة 73 من القانون المدني العراقي النافذ (العقد هو ارتباط الايجاب الصادر من احد العاقدين بقبول الاخر على وجه يثبت اثره في المعقود عليه) والايجاب الصادر يصدر من شخص واعي يعرف ماهي تصرفاته ونتائجه لا من شخص لم يكمل الثامنة عشرة ويقرر المصير ( يعني الفتاة التي لم تكمل الثامنة عشرة) لان الهدف المنشود من الزواج تكوين الاسرة وانشاء حياة مشتركة وهذا لا تأتي الا من اشخاص كمال الاهلية والعقل .اما بالنسبة للعقوبات على زواج القاصرات فقد بين المشرع العراقي في المادة 329 وبفقرتيه (1- 2) من قانون العقوبات العراقي رقم 111 لسنة 1969 (يعاقب بالحبس وبالغرامة او بإحدى هاتين العقوبتين كل موظف او مكلف بخدمة عامة استغل وظيفته.. ) حيث ان من يقوم بأبرام عقد الزواج مكلف بخدمة عامة وذلك لتمتعه بصفة خبير في القضايا الشرعية وهذا استنادا لقانون الخبراء رقم 163 لسنة 1964 وهنا تبين العقوبة للزواج خارج المحكمة فقط.
اضافة الى ماذكر فقد اقر الدستور العراقي في المادة (29:أولاً :ـ أـ الأسرة أساس المجتمع، وتحافظ الدولة على كيانها وقيمها الدينية والأخلاقية والوطنية.ب ـ تكفل الدولة حماية الأمومة والطفولة..) وفي ضوء هذه المادة على الدولة وضع قوانين واجراءات فعلية لمنع زواج القاصرات ومؤامة النصوص الدستورية والقانونية مع الالتزامات الدولية للعراق في ضوء العهود والمواثيق والاتفاقيات الدولية والتي صادقت او انضمت اليها العراق .لان لزواج القاصرات اثار سلبية كترك التعليم وازدياد حالات العنف والطلاق والتفكك الاسري والاثار السلبية على الصحة بصورة عامة للفتاة والصحة النفسية والانجابية .
المصادر
1- الاعلان العالمي لحقوق الانسان1948.
2- اتفاقية الرضا بالزواج، والحد الأدنى لسن الزواج، وتسجيل عقود الزواج1964.
3- العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية 1966.
4- اتفاقية سيداو 1979
5- قرار 66/170 الجمعية العامة للأمم المتحدة 2011 يوم الطفلة.
6- قانون الاحوال الشخصية 1959.
7- القانون المدني العراقي 40 لسنة 1951.
8- قانون العقوبات العراقي 111 لسنة 1969.
9- الدستور العراقي 2005 .