معاناة المرأة اللانسانية من المهد إلى اللحد



عبير سويكت
2017 / 7 / 24

معاناة المرأة اللإنسانية من المهد إلى اللحد

بقلم : عبير سويكت

من المهم جداً توعية المرأة بأهمية النضال من أجل حقوقها، ولكن الأهم من ذلك هو أن لا بد للمرأة أن تحرر نفسها أولا لأن الإنسانه السجينة االأسيرة والمكبله بقيود لا يمكنها أن تكون مالكة لقرارها فكيف لها بالمطالبة بحقوقها كإنسانة كاملة و مكملة. 
فعلى سبيل المثال في بلاد العالم الأول لم تنتهي حتى الآن معركة تحرير المرأة حتى وإن تقدموا كثيراً في هذا الموضوع و باتت المرأة تتمتع بالوضع الإنساني و الحقوقي الذي يناسبها كإنسانة لا تقل عن الآخرين في شيء و مازالوا يقاتلون من أجل أن تنال المرأة حقوقها كاملة، ولكن في بلاد العالم الثالث المعركة أكبر و أصعب و أعظم، ففي السودان كغيره من بلاد العرب معركتنا ليست في المساواة مع الرجال في العمل والمرتبات كحال أوربا علي سبيل المثال لا، نحن معركتنا أكبر، في رأي الشخصي معركتنا يجب أن تبدأ بتحرير المرأة من القيود المتمثلة في الخلط بين العيب و الحرام، و الخلط بين شعائر الإسلام و المفاهيم الخاطئه والعادات والتقاليد والثقافات المورثه، فالمرأة السودانية و بشكل خاص كمراة عربية و أفريقية و مسلمة هذه الأشياء تلعب دور كبير في معاناتها فالمرأة السودانية منذ ولادتها تعاني من عدم المساواة ومن هذه المفاهيم والعادات الخاطئة التي يتم نسبها للإسلام كذبا و تضليلا و ما هي إلا مفهوم متخلف مورث من الآباء والأجداد و الأمهات ومن الثقافة العربية الجاهلية بشكل خاص، فمنذ ولادة المرأة السودانية تبدأ معاناتها عندما تتم تربيتها و تنشأتها علي أساس تفرقة جنسية فهي أنثى و هو ذكر ومن هنا تبدأ عملية الكبت و اللامساواة، فالمرأة السودانية منذ صغرها تجرد حتى من طفولتها بسبب أنها أنثى و هكذا منذ صغرها يدخلون في رأسها مفهوم أنها أنثى و عورة و يتناسون أنها إنسانة قبل كل شيء، وتمر بها سنين التدرج العمري التي تزيد من معاناتها فكلما تقدمت في السن كلما زادت نظرة الأنثى و العورة فيبدأون في وضع قوانين دخلوها و خروجها من البيت وطريقة لبسها و مشيها و كلامها وكأنها مجرمة دولية أو مافيا جاري البحث عنها بالانتربول الدولي، كيف لا و هي أنثى و عورة وتغوي على ارتكاب الفاحشة و الرذيلة و كأنما المرأة و دورها في الحياه يتلخص في جسدها، ومن ثم تأتي مرحلة الختان اللاشرعي و غير الإنساني بهدف أن تحافظ المرأة علي شرفها و كأنما المتحكم الأول في تصرفات الإنسان واخلاقه ومبادئه وتربيته و ضميره هو الجهاز التناسلي لذلك يجب بتر هذا العضو السرطاني مع العلم بأن الرغبة منبعها الدماغ الذي يحركها و يصدر إشاراته وقد أثبت ذلك علمياً ولكن ما باليد حيلة يجب أن تمر الأنثى بمراحل التعذيب النفسي، ومن ثم تأتي مرحلة الزواج و توجسات الأنثى السودانية هي بين قوسين (عذراء) و قبل أن تمر بهذه المرحلة يكون هوسها يتمركز في أن تلعب كل الأدوار الممكنة لكي تثبت للرجل أنه فارس أحلامها ولم يسبق لها أن عشقت أو أحبت قبله حتى وإن كان هذا الحب شريف يجب نكرانه لأننا نعيش في مجتمع تختلط فيه ثقافة العيب و الحرام ، و تأتي بعد ذلك مرحلة الزواج وهنا يكون هوس المرأة الكبير هو أن تنجب و في أسرع فرصة ممكنة لأنه تم برمجتها علي أن هذا هو دورها الأول وان لم تنجح في ذلك سيتم استبدالها بأخرى (والرجل يحل له أربعة نساء )، فتبدأ في العيش في حالة الرعب و لكن حتى بعد الإنجاب لا تنتهي معاناتها حيث تبدأ معاناة أخرى و هي أن تفعل ما بوسعها حتى لا يعدد زوجها في النساء فهم ذلك حق شرعي للرجل يحل له أربعة نساء و هكذا تصبح المرأة كالجارية و العبدة تعيش تحت تهديد و وعيد الزواج عليها، وعندما تتعد المرأة هذه المرحلة و تخرج للعمل و تتمكن من الوصول إلى مراتب عالية تظل مقيدة لأن المرأة في مجتمعنا لا يمكنها العمل بحرية لذلك يصعب عليها الإبداع و التميز و التطور ، إضافة إلى أن المرأة السودانية و العربية بشكل عام تعاني أيضاً من أحقية الشعور بإنسانيتها وانوثتها فالانثي في المجتمعات الأخرى تحترم و يهتمون بها و يساعدونها على التطور و التقدم والإبداع و التمييز للإيمانهم المطلق في أهمية دورها في الحياة، فهي اساس المجتمع هي الأم والزوجة و الأخت و الخالة و العمة و الجدة وهي المربية و مخرجة الأجيال ، و أهم شيء تفتقده المرأة السودانية بشكل خاص هو فقدان الرومانسية في حياتها فالرومانسية هي حالة عاطفية جميلة تأخذك إلى عالم وردي زهري جميل ينسيها معاناة الحياة ولكنها لا تتمتع بها، لأن مجتمعها يعتبر الرومانسية شيء عيب و حرام و مخل بالأخلاق و بالعادات و التقاليد فإن حاول الرجل أن يهتم بزوجته أو أراد أن يدللها و يقول لها كلمات جميلة أو مدحها أو كتب فيها بيت من الأشعار أو اصتحبها للسينما لمشاهدة فيلم رومانسي أو عطلة رومانسية فسيعتبره معشر الرجال و المجتمع السوداني بأنه رجل لا خير فيه و ينظر له بنظرة سيئة و يصبح حديث المجالس واضحوكة المجتمع، والحرمان من التمتع بالرومانسيه أنا شخصياً أعتبره نوع آخر من أنواع معاناة المرأة السودانية لأن جزء لا يتجزأ من الإنسان رجل كان أو إمرأة و ليس إنسانياً كبت و قتل الأحاسيس و المشاعر الجميلة .

و لكن ما أضيق الحياة لو لا فسحة الأمل لذلك لا بد من التعلم من الماضي و الحاضر و نعمل إيجابياً لمستقبل مشرق خالي من الممارسات اللإنسانيةفي حق المرأة و نحرص على الاحتفاظ بالطاقة الإيجابية متمنين لجميع النساء وللمراة العربية و الأفريقية و الإسلامية بصفة عامة أتمني أن تأتي الأعوام المقبلة و نجد المرأة في حال أحسن من اليوم، وأتمنى أن نتعاون جميعاً رجالاً و نساء على تحرير المرأة من قيود العادات والتقاليد و المفاهيم الخاطئة المورثه ، وأخيراً لا ننسى المرأة السودانية في مناطق النزاعات من جبال النوبة ودارفور والنيل الأزرق و جنوب كردفان وبالأخص المرأة الجنوبية التي تعاني من ويلات الحرب والاغتصاب و المجاعة وهي صامدة رغم الألم و فقدان الزوج والابن والأب، و لا أنسي أيضاً أن أحيي جميع مناضلات جنوب السودان أمثال أنجلينا تينج و ماما ربيكا اللاتي يجلن العالم بحثاً عن حل لقضايا الجنوب لإيقاف الحرب و وقف إراقة الدماء و إحلال السلام ونتمنى أن يعم السلام والأمان والاستقرار والتسامح جميع أرجاء العالم العربي و الأفريقي و الإسلامي و جميع أنحاء العالم و الإنسانية جمعاء . 

بقلم : عبير سويكت
ناشطة سياسية و كاتبة صحفية
مقيمة بباريس