ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي أسباب وحلول ج1



عباس علي العلي
2017 / 7 / 25

ظاهرة الطلاق في المجتمع العراقي أسباب وحلول ج1

ظاهرة أوتفاع معدلات الطلاق في المجتمع العراقي تشكل اليوم هاجس قلق أضافي لدى المهتمين في دراسة القضايا الأجتماعية والمهتمين بسلامة البميان الأجتماعي وحماة الأسرة والكثيير ممن يعنيهم الأمر، هذا الأهتمام الذي يغيب أيضا عن مجمل أهتمامات المؤسسة الرسمية ومنظمات وأدرات الدولة له الكثير من الضلال القاتمة على مستقبل التركيبة السكانية وعلى الأطر العلاقية التي تربط عرى المجتمع وتشكل بصورة ما ما يشبه الصورة الرمادية عن كيفية تشكل المجتمع على المديين المتوسط والبعيد.
فهذه المعدلات المرعبة لحالات الطلاق والتي تعلن عن طريق مجلس القضاء الأعلى شهريا وفصليا لا تمثل كامل النسبة بل تعلن عن الحالات المسجلة والموثقة فقط في المحاكم التابعة لها، أما حالات الطلاق والترك والهجروالتي غالبا ما تترك لدور العلاقات الأجتماعية داخل الأسر المتزاوجة، فهي الأخرى تسجل أعدادا أضافية تزيد من تفاقم المشكلة وتهدد النسيج الأجتماعي أولا وتهدد مستقبل الطفولة والأسرة في العراق، فهل ما يجري الآن هو نتيجة لواقع أجتماعي مضطرب أصلا أم نتاج علاقات أجتماعية مضطربة وقائمة على أرتدادات الواقع عليها ، والسؤال الأهم في ذلك ما دور المؤسستين الدينية والأجتماعية في التقليل من زخم هذا الأرتفاع المذهل في النسب؟ وما دورهما في دراسة وتحليل الظاهرة وطرق المعالجة.
يبدو لي ومن خلال عملي كمحام ولي تماس قد يكون مباشرا مع الكثير من القضايا التي تطرح في المحاكم أو التي تدور في أروقة العوائل المتناسبة، أن العنصر الأساسي في هذا الخراب الأجتماعي يعود أولا لغياب الثقافة الزوجية اللازمة لبناء علاقات سليمة، فلا المرأة المتزوجة والتي غالبا ما تكون قليلة التجربة وصغيرة السن يدفع بها دفعا للزواج لأسباب أجتماعية وأقتصادية من قبل ذويها من قبل الخوف من العنوسة أو عدم القدرة على حماية وتوفير الأسس المادية والأسرية اللازمة لفتاة في سن النضج، فمع أول طارق وغالبا ما يكون من الأقرباء بالنسب أو السكن أو من خلال الوسطاء سيكون الجواب بنعم دون دراسة لحالة الفشل أو النجاح لهذا المشروع الخطير.
ثاني الكثير من الزيجات المبكرة اليوم تنشأ نتيجة الواقع المادي للزوج خاصة من الذين توفرت لهم أسباب مادية خارج سياقات الصيرورة الطبيعية، فمع أول علاقة حب أو شعور بها يلجأ الشاب المراهق للضغط على أسرته لتزويجه من المطلوبة له حتى لو كان ذلك الأمر غير متناسب مع واقع الزوجين، البعض من الأباء يعتبر أن تلبية طلبات الأبن واجب ومن الضروري تلبيتها من خلال شراء البنت من ذويها ويعتبره جزء من المباهات أو دلالة على القدرة والتمكن، يتم الزواج سريعا وينتهي سريعا لأن الزوج الذي بنى أحلامه الطفولية على مستقبل طفلة زوجه أما أنه دخل في مغامرة حب وعشق جديدة أو أنه أكتشف أن محبوبته التي لا يعرف عنها سوى أنه أحبها فجأة لا تمثل كل طموحه الذي رسمه عن الحب والحياة الزوجية من خلال المؤثرات الأعلامية والمشاهد الفنية التي أدمن على متابعتها، فالواقع شيء والخيال المغمس بأثار الصورة الأعلامية شيء أخر.
هناك فئة ثالثة من حالات الزواج التي تنهي سريعا وتترك الزوجة ضحية محاولة فاشلة وتسرع في أتخاذ القرارات المصيرية والذي يتمثل في أكثر الأحيان بالأعباء المالية التي سوف يتحملها الزوج الشاب الذي في غالب حالات الطلاق من ذوي الدخول المحدودة ومن أصحاب المهن الغير نمطية، فلا هو موظف ويعرف حدود إمكانياته ولا العمل النمطي متوفر له طوال الشهر ليقيس ما يمكن أن ينفقه بناء على المتوقع، أكثر حالات الطلاق المدروسة تجدها في فئة العمال المتنقلين من مهنة إلى أخرى أو العاطلين جزئيا عن العمل أو الذي يكون عملهم مرتبط بالمواسم أو المناسبات العامة، هؤلاء ليس لديهم قدرة على التحكم بالأنفاق وليست لديهم القدرة على توفير الحد الأدنى من شروط أستمرار العلاقة الزوجية وأستقرارها.
أما عن الأسباب التقليدية والتي عرفها المجتمع العراقي والتي لم تغيب عن الكثير من الدراسات السابقة والتي أهمها وعلى رأسها التدخل المباشر من ذوي الزوج والزوجة في حياة أبنائهما، أو السكن مع العائلة الكبيرة والنزاعات التي تحصل داخلها حول دور الزوجة أو شركائها في الدار على الوظائف المنزلية أو طبيعة علاقة الزوج مع الزوجة، أيضا هناك حالات طلاق لا مبرر لها ولا بأدنى مستويات المسئولية نتيجة تصرفات أما أن يكون دافعها أجتماعي عائلي أو نتيجة أوهام أو تصرفات من باب الأعتزاز بالأثم أو العصبية أو لأثبات الجدارة.
أيا كانت الأسباب والمبررات فأن كثيرا من حالات الطلاق التي تصل للمحكمة كان يمكن تلافيها والحد منها لو كانت لدينا مؤسسات معنية بدراسات ظاهرة الطلاق وحماية الأسرة، أو منظمات مدنية أو رسمية لتقديم العون الأجتماعي والأرشاد النفسي الذي يسبق حالات الزواج أو يقدم النصائح اللازمة لبناء أسرة حقيقية وليست أحلام يراد لها أن تكون رغما عن إمكانية نجاحها أو فشلها، كما أن وجود الكثير من رجال الدين المصنفين خبراء لتوثيق حالات أو إيقاع الطلاق الشرعي أمامهم لهم الدور المهم في شيوع وأستفحال الظاهرة، فهويهمه موضوع الواجب العقلي والديني بقدر ما يهمه أن يقبض الأجرة وينهي الطلاق بورقة موقعه من قبله وشاهدين وهكذا ينتهي دور رجل الدين.
كما أن العلاقات الأجتماعية داخل الأسر والتي تنتهي دوما أمام رجال العشيرة أو أمام البعض ممن لا يؤمن بضرورة أن الحفاظ على الأسرة وبناء علاقات سليمة أهم من كل شيء، تنتهي أبسط خلافات هنا بالطلاق لأن الأطراف التي تحضر لدراسة المشكلة لا تلتفت للجوانب الإنسانية بقدر ما يهمها ربح القضية أو الظهور بمظهر صاحب الحق الذي يفرض شروطه على الاخر، وما على الأخر إلا أن يسلم أو يطلق ويتحمل كل المسئولية، لقد لعب بعض شيوخ العشائر والمتصدين لهذه المهمة دورا سيئا في هذا المجال ولعبوا دور المخرب للعلاقات من خلال فرض قواعد وسنن أجتماعية ما أنزل الله بها من سلطان، فهي لا تتفق مع أساسيات الدين ولا مع الأصول الأجتماعية السائدة وكثيرا ما يكون لعامل الطمع والأبتزاز والتفاخر والتباهي دورا مهما في ذلك.