نساء من فولاذ!



محمد مسافير
2017 / 9 / 22

قبل أن ينقضي الأسبوع الأول من زواجهما، عاد إلى البيت كليلا، وجدها لم تغسل بعد أواني الصباح، أرسل إلى خدها الأيسر صفعة دوت في البيت كله، واستقر رنينها في الأذن دقائق قبل أن تصحو من غفلتها، اكتسح الغضب وجهها، اقتحمته بنظراتها القاسية، ارتعب، وبخفة متناهية، رفعت قدمها إلى مستوى رأسه، ثم وجهت إلى أنفه ركلة قوية أسقطته أرضا، انهالت عليه بعد ذلك لكما ولطما حتى فقد وعيه...
فتح عينيه بصعوبة بعد أن اكتسحتهما الزرقة، وجد نفسه على سريره، وزوجته تضمد جراحه، نظر إليها بريبة، والهلع يكاد يخرس أنفاسه...
كان الزوج يجهل أنها كانت بطلة التايكواندو، لم تكن تريد إخباره، لأنها، شأن أي فتاة، في حاجة إلى زوج، الكثيرون قبله فسخوا الخطوبة بعد أن دروا بهوايتها، ولم تكن مستعدة لخسارة رقم آخر...
حين زارها أبوها في البيت بعد 15 يوما من الحادث، كانت بعض الندوب لا تزال ظاهرة في محيط عينيه، استغرب حماه قائلا:
- ما بك يا رجل، هل اعترض سبيلك قاطع طريق؟
- لا ليس قاطع طريق، إنها من أفعال ابراهيم، ذاك الرجل الذي زوجتني به...
منذ ذاك اليوم، بدأت العائلة بأسرها تنادي الزوجة بإبراهيم، ومنذ ذاك الحادث، لم يجرأ الزوج أبدا على مجرد الصراخ في وجهها، فعاشت أبد العمر سعيدة في أحضان زوجها الكئيب..

كانت تمشي غاضبة بين زحمة عربات الخضر والفواكه، تمشي وتسب بعنف ولعابها يتطاير في الهواء، كانت بائعة هوى لا تخفي بليتها، بل كانت تعمل قوادة في أغلب الأحيان بعد أن ترهل لحمها وذبلت قامتها، تجلس في آخر الشارع الذي ينتهي ب"السويقة"، تتوسد الحائط، تحمل بيدها اليمنى سيجارة، وبيدها اليسرى "ترس" سجائر، تبيعها للمارة، وتستغلها أيضا لاستدراج زبائنها إلى غرف الدعارة، بعد أن تبرع في وصف محاسن العاملات تحت إمرتها...
كانت غاضبة اليوم فيما يبدو، تسب وتشتم وهي على أهبة الاستعداد للعراك مع أي معترض... تجاوزت عربات "السويقة" بقليل، مرت خلف مسجد مكتظ بالمصلين، يصطف بعضهم خارج المسجد، والمرأة لا تزال في سبابها وغضبها، فجأة... نبهتها إحداهن تبدو من معارفها، قالت لها احترمي حرمة المسجد، احترمي المصلين...
وبدلا من أن تنكتم، أو أن تخفض صوتها على الأقل، اشتد صياحها، واكفهرت ملامحها في وجه الناصحة، قائلة:
- حاشى أن يكون هذا بيت الله، إنه بيت المنافقين، أعرفهم واحدا واحدا، كلهم زبائني، وأغلبهم يقضون حاجتهم بالسلف دون أن يوفوا ما بذمتهم، من سأحترم، بربك من فيهم يستحق الاحترام؟؟

جلسا في المقهى، أملا في وضع النقاط على الحروف، وحسم مسألة الزواج...
- هل أنتِ عذراء...
- وهل أنتَ كذلك !
- أنا رجل !!
- وأنا كذلك رجل، أعمل طيلة اليوم، وأكسب أضعاف ما تكسبه، وأقوم بأضعاف ما تستطيع تحمله، ما الفرق؟
- لا بأس... يمكنني أن أقبلك.
- لكنك لم تجبني، هل سبق وأن عشت تجربة جنسية؟
- مممممم، ليس كثيرا...
نهضت من مقعدها معلنة نهاية اللقاء:
- إذن.. فأنت لا تستحقني؟ لأنك لست أعذرا (مذكر عذراء) !!
تلتجئ إلى "الحرام" اضطرارا، بعد أن أصيب زوجها بفشل كلوي أقعده عن العمل، تعيل أبناءها الأربعة، تطعمهم من عرقها وكدها ومآسيها، تتحمل آلام المعاشرة: فم كريه، عرق كادح، تعنيف مكبوت... تبيع اللذة على حساب صحتها، مقابل أجر تنفق نصفه في الأدوية...
لقد وجودها بداية هذا الأسبوع، ملقاة في الخلاء، وقنينة "روج" مندسة في فرجها...
ظنوا أنها شر أحسنوا التعامل معه، فتفننوا في تعذيبها... لم تمت، لكنها أصبحت عاجزة تماما عن إعالة أبنائها!!

قبل أشهر، وفي حارتي، ضبطت امرأة خمسينية مع رجل ثلاثيني يمارسان حقهما الطبيعي، المرأة أرملة منذ ما يزيد عن العقد، والشاب غير متزوج، الإثنان بكامل قواهما العقلية، إلا أن الضابطة القضائية كان لها رأيها...
أفرج عنهما بداية الأسبوع المنصرم، اقامت المرأة وليمة للسائلين، تخللتها أهازيج وأغاني محلية، كما شوهد الرجل أمام مسجد الحارة، يسلم بحرارة على المصلين، وكأنما قدم من الحج أو اعتمر؟
مجتمعنا مسالم، لأنه لم يعتبر فعلة الإثنان جرما، بينما القانون لا زال يعتبر المواطن مهما طغى في السن قاصرا، يجب أن تحرس أعضاؤه التناسلية...