حذار من الحب في بلاد العرب!



محمد مسافير
2017 / 9 / 23

كنت جالسا في المقهى مع أحد الأصدقاء، أحتسي كوب شاي ساخن وأتصفح إحدى الجرائد، بينما كان جليسي مأخوذا بمؤخرات المارات، لا يرتشف فنجان قهوته إلا لماما، يستهلك السيجارة تلو الأخرى، ويدندن بأغان غريبة، كان يبدؤها دون أن يتممها، فهو لا يحفظ إلا البدايات، يرفع مستوى الصوت حسب نوع العابرات، أو حجم مؤخراتهن...
فجأة، سمعنا ضجة داخل المقهى، التفتنا نحو مصدر الصوت، فإذا بفضيحة تخرج إلى العلن... كان نادل المقهى، القوي البنية والضخم الجثة، يشد قبضته اليمنى على مرفق شاب عشريني، وقبضته اليسرى تشل حركة عشيقته، لقد كشفهما متربصين داخل المرحاض، كانا طالبين فيما يبدو، لم يستطيعا كبح جماح الشهوة، بحثا عن ملاذ يحتضن حبهما الجنوني، فلما يجداه إلا في مرحاض المقهى...
كان يتوسطهما النادل الضخم، ويصرخ جهد أيمانه، يشتم ويبصق في وجهيهما، دون أن يترك لهما فرصة رفع سرواليهما، لقد سحبهما على الحالة التي وجدهما عليها، كان يخال نفسه قد أنجز عملا بطوليا لا يقدرعليه أحد... والزبناء كانوا مشدوهين أمام ما يحدث، وبعضهم حاول التقاط بعض الصور، وربما تسجيل فيديو، لم يكن لهم موقف واضح من الواقعة، فالأهم بالنسبة لهم في تلك اللحظة، أنهم ليسوا الضحايا، وأن هذه الفضيحة يجب أن تشاع... إنها فرصة التواجد في قلب الحدث!
النادل لم يحترم العشيقين، لقد كانا في لحظة حميمية ربما طالما كانت حلما بالنسبة لهما، لم يحترم حبهما، فحوله إلى حقد وضجيج وفضيحة، فكيف للحب أن يصمد بين مخالب الغوغاء!
* * *
دامت علاقتهما مدة العامين، تعرف عليها في مدرجات الجامعة، متفوقة قادمة على بعد قرابة 200 كيلومترا لإتمام دراستها، طالب هندسة في سنته الأخيرة، حالتهما الاجتماعية غير المستقرة لم تسمح لهما بعقد القران، أخلص لها وكذلك أخلصت، كانا عصفورين ثملين بنشوة حب مغلف بالبراءة، لكنهما بشر ككل البشر...
سئما الانتظار، طغى الشرود عليهما، تعذر التركيز داخل الفصل، اتفقا على ليلة حمراء تعيدهم قليلا إلى حالتهم الأولى، استعارا غرفة أحد الأصدقاء المتفهمين، غرقا في اللذة بكل اهتمام، طافا عوالم الخيال، افترشا الصبر وأزهار العشق، وتغطيا بدفء الحنين والرغبة، غاصا في النعيم دون مبالاة...
فجأة... سمعا طرقا على الباب، تجاهلاه أول الأمر، طفق الطرق في الارتفاع، تصاحبه همهمات خشنة ثقيلة، حاول التجاهل وتهدئة روع الفتاة، صرخ الطارق آمرا بفتح الباب أو الاقتحام، اجتاحتهما صاعقة الخوف، ارتعدت أطرافهما، أغمي على الفتاة...
قيدا إلى المخفر، سجل المحضر، نطقوا بالحكم المتحجر، قضوا ما تيسر، جن جنون الفتى، تبرأت الأسرة من الفتاة... وئدت أحلامهما الجميلة، بمعاول قلوب جاهلة !