نساء يعاصرن الثورة الصناعية الرابعة!



محمد مسافير
2017 / 9 / 30

تتكرر الصورة تقريبا كل أسبوع، خاصة كلما ثمل الزوج، يخرجها من البيت بلباس النوم، ويشدها من شعرها حتى يبلغ بها مسافة المئة متر عن عتبة البيت، يشبعها لطما وركلا وسبابا، دون أن يأبه لهما أحد من الجيران...
استفسرت حول الموضوع، وعن سبب عدول الجيران عن التدخل، فأجابني أحد القاطنين بالجوار:
- لقد سبق لنا أن تدخلنا في اليوم الأول من التعدي، وقوبلنا بوابل من الشتائم من طرف الزوجة، قالت إنه زوجي وهو يقوم بتأذيبي، فما دخلكم أنتم يا أبناء ****
فورها، اتجهت صوب الجمعية النسائية التي كنت أنشط بها، وقدمت استقالتي...

حين يتعب الشاب من العزوبية، من غسل الملابس والأواني والطبخ أو وجبات المطاعم ومصاريف العاهرات، حين يتعب من كل هذا، يقرر الزواج، الزوجة الصالحة فقط من يلازمها الشقاء إلى أن تخلفها ابنتها!

زوجة المتوفى تلتزم الحداد مدة أربعة أشهر، ففي تقاليدنا مثلا، تتلحف السواد ولا تنظر في المرآة ولا تقف عند عتبة الباب ولا تصافح الرجال ولا تنام وحيدة إلا وبجانبها أرملة ولا تضع الزينة على وجهها ولا تتعطر ولا تخالط الناس...
لكن الرجل إذا ماتت زوجته، بإمكانه أن يتزوج من المعزيات غداة الدفن ويمارس حياته دون أي تعقيدات!
ومن غرائب المآتم في تقاليدنا وثقافتنا، أن تغلف مرايا البيت جميعا بثوب، حتى لا تنظر الأرملة فيها... استفسرت عن السبب، فأجابتني خالتي بثقة زائدة، أن الأرملة إذا نظرت في المرآة قبل انتهاء فترة العدة تتحول إلى غول... قلت لها إن الأمر مجرد خرافة، سمعت إحدى الحاضرات حديثنا فأردفت قولا:
إني حضرت يوما مأتم إحدى الجارات لأواسيها في وفاة زوجها، فوجدتها في غرفة نومها تنظر في المرآة وتمشط شعرها وتضع بعض المبيضات الخفيفة على وجنتيها، انتظرت أزيد من نصف ساعة، لكنها لم تتحول إلى غول، مرت أسابيع وبقيت على حالها دون أن يمسها ضر!
قالتها بحماسة المصدوم، خاب ظن المسكينة!

تعاني ممتهنات الدعارة بالمغرب الويلات خاصة بعد انقضاء فترة عطائهن وذبول أجسادهن وأفول حسنهن!
شأن باقي المهن الهشة، تعاني الدعارة من اللاهيكلة، وبائعات الهواء لا يخضعن لنظام التغطية الصحية (علما أن ثلثي أجورهن يمتصها الدواء) ولا يستفدن من التقاعد ولا من أي حماية قانونية (لا تزال المهنة غير قانونية).. ولا يمثلن أي قوة منظمة منضوية تحت لواء نقابة ما!
إنهن في الدرك الأسفل من الهشاشة (البروليتاريا الرثة)، لكن لنا كل الأمل في أن تكن حاملات مشعل الثورة المغربية في القادم من الأيام!
بعون الله تعالى