في اليمن حاول ان تتقمص دور المرأة



بكر أحمد
2017 / 10 / 8

المرأة حسب العرف اليمني هو تعبير ناقص يتسم بكثير من الايحاءات المزعجة، والعنوان الخاص بهذه المقالة حين نادى بتقمص حياتها، فهو لا يعني الصفة السلبية السائدة ، بقدر ما هي دعوة لملامسة واقعها الحقيقي كإنسان يعيش وسط مجتمع يشترك بنظرة عامة تجاهها.
صدقوني و منذ البداية لا توجد خاصية زائدة لدى الرجل سوى المقدرة الجسدية التي يستطيع من خلالها إخضاع المرأة، ومن ثم تتالى هذا الاخضاع حتى تم صبغة بصبغة إجتماعية ومن ثم دينية حتى بلغت الى درجة ان تقوم المرأة بمص الدم الذي في تقرحات زوجها وهو مريض دون ان تفيه حقه، فتكدست وعبر تاريخ طويل كم هائل من المواقف الحازمة والمهينة تجاهها.
هذا ما تعيشه المرأة عامة في الوطن العربي، وخاصة في اليمن، وتكمن خصوصية اليمن في انه مجتمع قبلي يعيش حالة من الإنعزال الذهني بين واقعه المعاش وبين قيمه التي يحملها من قبل الف عام مضت، وهو ربما يساوم بأي عرف قبلي او يتعامى عنه إلا فيما يختص بالمرأة، لأن المرأة مرتبطة أولا بسلطته وبدونها قد يشعر أنه فقط نفوذا ما، وثانيا ان كل جزء في المرأة وحتى نغمة صوتها قد تم ربطه بشرفه، والشرف هنا مفردة لغوية لا تعني إلا الجنس فقط، اما القيم الأخرى المرتبطة بالشرف كالأمانة والصدق فهي لا علاقة لها بهذا الشيء من قريب او بعيد.
فكون ان حياتك الذاتية والاحساس بشيء من الانانية المشروعة لتكوين الذات أمر مستحيل حدوثة والسبب كونك امرأة، لذا فمجرد التصور بتقمص حياة هذه المرأة هي معاناة بحد ذاتها، وهذا التقمص المطلوب يتوقع منه ان يكون ضمن الحياة العادية بكل سلاستها وجريانها، وليس بواقع الحرب الذي تعيشه اليمن الان والذي يسمح ومن ضمن اجوائه العنيفه نمو الفكر الديني المتطرف والتصرفات المتشنجة تجاه كل مختلف، والمرأة بطبيعة الحال مصنفة ضمن المختلف، لأن المحور والمركز هو الرجل فقط.
في اليمن وفي الحياة الاعتيادية لم يكن للمرأة في بعض المناطق ان تحصل على ارثها، وان كان هناك تسامح فكل ما هو متاح لها هو نصف ما يأخذه شقيقها الذكر، اما تعليل هذه الظاهرة فهي بسبب كونها عالة على الرجل ولا تتحمل نفاقات او مصاريف، ولكن هذا الامر غير مقنع إطلاقا، فهذا حقها بغض النظر عن كيفية حياتها، ثم ان من جعلها عالة هو المجتمع وهو من يصر على بقاؤها عالة حتى لا ترفع رأسها لتطالب بحقها الانساني والعادل في كثير من الامور .
تحدثت فتاة عدنية قبل فترة على قناة الحدث الاخبارية عن سبب توقفها عن التعليم قائلة بأن ذلك جاء بسبب العادات والتقاليد التي تمنع تعلمها، فهي في النهاية امرأة وما حاجتها للتعليم وهي كل ما تحتاجه في هذه الحياة الطبخ وتربية الابناء، الأمر هذا مرعب جدا كونه صدر من فتاة عدنية ، ومكمن الرعب أن عدن كانت وإلى وقت قريب مركز إلهام كبير لكثير من النساء العربيات كون هذه المدينة قدمت نماذج نسوية واعدة ولكن وبعد التحول السياسي الذي جاء فيما بعد الوحدة وما تلتها من حروب سياسية ودينية وتغلغل الفكر السلفي فيها، اصبحت وكالعادة المرأة الضحية الأكبر لكل هذه التحولات، وهي المشجب التي يوضع عليها كل تصرف سلبي من طرف الرجل تجاهها.
ان تحرم من التعليم بسبب نوع جنسك أو أن يتم إقصاءك ووضعك في موضع الناقص بسبب جنسك، أوان تكون مثال سلبي لإهانة الآخرين ان قارنوه بك، فهذا امر لا يمكن إحتماله، فكل هذه الضغوطات القاهرة وسط مجتمع معادي وسلبي وإنحيازي إلى درجة انه من الممكن ان يتم الإعتداء على امرأة في وسط الشارع بالضرب والعنف ولا يتدخل المجتمع ان علم بان من يقوم بالإعتداء هو زوجها او شقيقها، لان المرأة في هذه الحالة هي ملك حصري ويحق له التصرف بها كيفما يشاء دون تدخل أي شخص بهذه الممتلكات الخاصة.
هناك بعض المناطق في اليمن يعاملن النساء كأداة غير بشرية في العمل حيث يفرض عليهن مزاولة المهام الشاقة والخروج إلى الأودية والجبال للإحتطاب وجلب الماء ومن ثم القيام بكل المهام المنزلية دون شفقة او رحمة.
الحياة بشكل عام قاسية في اليمن، وهي حتما الأكثر قساوة بالنسبة للمرأة، فلا تفكر ان تتقمص دورها، ولكن اسعى إلى تبديل وضعها ونشر ثقافة المساواة والعدالة ونبذ التطرف والاقصاء بسبب الدين او المذهب او العرق أو الجنس.