الحبّ السّوري المجنون



نادية خلوف
2017 / 11 / 11

إنّه الحبّ يا سيدي!
لا تسأل كيف يكون الحبّ عندما تكون في الوطن العربي، و عندما تكون في سورية بشكل خاص، فحبنا نحن السوريون تجاوز حب روميو وجولييت، عندما مرّرنا لنضع على قبرهما باقة ورد تمتمنا لهما ببضع كلمات:
نرغب أن نعلمكما كيف يكون الحبّ الكبير، والحبّ المجنون. كنتما نقطة في بحر الحبّ. اسألوها -أعني حبيبتي- قال أحد العاشقين قرب مثوى روميو وجولييت.
أجابت الحبيبة: أحبّه لدرجة العبادة. راقباني كيف أقبل حذاء حبيبي، وهو شامخ كالجبل الأشمّ. هو حبّي المجنون. أولئك النسوة اللواتي لا يعرفن قيمة الحبّ قلّة في مجتمعنا الجميل المعطر بالورد والياسمين الشّامي وأصالة بلاد الشّام العريقة. نحن من سوريا. اشرح لهما يا حبّي عن عظمتك، وإنجازاتك التي حقّقتها.
استجاب الحبيب على الفور: أنا يا روميو رجل قادم من الأساطير، هل سمعت بكلكامش وعشتار؟ هذه المرأة فضلتها على عشتار التي طلبت مني أن أتزوجها، قصتيبسيطة. نحن شعب لا يحبّ التعقيد: كنت في زيارة لحيّ تلك المرأة عندما كانت في العشرين من عمرها، نظرت إليها،فغمرتني الشهوة من رأسي حتى أخمص قدمي، وسحبتها بيديّ القويتين. تمتّعت بها لحظات ثم مشيت إلى بيتي. لم يعد بإمكانها الزواج من غيري، وأصبحت تأتي إليّ ذليلة في كل يوم بالسّر عن عائلتها كي أتزوجها ولو ليوم واحد كي لا ينفضح أمرها، أبت شهامة الرّجل فيّ إلا أن تلبي النداء، لكنّ للزواج شروط، هناك شروط علنيّة وأخرى سرية. من الشروط السرية أن تجهض الطفل، فلا أريد لأبني أن يكون ابن حرام، وأما الشروط العلنية فقد كان مهرها مقدار ين ياباني حيث يجوز تسجيل المهر بالعملة الصعبة ، وما تبقى فسوف يكون وفق الشريعة السمحاء حيث أن قيادة الأسرة من حق الرجل، والنساء الأربع، والعبيد أيضاً، وكوننا علمانيين فقد قرّرنا أن يذيع صيت حبنا، وعندما ذاع كانت نساء الحي يسألن حبيبتي من أين وجدت هذه اللقطة؟ قولي لهما. هل أخطأت ولي؟ -معنى ولي باللهجة السورية في بعض المناطق يا وليّة-
ضمته حبيبته، وقبلته بينما كان يدخّن سيجارته، وينظر إلى الأفق البعيد، وتتناثر صفوة السيجارة على عينيها المغمضتين، وهي تكيل له المديح: ليس مديحاً بحبيبي، لكنه عظيم. أسميه أحياناً البطل.
توقفي عن الكلام ولي؟
من أين يأتي هذا الصوت يا حبّي؟
-من القبر أيتها المغفّلة. أنا جولييت. اذهبي وانضمي لحملة مي تو. هذا ليس حبّاً إنه اعتداء جنسي مستمر.
-ما أسخف جولييت يا حبيبتي. أسكتيها من أجلي.
-طلباتك أوامر أيها العظيم
- ابتعد قليلاً حبيبي. سوف أقول لها سرّاً عظيماً عن حبنا.
أنت يا جولييت شخصيّة وهميّة، وأنا حقيقيّة. ما هذه "المي تو" التي تتحدثين عنها؟ لست مغفلة يا عزيزتي. لو تحدثت بالموضوع لطلقني زوجي، ولما أنجبت الأطفال، وطردت من بيت أخي، ولتكالب الناس عليّ فأصبحت قتيلة إما رجماً أو بطلقة ، أو بسكين المطبخ، ويحكم القاضي ببراءة الجميع لأن موتي كان غسلاً للشرف.
-لقد عدت ولي. قفي قربي، و قبليني من فمي كي نأخذ صورة سيلفي، وسوف أكتب تعريفاً للصورة عندما تعشق المرأة بجنون!
-وهل الرجل لا يعشق أيها العظيم؟ لا ولي. الرّجل يتمتّع بالنساء فقط.
أسمع صوت رجل من القبر.
-أنا روميو. اذهب من هنا أيها النذل. لقد دنّست قصص الحبّ، وأنت أيتها المنافقة. ما دمت تكرهينه. لماذا تمثّلين دور العبد.
-أحافظ على عائلتي يا روميو. هل ترغب أن يخرب بيتي؟
-هو يعرف أنّك منافقة. وفي النهاية سوف يذهب إلى أخرى.
-اتركي امر جوليو لي .ولييي.
هذه طلقة في الرأس، وتلك لجولييت.
قتلتهما. يريدان تحريضك عليّ، وما دمت قد استمعت لهما سوف امشي وأتركك.
-"تعال حبيبي تعال، كفاك دلال"
-حسن. ها قد عدت. اركعي على ركبتيك، والثمي حذائي، وكوني لطيفة مع بنت الجيران التي أجلبها إلى المنزل من أجل أن أتمتع بها.
-حاضر أيها العظيم. فقط لا أرغب في الطلاق.
-اكتبي إذاً بوست على الفيس
-حاضر أيها العظيم.
-قولي: عشقي له مجنون، لا تعرفون كيف يكون الحبّ في بلد الحضارات، والياسمين.
-أرأيتِ كم من الإعجاب والتعليق نال المنشور؟
اقرئيها بصوت عال على روح روميو وجولييت.
التعليقات:
-بالطّبع. نحن سوريون ونفتخر.
-نحن من علّم العالم الأبجدية.
-"احمل معولك واتبعني"
-سوف أكتب مقالاً لصحيفة العربي الجديد، وجيرون عن الحبّ السوري العظيم
-نحن محطة الجزيرة. سوف نتشرف بلقائكم
-نحن محطة العربية
-نحن محطة سما
-أنا باري عطوان
-بس ولي. يكفي. هل سوف تقرئين المئة ألف تعليق
يكفي أننا أثبتنا للعالم أنّنا شعب عريق. . .