احلام في مقتل



بومنجل خالد
2017 / 11 / 28

تبدا حياة الانسان منذ ولادته من اول يوم خرج من رحم امه فتكون الروح بجسده طاهرة خالية من كل اثم ولكن حياته العقلية تبدا من اليوم الذي يبدا فيه بادراك الاشياء والتعمق فيها ومن ثم فانه يبدا في تحمل مسؤولياته اتجاه نفسه واتجاه الاخرين ولكن القوانين تحدد سن المسؤولية بعمر الثامنة عشر عاما حيث يكون الفرد مسؤولا عن افعاله امام القانون. لكن الحقيقة ان الحياة العقلية للفرد تبدا قبل ذلك بكثير فهي تعود الى اول يوم يستخدم الفرد فيه حواسه لمعرفة الاشياء ومن ثم استخدام العقل للتمعن فيها رغم بساطة التفكير وقلة المعلومات اين يكون الادراك مشوها وناقصا الى ان تكتمل الصورة لديه نتيجة التعلم والخبرة. وكغيري من بني البشر ترسخت لدي الكثير من الافكار منذ ذلك الحين وبنيت لنفسي احلاما من واقع مرير احلام اصبحت اهدافا اعمل بكل جد من اجل تحقيقها لكن الانسان بقدرة عقله يبدا في التركيز على المطالب الاساسية لنفسه فتتقلص اهدافه وتتقلص معها احلامه فمرة يصاب بالإحباط ومرة يحس بالتفاؤل وبين الحالة والاخرى يرسم خططا بديلة من اجل ان يحقق الحد الادنى من احتياجاته الاساسية وذلك طبعا بالنظر الى حدود امكانياته. وان مقالتنا هذه عن تجاربنا الشخصية ستعتمد اساسا على ذاكرتنا انطلاقا مما ترسخ فيها من تجارب وخبرة في الحياة.
تؤثر مكتسباتنا على طريقة تفكيرنا وفي كثير من الاحيان تكون حالتنا النفسية تعبيرا عن تلك المكتسبات واول ما ترسخ في ذاكرتي كان بعمر الخامسة صور خالدة لا تزال تجوب فكري هي صور لجثث مترامية و رؤوس مقطوعة نتيجة العنف والتطرف في فترة كانت البلاد تعيش ازمة الارهاب وان كانت الصور لا تفارق مخيلتي فهي من هول بشاعتها …لم اكن اعلم اهي لعسكريين ام لمدنيين أهي جثث ارهاب ام جثث عسكرين بالزي المدني لكنها ترسخت في ذاكرتي ... بحيث لا يمكنني تجاوز الصور حتى وانا في سن الثامنة والعشرين من عمري في ذلك الوقت لم يكن يهمني جثث من هي وكنت مطمئنا انها ليست جثة ابي او جثة اخي ولا جثة اي من اقاربي ولكنها جثة احد ما ...كان الليل يعني وجود مواجهات بين الجيش والارهاب وكان يمر افرد الجيش من امام المنزل ويقولون اشعلوا الانوار ومن ثم يمر الارهاب و يقولون اطفئوا الانوار كنا نخاف من هجوم كليهما فنأخذ بأمر الاول حينما يطلب ونأخذ بأمر الثاني حينما يطلب لا بديل لدينا الا اتباع الاوامر والا اصبحنا في عداد الاموات نعم انه حكم الاقوياء على الضعفاء حكم المسلح على الاعزل... كنا ننتظر النهار بفارغ الصبر حتى نخرج من جحورنا ونذهب للعب واي لعب ذاك بدون العاب فقد كنا نقوم بجمع ما لدينا من دنانير نشتري بها كرة ونذهب لنجري ورائها في المساحات المسطحة كانت المباريات تدوم ليوم كامل فنلعب الشوط الأول قبل الغذاء ونعود لنلعب الشوط الثاني بعد ان نشحن طاقاتنا وعند الخامسة مساءا يأتي شخص ويأخذ منا الكرة ويقطعها بسكين ويقول لنا اذهبوا الى المنازل يا اولادي اخشى ان يقوم ضرب البلوط و تكونون ضحايا فنهرب مسرعين الى المنزل هكذا كانت ايامنا وفي اليوم الموالي نبحث عن مصادر للكسب كبيع النحاس او النيلون من اجل شراء كرة اخرى ...الى ان دخلنا المدرسة الابتدائية لتتقلص فرص اللعب لدينا لان اللعب كان اغلى احلامنا لم نلعب ما يكفي ابدا خلال طفولتنا و ليس الدراسة فقط ما كان يمنعنا ...كنت مع ابناء الحي وابائنا نذهب الى اماكن بعيدة جدا من اجل الحصول على الماء العذب وكم كانت المسافات طويلة في رحلة البحث تلك عن اساسيات الحياة خاصة في اجواء الحر ...اما في اجواء البرد فكنا نبحث عن الدفء بكل مكان كنا نشعل الحطب في مدفئة قديمة… ففي الشتاء نجمع الحطب مثل البدو الرحل في زمن يقال عنه ان حيينا مدينة ...لم تكن توجد شبكات وصل الغاز وكانت قارورة غاز البوتان رحلة اخرى تجعلنا نبيت في العراء من اجل الحصول على قارورة واحدة او اثنتين... في سن كان يفترض ان نحصل على اللعب اكثر من اي شيء اخر قتلت كل احلامنا في اللعب تارة على ايدي الارهابين وتارة بسبب مصاعب الحياة التي بدأت في سن مبكرة في وقت كان يجب ان يلتزم بها اباءنا فهي مسؤوليتهم وليس من الرجولة في شيء ذلك الذي لا يتحمل مسؤولياته ويرمي بها الى أطفاله و زوجته وقد تلتمس لهم العذر لهول ما كنا نراه من جرائم بشعة ليلا نهارا...و في المدرسة كان هناك عذاب من نوع خاص عذاب يجعلك تنفر من كل معلم كان في تلك المدرسة الابتدائية فقد كان اغلب الطلاب فقراء لما تعيشه البلاد من وضع متردي فملابسنا كانت بالية وفي اغلب الاحيان متسخة لأنه لا وجود للماء وكان يجب ان تقتصد كل ام في الغسيل الى نهاية الاسبوع للحفاظ على الماء وحتى الاستحمام كان من اسبوع لا سبوع والا انتهت مدخراتنا من الماء هباء وليس في ذلك حرج بان اعترف بان ذلك اللباس ربما كان الوحيد الذي نملكه حتى لا نخرج عاريين... ورغم كل تلك المعاناة كانت احلامنا معلقة على مدرسة نبني فيها مستقبلنا بعيدا عن الجهل بعيدا عن التطرف فبعضنا يريد ان يصبح طيارا واخر طبيبا واخر مدرسا والاخر ملازما في الجيش وكلها من اجل رخاء الاسرة لكن الواقع شيء اخر فمعلمتنا الغالية كانت تحتقرنا ولا تقدر ظروفنا كانت تحضر اغنى طالب في الصف وتقول لنا لماذا لا تكونون مثل هذا لماذا انتم متسخون وغير مرتبين اليس في بيوتكم امهات...في ذلك الوقت لم نكن نفهم لكن كنا فقط نتضرر ونتألم… ولما تخبر امك بهذا تتألم اكثر واكثر وتبدا في التقليص من مستلزمات الطبخ فنحرم من الكثير من الاكلات من اجل ان تشتري لك امك لباسا جديدا يجنبك حقارة المعلمين ...و ان تحصل على لباس يعني ان تحرم من الاكل هكذا هي الحياة حرمان و معاناة ...لم يكن والدي يعمل الا نادرا بسبب الاوضاع الامنية الحرجة لذلك كانت تغضب امي عندما لا تجد ما تسد به حاجتنا من الجوع وغالبا ما تذهب عند اعمامي الى ان يوفر بعض المصروف فلم يكن يفعل ذلك الا وهو مجبر حتى لو كان ذلك متاحا والامر الغريب في الامر انه لا يتوقف عن ممارسة الجنس وانجاب الاولاد حتى ان اخي الاصغر تم منحه كهدية لزوجين لا يمكنهما الانجاب...نعم الام ضحت بمولودها من اجل ان تضمن عيش الاخرين وان تضمن لابنها الصغير عيشا اكثر رفاهية من بقية اولادها بينما الاب ليس في يديه حيلة لأنه لا يستطيع تحمل تكاليف مولود اخر فقد كانت تروي المرحومة انها كانت تغلي الماء وتضع به بعض السكر من اجل ان تسكت اختي او اخي الاقل منها فما بالك بمولود اخر يعيش محروما مثل بقية اولادها نعم انه الفقر يا سادة يفعل هذا واكثر كان هذا في جانفي من عام 1998 ميلادي حيث كان الارهاب قد بدا في التناقص وبد ان هناك بوادر انفراج في الازمة الامنية حيث بدا السهر وبدا الناس يتجولون بحرية مقيدة في الليل حيث غالبا ما تقتحم قوات الامن اماكن التجمعات من صالات الالعاب وتقوم بتفتيش الشباب ولكن تلك الصالات كانت بالنسبة لنا رحلة اخرى من اجل تمضية الوقت والتمتع بلعب العاب الفيديو المختلفة حتى اننا كنا نتنقل من صالة الى اخرى من اجل لعب العاب جديدة ونرهق في بعض الاعمال من اجل الحصول على 10 دنانير تمكننا من اللعب مرتين في الة اللعب رغم ان اجسادنا ضعيفة وصغيرة على العمل لكن اللعب كان حلما كان حاجة ملحة لمن هم في سني كلنا نفكر بنفس نمط التفكير...ولان الحاجة ام الاختراع فقد كنا نخترع اشياء من اجل ارضاء رغبتنا في اللعب فنصنع سيوفا ونلعب لعبة الكواسر وحين يعرض مسلسل اخر عن الحرب او الثورة فإننا نلعب لعبة المسدسات ولو عرض شريط للانتفاضة الفلسطينية بالحجارة فإننا نلعب لعبة الحرب بالحجارة نعم نشبع رغبتنا بوسائلنا الخاصة حتى الكرة اصبحنا نقوم بحشو الأوراق في كيس الحليب ونجري خلفه لم نكن نعتمد على احد في اشباع رغبتنا باللعب… هناك الكثير في الذاكرة حول تلك المرحلة من الطفولة لكني لا استطيع ترتيبها فبينما انا اكتب تتدفق الذكريات الى راسي كأنها تحاول ان تجد مكان لها او انها تحاول الخروج لتعبر عن نفسها ضمن هذه الاسطر و رغم ان احلامنا كانت تقتل بواسطة الفقر والارهاب ومسؤوليات غيرنا الا اننا حظينا بأوقات ممتعة في اللعب حققنا الحلم ولو باقل اقدر ممكن. وفي ذلك الوقت لم يحرم احد من اللعب كما حرم منه اخي محمد امين الملقب ب مامي لأنه كان يذهب الى المزابل ويحاول التقاط لقمة العيش مع اصدقائه فكانت هناك مزبلة لوناما اين يلقى بيض الدجاج الغير مكتمل او حتى مأكولات وحلويات منتهية الصلاحية فكان يتلقفها ويعطينا منها لناكل وكان مجبرا عن التخلي على دراسته لأجل ذلك .
لا ازال اتذكر يوم سلم قدوتي " اليمين زروال" المشعل لفخامة عبد العزيز بوتفليقة حيث كان يطغى الحدث على كل وسائل الاعلام المكتوبة و المصورة واعجبت به في العديد من المناسبات اين كان يرتدي الزي العسكري ويعد الشعب بالقضاء على الارهاب كان رجلا اجتمع الجميع على حبه جيش شعب معاك يا زروال...تلك اسباب تخصصي في علم السياسة لأرى لماذا تحظى بكل تلك التغطية بينما السبب الثاني هو لمحدودية مستوى افراد الاسرة فأعلاهم مستوى اختي وتوقفت عن الدراسة مباشرة بعد ان حازت على شهادة البكالوريا والبقية لا يفقهون شيئا فيما هو مهم وغير مهم لمستقبلي و حتى الوالد لا يهمه ماذا سأكون فيما بعد لأنه يريدنا ضعافا يقوى دوما على سحقنا ...وعرفت الفترة احساسا بالأمان بين اوساط الشعب...لكن ظهرت معه صور جديدة للإجرام سرقات واعتداءات جنسية وانتشرت مفاسد اخرى كالخمر والمخدرات والادوية المختلفة وانتشر بين الشباب حمل خنجر من نوع "كلونداري" او سكين ثلاثة نجوم يضربون بعضهم البعض ليثبتوا انهم الاقوى وانتشرت موضة زينة الخد اين يضرب احدهم اخر على وجهه و هذا الاخير يعمل على رد الدين ... فترة اخرى لعدم الاحساس بالأمان اتذكر جيدا ان مجموعة من الاوغاد كانت تترصد طالبات الفصل الثانوي تحاول اغتصابهم واتذكر جيدا اني لم اسلم من ذلك وانه كان علي الدخول في مشاجرات حتى اصل الى الثانوية وبينما انا ادرس يقوم من تشاجرت معه بجمع جيش من الاوباش وينتظرك خارج الثانوية لينتقم ولم اكن اسلم الا لوجود اخي و اصدقائه من الجيران يتعقبون اثري وفي احيان اضرب بشدة واعود مثل بقية الشباب لانتقم وكل هذه الاعتداءات كانت على مقربة من الوحدة الجوارية للأمن التي لم تكن تتدخل الا بعد انقضاء الشجار اين يتجه المضروب لتقديم شكوى وتمسك بالجاني الذي يسجن ليخرج بعد ايام معدودة نتيجة الاعفاءات المتتالية من فخامته مع كل عيد وطني او ديني .
اما على صعيد الاسرة فالأمور اسوء فبينما كان الجميع يفر الى المنزل هربا من الجحيم كان منزلنا الجحيم بذاته وربما اسوء وجد والدنا العزيز الغالي عملا لنفسه او بالأحرى عملا يتفق مع شهواته ويرضيها فقد كان مسؤولا عن المشروبات الكحولية في بار ينسب الى اسم صاحبه الملقب برمضاني وكان دائما ما يمنح لوالدتي مالا قليلا ولما تساله يقول لها هذا ما لدي و يقول انا على ابواب جهنم بسببكم انتم ...ولا اعلم من ارغمه على انجابنا ومن ثم يدعي الانفعال وحتى يهدد بقتل نفسه بخنجر او ربط حبل المشنقة حتى نصدقه فكانت تسكت ولا ترد واتذكر في احد الايام كابوسا لا يزال يراودني الى الان ...ان حمل مدفئة كهربائية وكاد يحرق وجه امي بها نعم انها الغطرسة والقوة تجعلك تنفذ ما تريد دون حسيب او رقيب وكأن الحياة لا تنتهي بالموت لتجد نفسك امام الرب في جهنم وبئس المصير...نعم كان يخفي المال من اجل اشباع رغباته الجنسية وارضاءها خاصة وانها التي بدأت تتزايد مع دخول اجهزة الاستقبال الفضائي الى الخدمة وكانت افضل القنوات لديه تلك القنوات الاباحية وغالبا ما كنت اسمع امي في الليل تقول نم توقف عن مشاهدة هذا فان سنك لا يسمح ... لا حياة لمن تنادي وكالعادة في اخر الشهر يعطيها ما لا يكفي لسد احتياجاتها واحتياجات ابنائها وفي النهاية جاء بعاهرة الى المنزل مدعيا انها مسكينة بلا مأوى وقد حن قلبه ورق عليها لكن الحقيقة سرعان ما تظهر لتنكشف امامي بكل تفاصيلها وانه كان يضغط على امي بالجوع و العوز من اجل استقبالها في المنزل وما هي الا سنوات حتى تكتشف والدتي خيانته و خيانتها فبين الحين والاخر كنت اسهر خارجا فأجده يأتي الى الحي باكرا ومعه الخائنة فتدخل هي بما يطيب من المأكولات التي يشتريها لها ومن ثم يبقى جالسا في المقهى الى وقت متأخر ليقول لوالدتي لقد تأخرت في العمل نعم انه الشيطان حين يمكر ولما اذهب اليه يعطيني مقدارا من المال ويقول لي لا تخبر امك ولكني اتجه راسا اليها واخبرها ...يوم بدأت اشاهد خيانته وتعمده ابقائنا جياعا قررت العمل لأساعد امي وكنت صغيرا جدا على العمل في سن 14 بدأت اعمل في ورشات البناء رغم اني هزيل لكني استطعت ان اعمل واكسب رزقي من اعمال شاقة وغالبا ما كان يهرب البناؤون من التزاماتهم بعد العمل فلا نحصل على الراتب كاملا ونبقى نجري ورائهم من اجل بقية الراتب كنت امارس اعمالا مرهقة باقل الاثمان المهم ان لا تحتاج لمعروف من شخص اخر ولما اصبحت في سن البكالوريا لم اكن ابدو اني كبير في السن لان جسمي بقي صغيرا بل كنت مجبرا على ترك الدراسة في الثانوية لفترة من اجل ان اعمل وكنت اعمل مع بناء اسمه حميد بعاج وهو شخص لوطي منحرف وكان له تأثير كبير على مساري في الحياة اتذكر مرة انه طلب مني ان امارس اللواط معه والا فانه سيجعلني ارهق في العمل ولأني رفضت ذلك فكان عقابي ان ارفع اكياس الاسمنت من الطابق الاول الى الطابق الثامن ومنذ ذلك الحين هربت من تلك الورشة لأبحث عن مكان جديد فوجدت عملا لائقا مع صديقي حمزة لكن تأثير ذلك اليوم لا يزال مرسوما في ذهني وجسدي لان عمود الفقري تضرر كثيرا واصيب باعوجاج جعله اضعف شيء في جسدي ارهقت وانا في سن مبكرة لكني احارب لأحقق احلامي وفعلا نجحت لأني تجاوزت البكالوريا وكنت ضمن الطلاب الجدد بتخصص العلوم السياسية التي لم اجد شخصا ينصحني بعدم اختيارها كما انها رغبة كانت ملحة لإعجابي بالرئيس اليمين وروال وبئس التخصص الذي اخترته.
واذكر مرة انه تم طرده في العمل فجاء الى المنزل مهزوما ونحن نعمل بجد وكد بنتا وولدا من اجل تحقيق انفسنا واعالته معنا لكن هل ينفع الخير مع الشياطين.
بدأت عامي الجامعي وانا كلي امال في الوصول الى آمالي واحلامي التي تغيرت الى التحرر من طغيان الوالد وجبروته من اجل اعالة الام والاسرة و لكني دائما اصدم بالشيطان الذي يجعل حياتي جحيما ولا اعلم اين ابدا...ولاني اردت ان احرره من مسؤوليتنا واحرر نفسي منه فقد استجمعت قوتي وتحدث اليه ذات مرة في مقهى وقلت له يا ابتي اني اريد حمل المسؤوليات عنك لكن ليس بمقدوري هذا لان راتبي سيكفي اخوتي لكنه لن يسمح لي ببناء حياتي الخاصة فتحمل مسؤوليتك كالرجال الى حين انهي دراستي الجامعية بدون اخطاء وادخل الى الجيش كملازم فكون راتبي كافيا بجعلك تتحرر من مسؤولياتك كما يكفي ايضا لابدا حياتي مثل باقي البشر فأجابني بالقول نعم لديك ثلاثة سنوات وبينما انا في عامي الثاني الجامعي فاذا به يتملص من المسؤوليات ويطردني خارج المنزل فكنت اعمل ليلا وادرس نهارا لكن قوتي لم تسعفني لأني كنت بحاجة الى الراحة لمشاكل عمودي الفقري فأخطأت في تخطي العام الثاني جامعي وان كنت الان متحصل على ماستر في العلوم السياسية لا تغني ولا تسمن من الجوع وليست ذات فائدة تذكر في الحياة... في تلك الاثناء تعرف صاحب الرغبات الجنسية على فتاة اخرى وتزوجها خلسة لكن امي اكتشفت ذلك فقررت طرده من المنزل لكنه لم يذهب بل كان يقاوم ويهددها تقديم شكاوي للأمن بان اولادها قد ضربوه وسيجعلنا نقبع في السجون ويتفرغ لعقابها نعم تلك هي القوة القانونية التي استند اليها وهي معاقبة القانون للأبناء مهما كانت صفتهم حتى ولو لم يفعلوا فان حصوله على عجز طبي سيجعلنا ندفع الثمن فقط لإغاظتي والدتنا بل ان القانون سيعاقبك حتى لو لم يكن به عجز ومن ثم فإنها كرهت الوضع وذهبت للشكوى لدى محام لكن لا شيء تغير فهو يعمل في بار اين تذهب كبار الشخصيات من الفاسقين و قام بإبطال ابطال مفعول الدعوى ولم تكن امي تجرء للذهاب بعدها للشكوى لوكيل الجمهورية كما ان تكاليف المحامي ليست بحوزتها نعم انها القوة مجددا كيف تجعلك عاجزا امامها القوة التي تجعل احلامك وربما ابسط مما تطمح ونفسها القوة التي تجعلك مجبرا ربما قد تختار العنف طريقا واي عنف هو خيارك ضد الاخر ام ضد نفسك حين تفقد احلامك في تلك السن تبدو الحياة بخسة لا تستحق ان تعاش ولو لبرهة وهكذا فان حلمي تحول فقط الى التحر من الظلم واي ظلم هذا فقد تطور واصبح يقول لأمي هذه هي النقود ولن اعطي لك اي فلس لتبقي في الجحيم مع ابنائك وغالبا ما يرمي لها بعض النقود في الارض التقطي يا كلبة ...لكن اي امرأة تلك التي تعاملها هكذا يا شيطان انها من تحملتك دهرا لا بل وقبلت بك زوجا حين لم تقبل بك فتيات قسنطينة ومن المعروف ان من لا يتزوج من بنات عمه او خاله قديما ان به عيبا فبحث عمن لا تعيبه في ولاية اخرى نعم ايها الاخرق انها امي يا انذل الرجال وارخص البشر نعم انت نذل وهي حرة لم ترضى الذل على نفسها فرفضت حمل النقود عن الارض فخرجت تعمل وهي بذلك الجسد النحيل المريض والمتهالك لإصابتها بداء السل ... كنت اتقاسم معها راتبي الضئيل المقدر بثمانية الاف دينار جزائري وراتبها ايضا مثل راتبي لذلك كانت تبحث عن مكان اخر في كل مرة نعم عشنا الجحيم بسبب شخص لا يتحمل مسؤولياته بسبب شخص جعل منه الاسلام الها بعد الاله وكلما اردت استرجاع حقك فان الزمن لا يرحم اما للتقادم حسب القانون او لان للاب صفة الهية ويقول لك الجميع انه والدك فتحمل الكل يلقي بالحمل على عاتقنا ونحن في مقتبل العمر ومن ثم يتساءل الجميع لماذا تحدث الجرائم البشعة في الاسرة ؟؟؟ لا يمكنني حتى ان اتذكر كم الشر الذي سقط على راسي من ورائه وكل ما استطيع هو ان اكرهه لدرجة انه يمكنني اكل لحمه دون طبخ لكني استغفر الله لا عود الى رشدي وبعد مدة دخل اخي الاصغر الى الجيش واصبح يساعدها مع اخي الاكبر من حين الى اخر كنا نعيش في سلام مدة رغم ان وضعها الصحي يسوء وكان علينا ان نشتري عدة تنفس صناعي لامي من اجل ان تستمر في الحياة بضع ايام اخرى... وفي يوم 7 فيفري من عام 2016 توفيت المغفور لها والدتي وكل ما اتذكره اني بكيت رغم اني لم ابكي منذ كنت في 16من عمري بكيت بحرقة و كلمات رضاها عني في الدنيا تخفف المي وتكبح وجعي توفيت وهي تقاوم في الظلم من شخص كان يفترض ان يكون زوجا وسندا لها لا ان يكون عدوا لها ...ولان قلوبنا رحيمة فقد اجتمعنا به ومنحناه كل الحنان الذي كانت تستأثر به امي لفتح صفحة دون خلافات واي اغبياء كنا عنما ظننا بان الذئب سيغريه الحنان انه مجددا يعود لطردنا من المنزل ومن وقع الصدمة كانت اختي تجن لانهيارها عصبيا جراء المشكل وقد قررنا اقتسام المنزل معه ومع زوجته لكنه لا يريد ذلك بل يريدنا خارجا من منزل لم يتحمل فيه ابسط مسؤولياته وقد كنت في ذلك الوقت قد قررت دخول مسابقة الدكتوراه وانا بصدد المراجعة لها ولكن لم استطع المراجعة بسبب مشاكله المتعددة رغم اني كنت بحاجة لها فعامي الاول بعد التخرج لم استطع ان ادخل الى المسابقة بسبب عملي في العاصمة لحاجة ملحة بينما هذا العام سيضيع ايضا وبالفعل ضاعت مني المسابقة وكنت احتياطيا رغم اني بذلت جهدي ..عدت من العاصمة بعد يوم شاق لأجد دعوى ضدي بالضرب والشتم والتعدي على الاصول فتعجبت والمؤسف اننا جميعا معنيون بالدعوى القضائية ذكرا او انثى وقد تنازل عنها لاحقا بضغط من اعمامي وكانت تلك الدعوة ستنهي حياتنا التي لم تبدا اصلا بسببه فكان يستحيل علي إيجاد عمل لائق بسبب وجود جرم على شهادة السوابق العدلية كما انه كان سيطرد اخوي من الجيش ناهيك عن السجن وامور اخرى لكني لا افهم هذا القانون تماما لأنه ظالم بل ان القانون ذاته يدعوك لارتكاب الجرم بنفسك بدل ان تسجن على اثم لم تفعله على الاقل ستنتهي حياتي لفعل ارتكبته وليس لفعل لم افعله ولكني تعودت في بلدي بان الله جعل الاباء في مرتبة مساوية له وان القانون في بلادي صمم ليحمي الاقوياء ويقتل الضعفاء للك اصبر عسى ان اجد بلادا اخرى اكثر عدلا من جهنم ...لكن في كل مرة اقوم بخطوة نحو الامام يظهر الشيطان لينهي كل الاحلام كل امل في الحياة لان الامور الاخرى لم نعد نجرا على تخيلها ابدا فهي فقط كفر ...ابقى هادئا لان صوت امي يتردد في داخلي يقول وكل الله فانه خير المتوكلين ...فأهدأ رغم اني اضيع في التفكير اي اله هذا يا امي الذي لم ينصرك واخذك الى القبر اني اريد النصر قبل الموت يا امي وفي احد الايام طرد الشيطان من منزله فجاء الينا مجددا فكنا نتقاسم معه مصروفنا على قلته وتطعمه زوجة اخي بل حتى غفرنا له كالعادة كل شيء لكن بمجرد ان نال منحة التقاعد عاد الى زوجته التي ترفضه بدون مال وتقبل كل هداياه وامواله ومن ثم فقد عاد مجددا الى حياتنا وعد الى عاداته التي تجعل حياتنا بائسة لن اقتله ولن اوكل الله عليه لان الله الذي جعله قويا وجعلني ضعيفا لا اتوقع منه ان ينصرني لأنه لم ينصر امي انما ابحث عن القوة لأنصر نفسي فالله لا ينصر الضعفاء ولكنه ينصر الاقوياء ولو ظلموا...ولا استطيع ان اكتب اكثر اما للظلام بداخل قلبي او انه لا تكفيني حتى مئات الصفحات لأعبر عن عمق حزني وخيباتي لن تكفي لأعبر عن احلامي ورغباتي لان كل حلم حلمته اصيب في مقتل ولم يبقى لدي حلم سوى تحقيق اقل حاجة لدى الانسان هي ان استمر في العيش ولو كالحيوان فلا يمكن لأمثالي ان يرتقوا على هرم الاحتياجات الانسانية سأبقى ضمن القاعدة في ادنى الاحتياجات وهي تحقيق البقاء لا اكثر تحقيق الحاجيات الفسيولوجية التي يشترك بها الانسان والحيوان لا اكثر نعم اصبح هذا طموحي ولا اكثر.