كتب اثرت فى حياتى انثى السراب واسينى الاعرج



مارينا سوريال
2017 / 12 / 8

أعترف لك اليوم أيها الغالي بصحة قولك الذي يغتال ذاكرتي كلما اشتهيت أن أنساك: إذا بقيتِ على هذه السيرة ستضطرين إلى الموت وحيدة. و من قال لك أني أريد أن أموت بين أناس يشتهون إيصالي إلى أي قبر قريب وأنا حية؟ لقد مات هؤلاء الناس منذ زمن بعيد وشغلهم الوحيد أن يلحقوا بهم كل الأحياء مثل زمر النِّحل التي بدأت تتكاثر في البلاد. والدي، هُمْ من دفع به نحو الموت صمتا، ثم سبقونا إلى الأرصفة والمقابر والطرقات وذرفوا دموعا كثيرة.
ها أنا ذي اليوم، وللمرة الأخيرة، أستدرج القدر ليصنع معي نهاية أشتهيها، لا كما فصّلها لي الآخرون. نهاية أنحتها بأظافري وأغزلها بأصابعي. الموت هو الحالة الاستثنائية التي نمارسها وحيدين، ونعبر دهاليزها بدون رفقة. هل تعلم بأن الهنود الحمر كانوا يدركون قسوة الرحلة ولهذا اخترعوا لعبة مرافقة المحب بالانتحار المقدس. بلادنا المنسية صارت تنجب هنودها. أبي كان هنديا أحمر في انتحاره. ليس أبعد من البارحة، فوجئت بخبر وفاة فنان شعبي شاب أطفأ شمعته مبكرا في إحدى الطرقات السريعة وانسحب. المدهش في حالته ليس موته، فالحوادث المشابهة تقع آلاف المرات يوميا، ولكن ملابسات موت صديقه هي التي استوقفتني. عندما وصله الخبر لم يكلم أحدا. لم يبك. لم يعو بأعلى صوته كالذئب المجروح كما فعلت أنا في لحظة القسوة واليأس عندما خسرت والدي الذي لم أرث منه إلا خيباته وكمانه. صعد إلى شرفة الطابق الرابع المطلة على الغابة البعيدة والبحر المنسي الذي يختبئ كالسارق وراء الأشجار، ثم رمى بنفسه ليلحق بالفنان الشعبي قبل أن يتخطى هذا الأخير عتبات البرزخ. يبدو لي أننا شعب يرفض الحلول الوسطى، عندما يحب يتماهى في الآخر، وعندما يكره يأكل نفسه قبل أن يأكل غيره.
و ها أنا ذي قد بدأت آكل نفسي أو ما تبقى منها.
أفتح عيني على الطفل الذي فيّ، لماذا تتسمر هكذا؟ أما آن لك أيها الطيب أن تعبر؟ ألم تدرك بعد أن كل شيء انتهى؟ فالمرأة التي عشقتها عمرا لم تكن معك طوال هذا الوقت الميت، فقد عادت لتموت في سرها الأول الذي لعنته مرارا، سر التيه والجنون؟ الريح التي قادتها إليك كانت ساخنة، والأمطار التي شهدت موعدكما الأول كانت طيفا من حنين. تتساءل الآن في قفر هذه الذاكرة، ألم يكن اليوم الذي التقيتما فيه مجرد صدفة تم تضخيمها حتى صارت حبا؟ ألم تكن تداوي بك جرح الجنون الذي اغتال جسدها؟
يا يوسفي الصغير، هذه المرة كذلك لم يحالفك حظ الصواب معي. أنت مع امرأة الشطط، لا شيء فيها يوحي أنها موجودة. مهبولة لا أحد سواك يعيرها انتباه الكائنات. الذي تبحث عنه فيّ أنت خلقته لترى فيه وجه من تحب أن ترى. لست أنا إلا ما فيك أنت. ستتعذب كثيرا مثل كل محبي المستحيل الذين يتعذبون لغياب ما تصنعه لهم الظروف وأوهامهم."
مقطع من ظل الانثى
انه صوتا مختلفاله نكهته الخاصة الدامجة بين الشرق والغرب تجتر من مشاهد الحرب والخوف التى مر بها الكاتب اثناء تواجده فى الجزائر وقت الحرب التى قامت بها الجماعات الاسلامية وادت لمقتل عدد من المثقفين
واساتذة الجامعة انها رثاء كل من عرفهم وماتوا وتمكن هو من النجاه والهرب لفرنسا ربما يكون جزء من كل هذا احساس بضرورة الشهادة على كل ما حصل فى جزائرهم انها الرمز الذى تتمحور من حوله الرواية
بل وكل كتابات الاعرج ما بين الفانتازيا والتاريخ وهو النوع الذى لاقدر كما يجب فى دولنا العربية.