لم تصل مي تو إلى هنا



نادية خلوف
2017 / 12 / 15

الكاتبة: نجمة بوشلوخ
ترجمة: نادية خلوف
عن الصفحة الثقافية من صحيفة أفتون بلادت السويدية
في العالم العربي من العار انتقاد التحرش الجنسي.
شرحت الكاتبة الجزائرية آسيا جبار نسويتها تحت سلطة القمع:" يمكن حتى للحجر أن تصبح نسوية".
في حين أن حركة ميتو تشبه ثورة في الموقف في العالم الغربي، هناك صمت تام حول التحرش الجنسي في البلدان الواقعة على طول الساحل الجنوبي للبحر الأبيض المتوسط، في شمال أفريقيا، وحتى في منطقة الشرق الأوسط ودول الخليج، يبدو أن الموقف كأنّه يقول: "لاست أنا"، يمكن تفسير ذلك بالثقافة الصامتة والرقابة الذاتية العامة، ولكن أيضا بالعار والخوف لدى النساء.
حتى في بيئات الفنانين، المطالبة أن تكون مستنيرة وواعية سياسيا، لم تثار بعض الأصوات الاحتجاجية، ينطبق ذلك أيضا على الفنانات الإناث اللواتي ينبغي لهن أن يضطلعن بدور طليعي حول حقوق المرأة. هنّ يتكتّمن أمام الإهانة التي يدعين أنهنّ يعرفن أن هناك أكثر من الموهبة التي تساعد من أجل الوصول إلى المشهد الفني، ومن أجل الاستفادة من تلك المعرفة الفنيّة.
وفقا لموسيقي وملحن مصري معروف، فإنّ غالبية النساء على استعداد لدفع الثمن من أجسادهن. ادّعى ذلك في مقابلة تلفزيونية، وكمثال على طريقة ضمان مستقبل المهنة .هناك مغنيّة تونسية اجتاحت الساحة الموسيقية بفخذيها. وقال أيضا أنه نه لا يريد أن يقول شيئاً في هذه المناسبة، لأنه إذا فتح فمه، عليه أن يكشف عن مجموعة من الفضائح، وليس فقط عن هذه المغنية التونسية ولكن عن كل المغنيات وكيف يتصرفن وراء الكواليس.
وعندما هدد بالكشف عن مزيد من التفاصيل، يبدو أنه لم يفكر بزملائه الذين هم رجال أقوياء في هذا المجال، يستغلون الشابات اللواتي تحلمن بالنجاح الفني. كانت النساء هنّ اللواتي صوّبن الهدف على انتقاداته، وكان الغريب هو رد فعل المغنية التونسية على هذا "الكشف". وعلى الطريقة الشرق أوسطيه المغلّفة قللت من هجومه على أهدافها ، حيّته وقالت "إنه رجل كبير السن، وهو موسيقي عظيم ولدي احترام كبير له ولموسيقاه التي أحبها، وخلال انتهاء المقابلة قالت "ربنا يهديه"
نساء أخريات قمن بثورة غريبة في العام الماضي بعد أن اعتقلت الشرطة الفرنسية أحد المغنين الشعبيين المشهورين في العالم العربي من المغرب بعد ان اعتقلته الشرطة الفرنسية بعد ان قام باغتصاب شابة في فندق في باريس. جاءت التعبيرات الأولى عن التضامن والتعاطف مع المغني من النجوم النسائية. إحدى المغنيات خرجت قائلة: مثل هذا الفنان الشهير والمشهور والمغربي لا يجب أن يغتصب أحداً، وبعبارة أخرى، تود النساء أن يتطوعن كي يضاجعنه.
وفي الجو المحافظ الذي يميز العالم العربي، تعتبر ساحات الغناء والرقص والسينما "بيئات غير نظيفة". وغالبا ما يكون الذي أسسوا تلك السّاحات هم فاسدون كسياسيين في أوطانهم. وإذا تحدثوا بصراحة عن التحرش الجنسي، فقد يترتب على ذلك عواقب أخرى غير تلك المقصودة، يمكن أن تؤدي الانتقادات إلى شن هجمات مضادة ضد النساء وتؤدي إلى أعمال انتقامية أشد. فالأسر، وبخاصة الآباء والأخوة، قد يجبرنهنّ على إلغاء مهنة قد بدأت للتو. على مستوى الأسرة هناك مواقف تمنعهم حتى من الحلم بأن تصبحن فنانات.
في "الثقافة" الشرقية التي يعتبر فيها جسد المرأة مسألة ذكورية، من العار توجيه النقد العام للتحرش الجنسي. وليس من غير المألوف أن يعاقب الأضعف بدلا من أن يعامل معاملة عادلة مع إمكانية الانصاف.
ويحدث التحرش الجنسي ليس فقط في الشوارع وفي البيئات الفنية بل أيضا في السياقات الرسمية. ولدى بعض البلدان قوانين لمكافحة التحرش الجنسي والاغتصاب ، إلا أن تلك القوانين هي حتى الآن حبر على الورق، بل والأسوأ من ذلك أن الإساءة تحدث أيضا في الهيئات المسؤولة عن تطبيق تلك القوانين.
إن المحاربة الحقيقية للتحرش الجنسي تجري الآن بدلا من ذلك من قبل الفنانين الشباب الطموحين الذين وجدوا بفضل وسائل الإعلام الاجتماعية وخاصة يوتوب منصة يمكنهم من خلالها رفع أصواتهم عندما تغلق القنوات التلفزيونية الكبيرة الأبواب
في وهران، ثاني مدينة في الجزائر، تتلو إحدى الشابات الشعر الذي ينتقد التحرش الجنسي وتقول أنه ليس "مديحاً " أي التحرّش. سام مب البالغة من العمر 24 عاما أنيقة ،وقوية وساخرة للغاية في قولها (أنا مذنبة ). تضع اللوم الكبير: كونها امرأة لها جسد أنثى ، وشكل أنثى..
وبمعنى بسيط، تعترف سام مب بجريمتها عندما تدعو إلى التنقل في الشارع. أنها خطيئة متنقلة. إذا كانت جريمة أن تكون امرأة، فهي على استعداد للإعلان: "نعم، أنا خاطئة لأن جسدي مزعج في الشوارع، وأنا مذنبة بسبب دوافع أولئك الذين لا يسيطرون على أيديهم"
في كثير من دول العالم العربي، لا يعاقب المغتصب إذا وافق على الزواج من ضحيته. ويعتقد التشريع أنه يدافع عن حقوق المرأة بتزويجها من المغتصب. ولكن يبدو أن التشريع ينسى أنه يحكم على أن هذه المرأة لازالت مدنّسة . عندما هزّ مصر، التي هي في قلب العالم العربي، "الربيع العربي" عام 2011، كان أحد الإجراءات العسكرية الأولى هو إجراء اختبار عذرية المرأة. كل شيء يبدأ من الأعضاء التناسلية للمرأة وهناك ينتهي ،وبالتالي فإن حركة ميتو تبدو بعيدة عن حزام العفة العربي. نضال المرأة هو في المقام الأول لاستعادة جسدها باعتبارها ملكية خاصة بها، شيء خاص بهنا. ولا ينبغي أن يكون الشرف ، أو العار موجودا في أجساد النساء، بل في قيم وأنماط العمل الموجهة إلى الأشخاص المصنّفين على أنهم ضعفاء، سواء كانوا من النساء والأطفال والمعوقين، وغير البيض والمرضى والأميين أو الفقراء الناس.
ليس هناك أفضل من تعبير آسيا جبار .عندما ينام الناس حول هذا النوع من القمع، يجب على الحجارة أن تتكلم، حتى يتغير جانب العار من الضحايا إلى الجناة.