كتب اثرت فى حياتى خطاب الى الرجل الصغير



مارينا سوريال
2017 / 12 / 27

أعرف إنك كائن حي محترم واجتماعي وعامل مثل نحلة أو نملة. لقد فضحت فقط الرجل الصغير بداخلك الذي يحطم حياتك و...حطمها منذ آلاف السنين. إنك كبير أيها الرجل الصغير، حين تتجاوز صغارك وصغائرك. كبرك، هو الأمل الأخير الذي يبقى لنا. أنت كبير إذا ما اعتنيت بعملك، أنجزته بحب، إذا ما شعرت بالفرحة لحظة البناء والرسم والتربية والبذار، وحين رؤيتك للسماء والزرقة والغزلان وضوء الصباح وحين سماعك للموسيقى أو رقصك، رؤيتك نمو أطفالك، جسد زوجتك الجميل أو زوجك، وإذا ما رحلت إلى الكواكب من أجل فهم النجوم وإذا ما ذهبت إلى المكتبات لتسمع ما قاله رجال آخرون ونساء حول الحياة
ترك رايخ علوم النفس والاجتماع وانتقل إلى البحث عن أسباب مشاكل الإنسان في علوم الطبيعة.. وانتقل إلى المخبر باحثاً بنشاط.. فطوّر نظرية النشوة الجنسية "الأورغازم orgasm" التي كانت إحدى أسباب خلافه مع فرويد، حتى أصبح الأورغازم في نهاية البحث سبباً ونتيجة لمعظم الأمراض النفسية والجسمية معاً!


تنقّل رايخ من العلاج النمائي Vegetotherapie والتدليك وإشباع الأورجازم لخفض التوترات إلى نظرية البيونات Le Bions وبعد ذلك نقلة سريعة إلى الأثير حيث لا خلاص إلا بإعادة اتصالنا بالطاقة الإلهية الكونية وإلغاء الدرع Cuirasse الذي يفصل الإنسان عن الألوهية... إن البحث والعطش والصدق هو الذي دفع رايخ لإنجاز أبحاثه واكتشافاته، فالبيون وطاقة الأورغون، ومرصد الأورغون، وصناديق بطاريات الأورغون، والأورغون والذرة، والأمطار الصناعية، والأطباق الطائرة، والكوزموس أو الكون وأخيراً الأثير والشيطان والمسيح والله وغيرها... كل ما ذكر بحث فيه رايخ بجدية كي يصل إلى مسألة واحدة كرس لها حياته منذ البدء وهي نهاية العسر الإنساني وإلغاء جميع مسببات الأمراض.

إن البعض يدرك ويؤمن ويؤكد أن رايخ هو رجل المستقبل، ونظرياته الأخيرة (ما بعد الأربعينيات) تبحث في علوم المستقبل، وبلغة المستقبل.. ولأنها كذلك فهي عسيرة الفهم على محدودي الإدراك، لذلك أسيء فهمه واضطُهد.. فالنبي الذي يظهر في غير وقته دجال ولو جاء بالبينات وتلك حال الزمان......


اكتشف رايخ علمياً وعملياً أن الشخص المريض بالعصاب يسقط مريضاً بسبب الاضطراب التناسلي أو بالأحرى بسبب عجزه عن تحقيق لذة جنسية مشبعة، وقد أطلق رايخ على اللذة الجنسية كلمة الأورغازم، وعرفها بتعبيرات اقتصادية حين قال: "بأنها القدرة على التفريغ التام لكل الإثارة الجنسية المحبوسة خلال التقلصات اللذية اللاإرادية للجسد".

جوهر الخلاف مع فرويد هو إصرار رايخ على أن الشهوة غير المفرغة تؤدي إلى الأمراض النفسية أو الجسمية.. وطالما أن الجنس المكبوت أو المنحرف هو الداء في الأصل، لذلك يجب أن يكون هو الدواء أيضاً، ومعنى ذلك أن يكون هدف العلاج النفسي هو الجنس الصحيح والكامل...

قام بنشر كتاب: الشخصية الغريزية: دراسة حول المرض النفسي للأنا.. وفيه أبدى رايخ عداوة لا تلين إزاء الأنا، في حين كان فرويد يتعاطف مع الأنا ويتوجس ريبة من الغرائز فهو المستكبر "مؤسس وإله التحليل النفسي!"... يرفض رايخ مساومات الأنا لأنه يعتقد بأن إشباع الغرائز لا كبتها هو الحالة السوية، وأنه لا خوف على اللاشعور لأنه قادر على العناية بنفسه... واعتبر أن "القلق نتيجة للكبت من جهة، وسبب للكبت من جهة أخرى.. أي سبب القلق الرئيسي هو الركود الجنسي".

تلك كانت الخطوة الأولى في طريق الابتعاد عن فرويد، وجاءت الخطوة الثانية باستحداث نظرية تحليل الطبع (الخلق) التي قال بها رايخ.. والطبع أو الخُلق لدى رايخ هو الدرع الذي يُشهره المريض إزاء العالم، وبوجه المحلل على الخصوص.. الدرع هو المقاومة التي تحول دون تحرير الرغبات المكبوتة في اللاشعور.. لذلك كان دور رايخ هو تفكيك الخُلق لأنه نقيض الأورغازم، إذ أنه يتحصن بطاقة كان من المفترض أن تخصص للاتصال التناسلي الطبيعي وتُحقق الإشباع اللازم.. وهكذا يوجه العلاج النفسي لاكتشاف طبيعة الدروع وللعمل ضدها أو تخفيفها لأن نجاح العلاج يقاس بمدى ازدياد طاقة المريض لتحقيق اللذة التناسلية.

ولم يجامل رايخ أو يهاب في رفضه القاطع أو معارضته لبعض المفاهيم.. فقد كان من ألد أعداء "غريزة الموت" وله موقف خاص من عقدة أوديب، ومن فترة الكمون، ومن التحرر الجنسي.

رفض كلياً غريزة الموت لكونها تعني بأن معاناة الإنسان أمر حتمي، سواء في ظل الرأسمالية أو الاشتراكية... ومفهوم غريزة الموت في نظره مضادة للتحليل النفسي، فبدل أن يكون التحليل بمثابة نقد ثوري للمجتمع القمعي، أصبح مستسلماً لمقولات بائسة تؤكد بأن البؤس ملازم للحياة وأنه لا نتيجة ولا أمل لأي محاولة تغيير.

لكن العدوانية والعذاب ليست إلا رد على القمع والكبت الاجتماعي..والاتجاه العدواني ليس إلا انعكاس لثقل تراكم الرغبات المكبوتة في اللاشعور، وهو صورة خارجية عن الشهوة المكبوتة، لأن قمع الرغبات الجنسية إنما يضاعف قدرة العدوان.. وهكذا تتحول الطاقة الجنسية المكبوتة إلى طاقة تدميرية.


إن تأكيد الانتماء إلى الثقافة الأبوية وإدامة نظام الأسرة، والإبقاء على التقاليد والأعراف الاجتماعية ذاتها ومعالجة العصابيّ الخارج عن هذه القيود والمُثل من خلال تحويل "أناه" المتمرد إلى "أنا" طيّع ومتكيف مع المجتمع.. كل هذه العملية أليست سياسة ونجاسة؟ أوليست هي محاولة للإبقاء بشكل متعمد ومقصود على أدوات القهر والكبت ومسببات الأمراض النفسية؟

"إن التعفف الجنسي الذي يطلبه مجتمع الكبت من المراهقين أدى إلى العنف وجرائم الأحداث وإلى العصاب والانحرافات، كما أدى بطبيعة الحال إلى البلادة السياسية، ولهذا دعت الثورة الجنسية أولاً وقبل كل شيء إلى تشجيع، وليس مجرد السماح، العلاقات الجنسية في سن المراهقة".......

وبالتالي فإن التحرر الجنسي ليس حلاً لمسألة الاضطهاد الجنسي فحسب، ولكنه في حقيقة الأمر إلغاء لكل أشكال الاستغلال.


ربط رايخ بين الحرية الجنسية والصحة النفسية، فلا تصح الأخيرة بشكلها السوي الدائم دون توفر الأولى.

وقد اعتبر بأن العائلة هي أصغر خلية رجعية قامعة في المجتمع، تديم النزعات السلطوية والعبودية سواء كانت العائلة برجوازية أم طبقة عاملة فهي لا تعدو عن كونها مصنعاً لإنتاج السلطة والعقلية المحافظة التي تفترض خضوع الأبناء وتدريبهم للخضوع فيما بعد لسلطة طبقة أو دولة.

التحليل النفسي ليس العلاج العملي الذي يمكن تطبيقه على نطاق واسع، لأنه يأخذ وقتاً طويلاً وتكاليفاً عالية... لذلك رأى رايخ أن الأهم والأجدى هو التوعية الجنسية للطبقة العاملة وعامة الناس.. فابتعد وانقطع عن التحليل النفسي واتجه إلى علوم الطبيعة والفطرة. عام 1937 اقتصر نشاط رايخ في السنوات 1934 إلى 1939 على نشر أعداد كبيرة من المقالات حول علم النفس السياسي والاقتصاد الجنسي، ففي عام 1937 نشر مقالات عدة منها "لمحة عن حقل أبحاث الاقتصاد الجنسي". وبضع مقالات عن "رد الفعل الشبقي".. ثم طورها وجمعها في كتاب "رد الفعل الشبقي، الوضع العضلي والتعبير الجسمي". ولقد أثار كتابه هذا ضجة كبيرة في صفوف المحللين والبيولوجيين والسياسيين ولقد نشرت الصحف الشيوعية وكذلك الفاشية عشرات المقالات لمهاجمة رايخ والتشهير به.

· عام 1938 ينشر رايخ أحد أهم مؤلفاته وأخطرها نظراً لما لاقاه من هجوم وتشهير وهو كتاب "البيونات" خصصه لاكتشافاته في مجال وحدات الطاقة الحيوية البيوكهربائية كما خصص باباً فيه للبحث في أسباب الأورام الخبيثة في الجسم ومنها السرطان. ويعود اهتمام رايخ بأبحاث السرطان إلى عام 1926-1927 حسب ما ذكره رايخ في كتابه عن فرويد.. وسبب هذا الاهتمام هو إصابة فرويد بهذا المرض وحرص رايخ على مواصلة أبحاثه لكي يجد علاجاً لهذا المرض الخبيث... إن هذا الاهتمام لن يتضاءل لدى رايخ بل على العكس سيكون همه الأول حتى يصل إلى نتائج مهمة ينشرها في كتاب "أسباب السرطان" عام 1948... إن اكتشافات رايخ التي ذكرها في كتاب البيونات قد استفزت الأوساط العلمية الرسمية والمجتمع المحافظ.. العلم الرسمي يعتبر رايخ عدوه الرئيس والمباشر. فقد نشرت الصحف في المدة الواقعة بين أيلول 1937 وتشرين الثاني 1938 أكثر من مئة مقالة هجوم وتشهير وتجريح، وحتى شتائم سوقية ضد رايخ. فقد وصف بأنه (إباحي، جنسي، يهودي....). ولكن الصحف الأخرى لم تخلو من أقلام المدافعين الذين نعتوه (الإله رايخ الذي يخلق الحياة).

· عام 1939 : لكن النرويج لم تكن بلداً أحسن من غيره.. فلقد كُتب على رايخ أن يتشرد مرة أخرى. فقبل أن تنتهي إقامته سحبت من جديد. وهكذا يغادر رايخ النرويج في 19 آب ولكن وجهته هذه المرة خارج أوروبا التي اضطهدته، إلى الولايات المتحدة الأمريكية ليلبي دعوة زميله الدكتور تيودور وولف عضو حركة الطب السيكوسوماتي الأمريكية، وأستاذ كرسي في المدرسة الجديدة للأبحاث الإجتماعية. وبعد أن أقنعه صديقه الحميم الأنثروبولوجي الشهير برونسلاف مالينوفسكي بجدوى الرحيل إلى هذا العالم الجديد. ولكن الهجرة هذه المرة كانت قاسية عليه وذلك لرفض عشيقته اليزا ليندنبرغ مرافقته. وهكذا وجد رايخ نفسه وحيداً.. وكان عليه أن يبدأ من جديد ومن الصفر في عالم يجهله تماماً... يصل رايخ إلى نيويورك قبل أيام من إعلان الحرب.. يستقبله الدكتور وولف، ويضع تحت تصرفه مختبره في فوريست هيلز في نيويورك. في هذه الفترة يتعرف رايخ على رفيقته الجديدة اليز أوليندروف والتي سينجب منه ولداً عام 1944 . ....عمل رايخ فور وصوله أستاذاً مساعداً لعلم النفس الطبي بمدرسة الأبحاث الاجتماعية الجديدة في نيويورك سيتي.. وافتتح عيادة في فوريست هيلز، جنى منها أرباحاً كبيرة سمحت له بإقامة معهد للأبحاث فيما بعد.

· عام 1940: في أثناء إقامته في كندا وجد في دولة الماين ما ذكّره بجمال النرويج فاستأجر شالية واستقر هناك فترة. وعلى صعيد نشاطه العلمي يقوم بنشر مقالة عن "المعالجة النبوتية الطبائعية-التحليلية" ومن خلال دراسته حول الطاقة يتوصل لاكتشاف الأورغون المنبثق عن البيون Bion . فوصل إلى نتيجة أن كل المخلوقات الحية تحتوي على البيون التي تعطيها طاقتها الأورغون. يستمر رايخ في اكتشافاته لكي يبدأ بعد ذلك ببناء أولى بطاريات الطاقة الأورجاينة التي جُربت على الفئران. وفي كانون الأول تمكن من بناء بطاريات للاستخدام الإنساني حيث يمكن معالجة المرضى العصابيين المصابين بعجز جنسي بواسطة الأورغون المجمّع. وقد ضاعف محاولاته حول البيوفيسيولوجيا لكي يصل إلى نتائج خطيرة جعلته يقرر ضرورة مناقشتها مع أحد الفيزيائيين المشهورين.

· عام 1941: التقى رايخ في 13 كانون الثاني بالفيزيائي الكبير أينشتاين واستغرقت المقابلة خمس ساعات متواصلة. رايخ يشرح له اكتشافاته والفروق بين درجة الحرارة الداخلية للبطارية ودرجة الحرارة الخارجية، وهي ظاهرة داخلية تعلن عن وجود الإشعاع الطاقي. وكان تعليق أنشتاين على هذا الاكتشاف "بأنه سيصبح قنبلة كبيرة في عالم الفيزياء" ويطلب مراقبة البطارية بنفسه. يزوده رايخ ببطارية صغيرة... ويبدأ أنشتاين تجربته فيتحقق من التجربة ولكنه رغب بمتابعة مراقبته لمدة أسبوعين أو ثلاث، وكان له ذلك... وعشرة أيام بعد ذلك يكتب لرايخ بأنه قد أثبت مثل رايخ الاختلاف الحراري مع بعض الملاحظات التي أسندها إلى مساعده. وفي اليوم العشرين من شباط 1941 يكتب رايخ رسالة طويلة مليئة بالحجج والبيانات التي تدحض اعتراضات مساعد أنشتاين. لكن الأخير ولأسباب مجهولة لا يرد على رسالة رايخ. وأقفل هذا الملف سنوات حتى عام 1953 حين نشر رايخ أسرار هذه المراسلة في كتاب سماه "قضية أنشتاين" ولا يزال البعض يرى بأن أنشتاين كان سيهتم أكثر بنتائج أعمال رايخ لولا إنشغاله حينها بالطاقة الذرية وكونه لا يستطيع أن يغامر ببحث خطير آخر....


أثارت محاولات رايخ وتجاربه لوضع أسس معهد الطاقة الأورجانية في مدينته فوريست هيلز قلق الجيران وشكوكهم حول أعماله فهم يرون الجرذان في كل مكان، وأكثر ما استفزهم هو مساعد رايخ الأسود هذا الرجل الغريب الدائم الحركة! فبدأت الأقاويل حول رايخ ونُعت بكل الأوصاف "فاشي شيوعي ساقط مجنون..." إلى أن أرسل الجيران شكاويهم إلى مالك الدار الذي قام بدوره بالتحقيق في طبيعة الاتهامات فلم يرى ما هو غير طبيعي في سلوك رايخ وأبحاثه. ولكن رايخ الذي تحسس بألم ردود فعل الجيران قرر أن يترك هذا الحيّ إلى آخر في فوريست هيلز نفسها.


لم يمت رايخ، لكنه ترك جسده عام 1957 وهو مسموم في السجون الأميركية... وقبلها هجرته زوجته أليندروف وتركته ابنته الدكتورة إيفا رايخ.. ونشرت زوجته كتاباً يهاجم ويتنقد رايخ بإساءة وجهل وردود فعل عاطفية، وكانت حمارة مثل الحمار السابق ذكره.. مع اعتذار للحمير طبعاً.


وكذلك علوم واكتشافات رايخ لم تمت ولن تموت.. رغم أن كتبه واكتشافاته حرقت ودُمرت، لكن تلاميذه أعادوا صنعها ونشرها... من أهم تلاميذه اليوم جيمس ديميو James DeMeo والذي كتب عن رايخ والأورغون شيئاً هاماً جداً:


ملخص عن تاريخ اكتشافات ويليهلم رايخ

وتطوير علم الأورغون


James DeMeo

حوالي عام 1970 خلال دراستي في الجامعة، أصبحت مغرماً بكتابات رايخ خاصة حول المواضيع المثيرة للجدل في "الطاقة الحيوية" ونظريته بأن العواطف المقموعة والكبت الجنسي هو الذي قاد إلى الأمراض الفكرية النفسية ومرض العصاب...

قابلتُ ودرست مع بعض العلماء الذين عملوا مع رايخ، واختبرتُ العلاج بالأورغون الذي قام رايخ بتطويره، قمت ببعض التجارب البسيطة، وفي النهاية أصبحت أول طالب في العلم الأميركي السائد ينال شهادة دكتوراة عن اختبار أفكار رايخ علمياً.

لأولئك الذين لا يعرفون، رايخ كان واحداً من المقربين إلى فرويد، والبعض يقول أنه كان يتم تهيئته لاستلام إدارة رابطة التحليل النفسي العالمية (IPA) لكنه في النهاية طُرد خارج تلك المنظمة بسبب إصلاحه الاجتماعي وعمله المضاد للنازية... في تلك الفترة استسلم التحليل النفسي الألماني إلى سيطرة النازيين، لكن رايخ لم يفعل.

أعمال فرويد الأولى اقترحت بشدة أن العواطف والجنسانية هي تعبيرات عن طاقة ملموسة لـ"شيء ما"، لكن رايخ هو الذي قدم الدليل الأوضح المثبت بأن الشهوة الجنسية هي طاقة حقيقية، يتم تفريغها خلال التعبير عن العواطف والنشوة الجنسية... العقوبات من الأهل أو المجتمع ضد تعبير الشباب المراهقين عن عواطفهم، أو عن حبهم الجنسي، قاد إلى كبت مدموج في النفس أو الفكر... لكن هذا تم إنجازه فقط وحرفياً بـــشدّ عضلات المرء ذاته، وربط الطاقة للأسفل وتقييدها داخل الجسد وصنع صراع وتوتر قوي بين الطاقات الداخلية..... وإذا أصبح الكبت مزمناً فالتوتر الداخلي المزمن الناتج سيصنع "درعاً عصبياً عضلياً" (يشبه كثيراً درع المحاربين القدماء) والذي بواسطته يحمي المرء نفسه بجدار يعزله عن عالم خارجي مليء بالتجارب المؤلمة.

قام رايخ بتطوير طرق علاجية لمساعدة الناس على التخلي عن دروعهم العاطفية، لكنه أيضاً قاربَ المشكلة من الجانب الاجتماعي والسياسي، عاملاً على وضع وتمرير قوانين ضد التحرش الجنسي بالأطفال، وإعطاء النساء حقوقاً وأجوراً مساوية، وجعل الطلاق ووسائل منع الحمل متاحة بسهولة أكثر... ولأجل هذا تمت مهاجمته بقسوة من النازية، والتي كانت وقتها تشكل الأخلاقية الأعلى السائدة.

في أواسط الثلاثينيات طُرد رايخ من رابطة التحليل النفسي العالمية، تم حرق كتبه من قبل النازية والحزب الشيوعي الألماني.. طار إلى الدنمرك وبعدها إلى اسكندنافيا، وهناك قام ببعض أولى التجارب الحيوية الكهربائية في مجال الجنس عند البشر والتعبير العاطفي.. أثبتت تجاربه أن العواطف البشرية والإثارة الجنسية والتفريغ في النشوة، كلها ظواهر قابلة للقياس... وذلك كان اكتشافاً خارقاً في مجال علوم الجنس والنفس.. لكنه الأول ضمن سلسلة اكتشافات وضعته في خلاف مع الطابور العلمي الأكاديمي السائد وقتها وحتى اليوم... كان العلم في الثلاثينيات لا يحتمل نقاشاً مفتوحاً عن "النشوة"، بينما كتب رايخ ودون مساومة تركز على هذه القضايا.. مثل الكتب الممنوعة هذه: The -function- of the Orgasm, The Sexual Revolution, People in Trouble, and The Mass Psychology of Fascism


تجارب رايخ المجهرية اللاحقة على وحيد الخلية "المتحوّل" أعطت اكتشافات خارقة أخرى في علوم الحياة، خاصة في اكتشاف آلية التحلل البيونيّ للأنسجة، والتي تظهر في أساس تشكل الخلايا السرطانية.

اكتشافات رايخ عن مرض السرطان، يمكن ملاحظتها ولمسها مباشرة، وليست مجرد فكرة أو نظرية... مشاهداته على العمليات الخلوية قبيل السرطان سبقت كثيراً مشاهدات غيره مثل George Papanicolaou (of "Pap-test" fame) وتأكد رايخ أن أولويته في مجال العلم تم سرقتها قصداً.

على عكس الطب التقليدي المنتشر، نجد أن اكتشاف رايخ يُظهر أيضاً دور الطاقة العاطفية-الجنسية في عمليات الجسد فكر.. فما ظهر في البداية أنه مجرد "كهرباء حيوية" أوضح رايخ أنه قوة طاقة حيوية أقوى بكثير، شكل من طاقة الحياة تعمل داخل المخلوقات الحية، تعبّر عن نفسها كعواطف وجنسانية، لكن أيضاً يمكن ملاحظتها مباشرة تحت المجهر، كحقل مزرقّ متوهج يحيط بكريات الدم الحية وغيرها من المواد... هذه الطاقة المتوهجة المزرقة، (والتي أسماها "طاقة الأورغون" للحفاظ على علاقتها بالعمليات الحية) تم لاحقاً ملاحظتها كهالة مزرقة متوهجة حول الكائنات الحية والأشجار وحتى حول سلاسل الجبال... الأورغون الأزرق يوجد أيضاً بشكل حر داخل الغلاف الجوي، وكتب رايخ عن "مغلف" من الطاقة المزرقة تحيط بالأرض، فسبق بهذا أول صور الأقمار الصناعية التي أثبتت صحة كلامه.


طاقة الأورغون في الغلاف الجوي هي ظاهرة فيزيائية مماثلة للفكرتين القديمتين حول "قوة الحياة" و"الأثير" معاً.. لها سلوك قانوني، تملأ كل الفراغ، تتمدد وتتقلص في إيقاعات نبضية، وتتفاعل بشكل مختلف مع الأشياء المادية المختلفة: كل نوع من أنواع المواد يبدو أنه يجذب الأورغون، لكن وفق درجات مختلفة من السرعة... الماء يجذب بقوة الأورغون، أو طاقة الحياة، منتجاً ظاهرة الماء الحيّ (الماء المفعّل أو المبنيّ structured) وهو أساسي لعمليات الحياة، ولحالة الجو في الأرض أيضاً.

تم عرض وإظهار الأورغون أيضاً في أنابيب التفريغ العالي (as with "zero-point" vacuum fluctuation, etc.) مما يثبت أنه يملأ كل الفراغ تماماً مثل أثير كونيّ... تجارب رايخ في هذه الاتجاهات قادت حتى إلى جدال وخلاف أكبر: وضع طرقاً جديدة لإنهاء الجفاف والقحط وتخضير الصحراء، ومقاربات جديدة لمشكلة تفكيك النفايات النووية... تجاربه اقترحت مصدراً جديداً من الطاقة الخالية من التلوث، والتي يوماً ما ستوصل البشر إلى النجوم.... خيالي ومثير؟ طبعاً، لكن كل هذا مرتكز على اختبارات وملاحظات علمية بحتة في مجال العلوم الطبيعية.


في خضم أبحاث رايخ، طوّر صندوقاً خاصاً مبطناً بالمعدن يقوم بجذب شحنة عالية من طاقة الأورغون إلى داخله، مباشرة من الغلاف الجوي: وهو صندوق مجمّع طاقة الأورغون... وتم إثبات أنه يشحن البذور ويزيد نمو النباتات المزروعة، يزيد سرعة شفاء الجروح والحروق، وهناك عدد من التجارب الفيزيائية التي تُظهر عدة خواص غريبة داخل الصندوق.

لاحظ رايخ أن أنواعاً محددة من الأمراض الناتجة عن انخفاض الطاقة، مثل السرطان، قد تزول أعراضها مع الاستخدام الحذر لصندوق الأورغون..

بعد انتقاله إلى أميركا، قام رايخ بمعالجة المرضى باستخدام وسائل التحرير العاطفية وأجهزة الطاقة الأورغونية.. لكن خلال بضعة سنين قامت FDA هيئة الغذاء والدواء الأميركية بمهاجمته، وقد كانت حينها (1955) في حرب معلنة ضد طرق العلاجات الطبيعية.. (هل تعلم أن قمع طرق العلاجات الطبيعية كانت ولا تزال أهم برنامج ضمن جدول أعمال FDA؟؟؟!!).

حصلت FDA على إنذار قضائي بمنع وحرق كل كتب رايخ، وأي كتاب آخر يحتوي على الكلمة الممنوعة "الأورغون" وتم تدميرها... في الواقع قامت FDA بحرق كتب ومنشورات رايخ في عدة مناسبات (آخرها كان في 1962)... وتم الحكم على رايخ بالسجن سنتين بعد تلفيق التهم له، ومات مسموماً في السجن عام 1957... إن مهاجمة FDA لرايخ شكل مؤامرة كبيرة على المحاكم والشعب الأميركي، وهي من أكبر المظالم في تاريخها.. حيث تسمح المحكمة بحرق الكتب الفريدة المفيدة وسجن العلماء لأنهم حملوا وجهات نظر مناقضة لما هو سائد.وكان رايش، بحسب وصف الكاتب كريستوفر ترنر، "انجيليا جنسيا" يعتقد ان النشوة الجنسية التي تحقق الاشباع هي العلاج السحري لكل الأمراض والآفات، بما في ذلك الفاشية التي طردته من اوروبا. وفي دراسته الموسومة "وظيفة النشوة الجنسية" التي نشرها عام 1927 توصل الى ان هناك خللا واحدا في المصابين بأمراض عصبية هو افتقارهم الى الاشباع الجنسي الكامل والمتكرر. وفي محاولته للمزاوجة بين التحليل النفسي والماركسية جادل رايش بأن الكبت الجنسي الذي اعتبره فرويد جزء متأصلا من الوضع البشري، يمكن أن يسقط مؤديا الى ما سماه منتقدوه "طوباوية تناسلية". ورغم هذه الانتقادات كان رايش احد رموز حركة الاصلاح الجنسي في برلين وفيينا قبل ان يسحقها النازيون بوصفها مؤامرة يهودية لتقويض المجتمع الاوروبي. وأُحرقت كتب رايش في المانيا مع كتب ماغنوس هيرشفلد وفرويد. وفر رايش الى الدنمارك والسويد ثم النرويج هربا من الفاشية التي أخذت تطارده في عموم القارة الاوروبية. وجادل الفيلسوف هربرت ماركوزي بأن شركات الاعلان استغلت انطلاق المشاعر الجنسية المتحررة من الكبت للربح واستخدمت التحليل النفسي لتشجيع رغبات المستهلك اللامتناهية على ما يبدو وايجاد "حاجات كاذبة". وجرى احتواء الجنسوية الراديكالية التي راهن عليها ماركوزي مع رايش، وجرت السيطرة على طاقة الرغبة الجنسية أو الليبيدو وترويضها بطريقة تكاد تكون علمية. وفي مجرى العملية انفصم الجنس عن السياسة الراديكالية، كما يرى ماركوزي.
ان محلل نفسي , باحث جنس ، عالم إجتماع نمساوي ، وعضو الجيل الثاني من التحليل النفسي بعد سيغموند فرويد ، واحدا من الشخصيات الأكثر راديكالية في تاريخ الطب النفسي , مؤلف كتب و مقالات المؤثرة عدة ، أبرزها تحليل الشخصية (1933)، علم النفس الجماعي للفاشية (1933)، والثورة الجنسية (1936) , ساهم أفكاره في تشخصي النفسي إلى تطوير آنا فرويد اتجاه جديد في التحليل النفسي صاغته في كتابها الأنا والآليات الدفاعية (1936)، وطورته من أبحاث فيلهلم رايش في وقت مبكر


هم يقولون لك بكل صراحة انك وحياتك واطفالك وعائلتك لا قيمة لكم ، بأنك غبي وعبد ، أنهم لم يعدوك بالحرية الشخصية ولكن بالحرية القومية ، وهم لم يعدوك باحترام الانسان ولكن باحترام الدولة ، ليس بالعظمة الشخصية ولكن بالعظمة الوطنية فلأنك تجهل الحرية الشخصية في الوقت الذي يسيل لعابك كما تسيل عظمة لعاب الكلب كلمات مثل الحرية القومية ومصالح الدولة وانك تهلل خلفهم
انهم يحتقرونك ولا يحبونك لأنك تحتقر نفسك وانت تحملهم نحو السلطة علي ظهرك ، انك وحدك من ترفع اسيادك ، من تطعمهم ، مع انهم اسقطوا كل الأقنعة
لأنك لا تستطيع ان تحس او تري الرجل الكبير , جوهره ، ألمه ثورته نضاله من أجلك ايها الرجل الصغير ، فهم بالنسبة لك اشياء غريبة ولا تستطيع ان تفهم ان هناك رجالا ونساءا غير قادرين علي قمعك ويريدونك حرا
فأنك تحكم علي الرجل الكببر بأنه مجرم فاشل او مريض عقليا او غريب الاطوار لمجرد أنه ليس مثلك لأنه لا يعتبر هدف حياته ان يصبح غنيا او يحقق زواج مناسب او منصب سياسي وتسميه احمق اذا أنفق امواله علي البحث العلمي فيكون من وجهة نظرك رجل غير طبيعي وتجعل منه رجل منبوذ ومعزول لأنك تقيسه بمقايسك الصغيرة فأنك دائما لا تسال نفسك اذا كنت تفكر بطريقة خاطئة بل تفكر ماذا سيقول جارك حول ذلك
يريد الكاتب ان يفهم من الرجل الصغير ما الغريزة التي تدفعك لضرب زوجتك او تعذيب طفلك اذا لم يحبه جارك السئ ، الي خداع صديقك ، الي استهزاء الرجل الطيب واستغلاله لأخر قطرة ، الي الركوع امام السوط ، الي الكذب حيث الحقيقة
ي اريدك ايها الرجل الصغير ان تصبح انت وليس كما تريدك الجريدة التي تقراءها او جارك الذي تسمع له ولكن كن انت وقد قال لك هذا الكلام هاينشر مان وسانكلير ولكنك لا تعرف مان ولا سانكلير بل تعرف بطل الملاكمة وال كابون واذا خيرت بين الذهاب للمكتبة او التفرج علي مشاجرة فستختار بلا شك المشاجرة

ايها الرجل الصغير انك لا تأتي قط لمن يحاول مساعدتك لتقديم يد المساعدة تسأل لم ؟ لأن المكتشف ليس له ما يعطيك غير أفكاره لا ربحا ولا أجرا كبيرا ولا طريقة حياة سهلة إن له فقط مسئوليات يوزعها وانت لا تريد تحمل المسئولية ولكن المكتشف لن يصبح تعيسا بسببك انه يفكر ويتحمل المشاق ويكتشف من أجلك

انت لا تكتفي بعدم تقديم المساعدة ولكنك تزعج بخبث ما يتم انجازه من اجلك او عنك فتقول علي مكتشف انه نصاب وخنزير ولكن اذا ما كتبت الجريدة عن اهمية ذلك الاكتشاف ستقول علي نفس الفكرة او المكتشف انه عبقري لأنك لا تثق بعينك وحواسك ...انك تحترم من يسخر منك

طبعا ايها الرجل الصغير انك تريد ان يكون هناك عباقرة ولكنك تريدهم عباقرة طيبين علي مقاسك وغير مثيرين للقلاقل باختصار عبقري ملائم ومتكيف وليس متمرد وغير قابلل للتدجين وثائر علي كل قيودك وحواجزك..

الرجل كبير حاول ان يعلمك ان عليك ان تطور اقتصادك اذا ما اردت ان تستمتع بحياتك وان الجوعي لا يمكنهم تطوير الثقافة وان كل عوامل الحياة ضرورية وليس فقط العوامل الاقتصادية ولكن الرجل الكبير اخطأ عندما اعتقد انه من الممكن ان تحافظ علي حريتك متي حصلت عليها


سوف اقول لك ايها الرجل الصغير لقد كان لك الخيار بين :

بين نيتشه الذي اراد ان يصنع منك رجلا اعلي وهتلر الذي حولك لعبد فصرخت باسم هتلر واخترت العبودية

بين بساطة المسيح وباولوس الذي فرض العزوبية علي رهبانك والزواج القهري

بين ماركس ونظريته عن قوة العمل الحية وايدولوجية الدولة فقتلت كل ما هو حي في عملك واخترت ايدولوجية الدولة

في الثورة الفرنسية بين روبسيبيير الدموي وبين دانتون الكبير فاخترت الدم وارسلت الرجل العظيم الي المقصلة

بين محاكم التفتيش الدموية وحقيقة غاليلي الكبير الذي تتمتع اليوم باكتشافاته فأنتهي به الامر الي الموت بفعل تحقيرك له

بين ان تسبر سر المرض العقلي وبين العلاج عن طريق الصدمة الكهربائية فاخترت الصدمة الكهربائية حتي لا تقف حقيقة بؤسك وحتي لا تظل اعمي

ختاما :

ايها الرجل الصغير ستتيه عبر القرون حتي تتقدم انت وامثالك للتخلص من هذا البؤس الاجتماعي وحتي ينبعث من وجودك بصيص ادراك خافت حينها ستتعلم كيف تبحث عن رجل الحب والمعرفة والعمل ..وكيف اذا عثرت عليه تحترمه وتقدره...وسوف تدرك ان المكتبات اهم من مباريات الملاكمة وان التجول في الغاب اهم مم الماراشات العسكرية وان الحياة افضل من القتل وان الوعي الذاتي افضل من الوعي القومي وان التواضع افضل من فم ملئ بالشعارات القومية