ولكن. . .



نادية خلوف
2018 / 1 / 17

محكومون بالدوائر الضَيقة المغلقة نساء ورجالاً، ولكن. . . .
أتساءل عن جيل النساء والرّجال، هؤلاء الذين ولدوا قبل سفر برلك وبعده،- وأغلبهم سافر في رحلة أبدية -كان الرّجل يومها رجلاً والمرأة امرأة من الناحية الفيزيولوجية، فحتى لو عملت المرأة في الحقل لكنّها نادراً ما تمسك بالمحراث لفلاحة الأرض. كان هناك الكثير من الظلم وبخاصة للمرأة حيث العيش مع عائلة كبيرة كلّها تتحكّم فيها، لكن الأمر بقي في حدوده الطبيعيّة، ولم يتجاوز العنف المؤشر المتوسط. تتمنى النّساء اليوم عودة ذلك الظّلم المقبول على أن تكنّ " حرائر" أو أحرار.
تسرّ لي صديقتي الرسامة و هي في العقد الخامس من عمرها بأنها تتمنى لو كان زوجها كأبيها، وتقول: أبي كان رجلاً عادّياً يقوم بمسؤولياته تجاه الأسرة حسب إمكاناته، لكنّه نادراً ما كان يضربنا، ونادراً ما كان يشتم أمّي، فأمّي تعرف أنّ حدودها أن تطيعه، ولكنّ زوجي. . .
انظري إلى صورتنا على الانستغرام. . .
-ما أجملك صديقتي. هذا الحبّ جميل، لكنّني أخجل به، ففيه الكثير من الإيحاءات الجنسية، وتبدين كمن يقدّم نفسه في الصّورة إلى رجل ينظر للبعيد، وليس له رأيّ بيديك اللتان تحضنانه.، وعفواً عن الملاحظة.
-ليس حباً يا عزيزتي. أستجديه، أضمّه وأقول له حبيبي علّه يقتنع.
كم أحبّ أولئك الرّجال من صنف أبي الذين يقومون بأعمال الرّجل خارج البيت ويكون شرّهم أقلّ داخل المنزل.
عندما تصطدم يدي بيد زوجي أرتجف في العمق رافضة له، وأتذكر قول أمّي:" لو دقّ لحمي مع لحمه لانفصلا" ، ولكنّ. . .
عندما يكون بيننا علاقة حميميّة أشعر بالاغتصاب، وأمسك قلبي ، أتمالك أعصابي كي لا أصرخ قائلة لا. يعاملني كدابّة، ولكن. . .
أتدرين؟ زوجي معربد، سكير، يتركنا بلا طعام أحياناً، ولكن. . .
أتدرين؟ يتسلّط على تلك القروش التي أعمل بها كمعلمة في المنزل، ولكن. . .
أتدرين؟ يتحرّش بالنساء والأطفال، ولكن. . .
أتدرين؟
-توقفي عن الكلام. لا أرغب أن أدري، ولكن لماذا لا تتركينه؟
-لو كنت تقرئين الكفّ لما سألت هذا السّؤال. لا مكان لي في هذا العالم سوى بيتي. إلى أين أذهب بعد أن سرق عمري وشبابي؟
وأين أذهب بأولادي الأربعة وهم على أبواب الدّخول الجامعة؟
لم ينته الحديث بيننا لكنه توقف عند طلاقها، فرغم، ولكن برّرت فيها قبولها به بها لكنّه تركها، وطردها مع أبناءها، وخطر لي أن أسأل سؤالاً: هل جميع الرّجال هم هكذا؟ وهل جميع النّساء ملائكة؟
لا شكّ أنّ النّساء في سوريّة اليوم يتمنيّن أن يكنّ جواري، فالجارية تعيش مرفّهة، لكنهن في مرحلة أكثر من العبودية، ويمكن القول أن المرأة السّورية العاديّة مظلومة ، لكنّ بعض النساء ذوات المال والسّلطة قد يشبهن أولئك الرّجال.
في مقارنتي لحالات رمي الرجل لزوجته وأولاده في الفترة الأخيرة تكون الخطوات نفسها. افتعال المشاكل. اتهام المرأة بالجنون، وبشرفها، ثم رميها مع الأولاد، أغلب هؤلاء المتنمرون ليس لديهم عواطف أبوّة، وهم ليسوا سعداء مع نساءهم الأخريات لأنّ طبيعتهم السّادية لا تسمح لهم إلا بالمعاملة اللئيمة، ولكن هل جميع الرّجال السوريين هكذا؟ بالطبع لا. هي نسبة فقط، فالأغلب لازال هناك شدّ ورخي لديهم ضمن العائلة، فقط نستند إلى نسبة المطلقات بإرادة واحدة من قبل الرّجل والتي تتجاوز الأربعين في المئة، ولو أعطينا خمسة في المئة من الحق في الطلاق كان على المرأة فإن النسبة الباقية مرعبة، وهي تعني أنّ ما يقارب أقل من نصف المجتمع رمى بعائلاته إلى المجهول، ونحن نعرف تماماً أنّ المرأة لا تستطيع الحصول على وظيفة كي تعيل أطفالها إلا ما ندر، ونحن أمام جيل من المشردين قريباً.
إذا كانت نسبة النّساء المطلّقات، وأرامل الحرب الشّابات، والفتيات الراغبات بالزواج تتجاوز الحد المقبول، والحاجات الإنسانية ليس لها حدود. نحن أمام ظاهرة جديدة هي بيع الجنس، وربما الجنس المجاني، والتجارة بالرقيق الأبيض. هذه هي نتائج طبيعية لثقافة الكراهية وثقافة الحرب.