إمرأة تحرج رجال الدين - واقعة من التراث الفارسي



محمد عبد القوي
2018 / 1 / 21

من المعروف أن التراث العربي وكذلك التراث العبري حط من شأن المرأة بشكل شديد فمن كونها ناقصة عقل ودين إلي كونها نجسة وماءها هو الذي ينجس الرجل (أي أن النجاسة التي لابد أن يتطهر المرء منها ليست بسبب الرجل ولكنها بسبب المرأة) إلي كونها مرادف (نعجة) إلي كونها مثل الحمار والكلب الذي يقطع الصلاة إلي كونها مثل الجمل أو الفرس الذي تقرأ عليه دعاء ليبارك لك الله فيه لتستخدمه أطول فترة ممكنة ، إلي كونها وعاء يستفرغ فيه الرجل شهواته ، إلي كونها خادمة مطيعة في كل سكنة وكل شأن ، إلي كونها حبيسة جدران البيت لا تخرج منه علي الإطلاق وبالتالي فإن المرأة كائن منتقص ليس إنسان كامل ، هنا يكون سبب عدم فلاح الأمة التي تولي عليها المرأة فكيف تتولي إمرأة ناقصة مستقذرة شأن الناس ومصالحهم ؟! ومن يجرؤ أساسا علي المطالبة بذلك (أقول لك لا تخرج حتي من البيت أساسا وتقول لي تقود دولة ؟! إنت مجنون ؟!) فالمرأة كائن يوجد من أجل الرجل فقط وخلق من أجل الرجل فقط ، ومع كل هذا فإن الواقعة الآتية أحرجت رجال الدين والمعممين بشدة

في كتاب (از نادرشاه تا آقا محمدخان ، لمؤلفه مرتضی میر حسینی) نقرأ النص الآتي ((سپاه روس ها به قلعه ها دربند، باكو، تالش را تصرف نموده، وبر تمامي سواحل غربي درياي خزر از مصب رود كرواترك مسلط شد ، وهمچنین سپاه روس وارد دشت مغان شد واز رود ارس گذشت ، وهم لنگران را اشغال کردند لذا آذربايجان ورشت مورد تهديد را قرار گرفت)) (صفحة 267) ومعني النص ((إستولي الجيش الروسي علي قلاع (دربند، باكو وتالش وعلي جميع السواحل الغربية لبحر الخزر من مصب نهر كرواترك ، ودخل الجيش الروسي سهل مغان ومر من نهر الأرز كما إتحلوا أيضا لنگران ولذلك أصبحت آذربايجان والصحراء في خطر))

الجيش الروسي في هذا الوقت كان قويا لأنه كان جيش إمبراطوري يعادل قوته قوة جيش الولايات المتحدة الآن فبعد أن أحتل هذه الأراضي الكثيرة من إيران ، إجتمع ملك إيران حينها (آقا محمد خان) مع قادة الجيش وكبار العلماء الشيعة للتشاور والتداول في الأمر وهو ما أدي إلي حرج شديد لهؤلاء العلماء لأن حاكم روسيا المتحكم في كل هذه الجيوش حينها كانت ملكة (القيصرة كاترين الثانية) وهي من قادت الكثير من المعارك وبفضل خططها وخطط قادتها إحتلت كل هذه الأراضي فكيف تكون المرأة ناقصة ولن يفلح القوم إذا تولت عليهم إمرأة ومع ذلك تستطيع هذه المرأة أن لا تجعل دولتها تفلح فقط بل جعلتها تحتل من يعتقدون هذه الإعتقادات أنفسهم فكان ذلك إحراج بالغ لهؤلاء العلماء أثناء الإجتماع

والمهم أنه بعد مداولات كثيرة بعد ذلك قرروا أن يذهب آقا محمد خان بالجيش إلي القوقاز للمقاومة فدارت معارك عنيفة أدت إلي هزيمة جيوش آقا محمد خان في الكثير منها ولم تتحرر الأراضي في الآخر إلا بفضل المرأة أيضا

لقد تركت الجيوش الروسية كل الأراضي التي إحتلوها عندما علموا بوفاة القيصرة كاترين الثانية بسبب الفوضي التي حدثت لهم نتيجة موت قائدهم ، ولا أعلم موقف العلماء حينها لأن موقفهم هنا غير مذكور ولكنني أعتقد أنهم حمدوا الله كثيرا علي تولي هذه المرأة قيادة روسيا لأنه لولا وفاتها لظلوا قابعين تحت الإحتلال ، لا يستطيعون أن يبيحون بكلامهم عن المرأة في العلن ولكنهم يرددونه في أنفسهم فقط وهم صاغرون .