كنتي ملكة قبل الأسلام فأصبحتي ...............!



ادم عيد
2018 / 3 / 9

اسمحوا لي في بداية حديثي عن المرأة ودورها وحقوقها ان اتوجه بالتهنئة وباقة ورد وقبلة علي جباه سيدات العالم وأخص بالذكر السيدة العظيمة سعاد ، التي كانت السبب الأساسي في وجودي في الحياة ، اشكرها علي حبها الكبير الغير متناهي والغير مشروط والذي لا ينضب ، من أية مادة سماوية خُلقت هذه المرأة البديعة ،لا ادري ، وعلي العموم ، احبك.
___________

في رأيي المتواضع ليس هناك يوم عالمي يوازي أهمية اليوم العالمي للمرأة ، فأن لم تكن المرأة هذا المخلوق الرائع البهي المكتمل بذاته ، المعطاء ، المحب ، فالأنثي خلقها الله بالحب، وبالحب انجبت الأنثي العالم ..
ان العائلة بشكلها الأبوى القائم اليوم قديمة قدم المجتمع الانسانى ، وان المجتمعات الاولى قد تشكلت فى بداياتها نتيجة لتجمع عدد من العائلات وتزايدها تدريجيا ، الا ان هذه الفرضية قد تهاوت امام النقد العلمى الذى وجهه عدد من رواد الانتربولوجيا والعلوم الانسانية الاخرى ممن قدموا فى دراستهم الادلة الكافيه على وجود شكل اقدم من اشكال العائلة سبق شكلها الابوى الحديث نسبيا ، وهذا الشكل لايقوم على قيم الذكورة وسلطة الاب ، بل على سلطة الامومة ومكانة الام .
قديما وقبل مجئ الأديان السماوية بألاف السنين كان يسود الأعتقاد بأن المرأة هي واهبة الحياة الدم هو سر الحياه والمرأة هى القابضة على هذا السر وبالتالى فهى اصل الحياة .. مانحة الحياة .. فكانت هى الالهة التى يتم من خلالها الخلق والميلاد ، وبناء عليه قدس دم الحيض لانه المكون الرئيسى للحمل واستمرار الحياة ، ونقرأ فى كتبنا التراثية الاسلامية قول كاشف يقول (ان الحجر الاسود بالكعبة كان ابيض ولكنه اسود من مس الحيض فى الجاهلية) مما يعنى ان دم الحيض فى نظر البشر الاوائل كان بمثابة تواصل بين الانسان والآلهة .
فكانت السيادة للأنثي علي المجتمعات والحضارات القديمة ، ومن هنا ظهرت الأله الأنثي
فـــفى سومر الالهه ” نمو ” الآلهه البدائية والمياه الاولى و “انانا” الهه الطبيعة والخصب والدورة الزراعية ، وفى بابل نجد ” ننخرساج ” الأم – الارض و ” عشتار” المقابلة لانانا وفى كنعان “عناة” و “عستارت” وفى مصر “نوت” و”ايزيس” و “هاتور” و “سيخمت” .
حتى فى المجتمع الرعوى الذى نشأ فى الجزيرة العربية واكتسب نتيجة هذا الصفة الذكورية نراه يحمل صدى الآلهات الام من زمن اقدم مر به فى مرحلة الصيد الاولى ايام عصر المشاع الاول الذى اتسم بتقديس المرأة ، فنرى الهات مثل ” اللات ” و ” العزى ” و ” مناه ” .
وفي مصر القديمة ورغم ظهور الملوك ابناء السماء الا اننا نعرف ان حقهم الملكى فى وراثة الحكم يأتى عبر سلسلة النسب الامومى ، فوراثة العرش كانت للاميرات ولذا كان على الفرعون الجالس على العرش ان يتزوج منها لتنتقل اليه شرعية الملك ، وعبرتاريخه الطويل الذى استمر قرابة اربعة آلاف سنه وصلت العلاقة بـــــــــين الرجل والمرأة مرحلة حضارية فى المساواة لم يصل اليها الغرب الليبرالى الا منذ خمسون عاما او يزيد .
ـ ففى احد صكوك الزواج الذى يعود تاريخه الى الالف الثالث قبل الميلاد يقول الزوج موجها كلامه الى سيدة المستقبل :
( منذ اليوم ، اقر لك بجميع الحقوق الزوجية ، ومنذ اليوم لن اتفوه بكلمة
تعارض هذه الحقوق ، ولن اقول امام الناس انك زوجة لى، بل سأقول
بأننى زوج لك ، منذ اليوم لن اعارض لك رأيا ، وتكونين حرة فى غدوك
ورواحك دون ممانعة منى ، كل ممتلكات بيتك لك وحدك ، وكل مايأتينى اضعه بين يديك )
وبعد الفى عام من هذا الصك ، نجد امرأة فى صك آخر يرجع تاريخه الى الفترة البطلمية تقول لزوج المستقبل :
( اذا تركتك فى المستقبل لكرهى لك او لمحبتى رجل آخر فاننى اتعهد بأن ادفـــــــــع
مكيالين ونصف من الفضة واعيد اليك هدايا الزواج ).
منذ خمسة آلاف سنه يأتينا النص الاول ليؤكد التساوى بين الرجل والمرأة ، ومن اكثر من الفى عام يأتينا النص الثانى الذى يعطى للمرأة فى مرحلة تطورية اخرى بلغت قمة النضج الاجتماعى من الشفافية والصدق من المرأة تجاه الرجل ، ويعطيها الحق فى خلع الرجل نظير تعويض مالى للرجل .
ماذا نقول عن العظمة التى وصل اليها الفكر المصرى القديم فى العلاقة الزوجيه والتى اصبحت بعد اكثر من ثلاثة الاف عام علاقة ملكيه يكرسها عقد نكاح بين فحولة رجل وتبخيس انثى .
فعندما دخل السادة العرب فى احتلالهم الميمون لمصر لم يألفوا فى حياتهم
بالجزيرة العربية وجودا للنساء بجانب الرجال والتساوى معهم ، والتى كانت فى منظومتهم الثقافية نقيصة فى الرجل ففي جزيرة العرب لم يكن هناك مجتمع متحضر او دولة كما الحال في مصر القديمة او العراق بحضاراتها المختلفه او سوريا والتي اعتمدت علي الزراعة والأنهار بل كانت مجتمعات صحراوية شحيحة المياة والموارد تتقاتل فيما بينها علي ابار المياة تقوم الحروب علي اتفه الأسباب ولو كانت جمل ، كانوا يعتبرون المرأة متاع مثل البيت والجمال كانوا يعتبرونها غنيمة في الحروب للمنتصر ، مجتمع كان قائما علي الحروب والسلب والنهب فمره مغلوب ومره منتصر مجتمع جاف جدا في كل شئ ، مجتمع لا سلطة مركزية فيه الا سلطة القبيلة ، يري العالم خارج القبيلة مشاع له فالقتل حق والسلب حق والنهب حق التحايل والمخاتلة حق ، وهنا يظهر لنا مفهوم ” حق الاعتداء ” ويكون السيف هو وسيلة الانتاج فى الصحراء بدلا من فأس الفلاح فى المجتمعات الزراعية ، انها غريزة حيوانية استمدت أصولها من زمن أقدم مرت به البشرية جميعا، زمن الحياة البدائية الأولى، ومن أجل . فــ ” حق الاعتداء ” هو حق قبلي قديم تأصل عبر الممارسة التاريخية فى غزو القبائل بعضها البعض ودهمها واستلابها في حالة قوة الغازي وضعف المسبي، وتعود الكره علي الباغى … وكانت القبائل البد وية تفخر بهذا الحق، فكتبت فيه الإشعار ، وسجلت فيه الانتصارات وملاحم الفخر ومنها نقرأ:
ذا بلغ الوليد لنا فطاما ………. تخر له الجبال ساجدينا

ونشرب ان غدونا البئر صفوا ….ويشرب غيرنا كدرا وطينا

ولما كانت الغرائز الجنسية تسمو مع السمو الروحى والاخلاقى الذان لم يعرفهم عرب الجزيرة طوال تاريخه ، بل ان العكس هو الصحيح ، اصبحت المراة وعاءا للرغبات الجنسية يملأ بها الرجل اوقات فراغه ويدرء بها اوقات الملل ــ وياطولها من اوقات ــ يأتيها متى شاء ، ويتزوج عليها متى شاء ، ويستنكهحا سواء ابا او اخا ويقبض ثمن النكاح ، ويرثها ضمن املاك والده ويزوجها ايضا ويقبض الثمن . ورأينا انواع من النكاح يندى لها الجبين وتخالف كل الاعراف الانسانية حتى على مقاس ذاك الزمان ومنها : نكاح المبادلة - نكاح المقت - نكاح الأستبضاع - نكاح الشغار - والتعدد في الزوجات - والجمع بين اختين.

كل هذه الانواع من الزواج فيما قبل الاسلام والتى عرفناها بعد التدوين وهى فى مجملها تلخص وضع المراة فى هذا المجتع التى لاتعدو فيه ان تكون مجرد سلعة تباع وتشترى ليس لها اى حقوق بقدر ماعليها من واجب الطاعة والقبول وحسن التبعل وصمت القبور فى مجتمع بدوى ذكورى امتهنها الى حد العبودية المطلقة . ( والملاحظ ان كل هذه العلاقات الزوجية اطلق عليها كلمة النكاح بدلا من كلمة الزواج ليكشف لنا المضمر والمسكوت عنه فى العلاقة بين الرجل والمرأة. 
فمن المساواة بين الرجل والمرأة فى المجتمع الزراعى فى وادى النيل ، الى التبعية للرجل التى فرضتها الهجرات السامية الى بلاد مابين النهرين قادمين اليها بما عرفناه من مكانة المراة فى ثقافة هذه المجموعات المهاجرة من جزيرة العرب والتى قلنا من قبل ان المجتمع الزراعى فى النهاية وقف حائلا دون استعبادها نظرا لمشاركتها فى الزراعة فكانت التبعية بديلا عن العبودية ، الى العبودية المطلقة للمرأة فى بيت الداء هناك فى جزيرة العرب . وجاء الاسلام وليد هذه البيئة فأقرها كما هي.
فعندما جائنا السادة العرب بثقافة اخرى مغايره تتسربل بالدين ، ثقافة حواء التى شملها حق الاعتداء البدوى فقام بتبخيسها وامتهانها وسلبها ، الفكر الذكورى كان مهيمنا ، فنجد ان المرأة في الإسلام : رأسها عورة … وجهها عورة .. صوتها عورة … النطق باسمها عورة .. فهى حرم من حريم .. وحريم من تحريمها حتى لايراها الا بعلها وسيدها وحامى وجودها .. فهى مخلوق لاشباع الرجل وامتاعة….. تلعنها الملائكة اذا تمردت على هذا الدور … حتى فى الجنة بعد الموت فهى مكافأة خاصة تمنح للشهداء من الرجال ( سبعون حورية ) … وليس لها نصيب فى السندس والاستبرق والولدان المخلدون .. بل ان معظم اهل النار من النساء( فى حديث منسوب الى الرسول ) ودم الحيض الذى كان سببا فى تقديسها قديما اصبح تبخيسا ، فهى نجسة وتسقط عنها التكاليف الدينية فى فترة الحيض .. فهى ناقصة دين علاوة على انها ناقصة عقل .. والفعل الجنسى معها يؤدى الى النجاسة التى تلـزم التطهــر .
كانت سببا لغواية ابينا آدم وخروجة من الجنة .. فهى ملعونة لانها سبب غواية الاب ونزولهم الى ارض الشقاء بعد جنة النعيم .. وان كيدهن عظيم وكيد الشيطان كان ضعيفا فهى تفوق الشيطان فى الكيد للرجال وغوايتهـــــــم لعدم دخول جنة السماء بعد ان كانت سببا فى طرد ابيهم .وفى حديث آخر ( النساء حبائل الشيطان ) و( لو ان شئ بعد الله يعبد لامرت المرأة ان تعبد زوجها ) .
من هنا تتقاطع فى الذهنية المصرية ثقافتين متناقضتين : ايزيس الحماية ، وحواء الغواية ، ونسأل اصحاب الصلاحية المزعومة سؤالا منطقيا – من المعلوم ان تحديد عدد الزوجات فى جزيرة العرب بأربعة نساء كان حدا من الاطلاق ، ومع المصرى الذى لم يكن يعرف التعدد اصبح بعد الاسلام اطلاقا الى اربعة .. ؟؟
مما سبق نستنتج:

انه قديما كان الرجال يقدمون جزءا من جسمهم للأرتباط بالأنثي ثم صاروا مع الأسلام يقدمون جزءا من المال ويسمونه مهرا والمهر فى اللغة التوقيع !ثم غلبهم الشح فجعلوا مهر النساء جزءا مقدما وآخر مؤخرا ثم نسوا أنفسهم واستباحوا الطلاق ثم تجرأوا على الجمع بين الزوجات ثم تبجحوا بالادعاء ان المرأة خلقت من ضلع الرجل الأعوج.قلبوا الأمور فانقلبوا قوامين على من اقاموا من رحمها المقدس فتقلبت أحوال البشر...سرنا على غير هدى فصرنا الى ما نحن فيه.
ولن اجد افضل من هذا اختم به حديثي عن المرأة في يومها:
نزار قباني :" ماذا يبقى حين تغيب المرأة عن حياة أمة؟"،
بن عربي: "كلُّ مكانٍ لا يؤنثُ لا يُعوّلُ عليه".