اصلاح المجتمع وفقا لفلسفة عقيدة الحياة لمعاصرة / الجزء العاشر



رياض العصري
2018 / 3 / 22

ـ اجراءات الانفصال ( الطلاق ) بين الزوجين تكون على مرحلتين : مرحلة الانفصال الاولي ثم بعد ذلك مرحلة الانفصال النهائي ، صدور قرار الانفصال الاولي بين الزوجين يلزمهما الانفصال بالمعيشة والسكن ... وهنا يتحتم على احدهما مغادرة بيت الزوجية للعيش في مكان اخر لحين صدور قرار الانفصال النهائي ... ولكن اذا رغبا الزوجين في خلال فترة القرار الاولي ان يعودا الى حياتهما الزوجية فانه يجوز ذلك ، ويتم تقديم طلب بذلك من قبلهما لكي يتم الغاء القرار الاولي ويعودا الى حياتهما الزوجية دونما حاجة لاصدار عقد زواج جديد ، ان الغرض من القرار الاولي هو لاتاحة الفرصة للزوجين لاعادة تقييم حالتهما ، كذلك اتاحة الفرصة للزوجة لتقديم تقرير طبي عن حالتها الحملية ، حيث يتم إمهال الزوجة فترة زمنية لا تزيد عن سبعة ايام لكي تقوم باحضار تقرير طبي يسمى ( بيان الحالة الحملية ) صادر من الجهات الطبية المختصة ، فاذا كانت الزوجة حامل فانه سيتطلب منها شخصيا تحديد الموقف من الجنين .. فان رغبت الاحتفاظ بالجنين او ان الجنين كان في العمر غير المسموح باجهاضه فانه سيتم تأجيل اصدار قرار الانفصال النهائي الى ما بعد الولادة وبالتالي فان فترة الانفصال الاولي في هذه الحالة سوف تمتد لمدة تقارب السنة الواحدة ، ان دوافعنا لتأجيل اصدار قرار الانفصال النهائي الى ما بعد الولادة هي دوافع انسانية ، اننا نرى بانه من غير المناسب نفسيا وانسانيا ان تدخل الزوجة الحامل في عملية الولادة وهي بصفة امرأة منفصلة عن زوجها .. كما انه يجب ان نحرص على ان يولد الطفل في احضان والديه الذين يجمعهما عقد زواج نافذ المفعول بدلا من كونهما منفصلان ، تأجيل الانفصال الى ما بعد الولادة قد يغير من مواقف الزوجين الراغبين بالانفصال ويقررا العودة الى بعضهما ، اذن التأجيل هنا في حالة الاحتفاظ بالجنين .. اما اذا رغبت الزوجة باجهاض الجنين وكان الجنين ضمن العمر المسموح به طبيا باجهاضه فانه سيتم تأجيل اصدار القرار لحين جلب التقرير الطبي الذي يؤكد اتمام عملية الاجهاض ، هذا ونذكر باننا اعتبرنا الاجهاض حق حصري للمرأة ولا يترتب على ممارسة هذا الحق اي مسائلة قانونية .. ولكن المرأة تتحمل شخصيا النتائج المترتبة عن ممارسة هذا الحق .. لانه في حالة الانفصال فان الطفل سيكون بحضانة والدته ، كما انه لا وجود لمفهوم ( النفقة ) بعد الانفصال وانما هناك فقط مبلغ ( تعويض الانفصال ) يصرف لصالح الطرف المتضرر وحسب قرار دائرة شؤون الاسرة ، وبالنسبة لرأينا عن مدى مشروعية عملية الاجهاض فان برنامجنا الاصلاحي يتعامل مع عمليات الاجهاض على انها ضرورة اجتماعية ، الضرورة تتجلى في حالات معينة ، نحن نرى بان لا حقوق للجنين في فترة الاشهر الاولى من عمره ـ اي في العمر المسموح باجهاضه ـ وان فلسفة عقيدتنا في هذه المسألة انه اذا كانت هناك رغبة لولادة طفل من قبل والديه فيجب ضمان توفير الحياة المناسبة له بعد ولادته ليحيا بكامل حقوقه وانسانيته وكرامته ، واذا تعذر ضمان تلك الحقوق فلا حاجة لانجابه الى الحياة ، اي ان المشروعية ناجمة من الحرص على كرامة الانسان ومن الشعور بالمسؤولية وبالواجب الاخلاقي تجاهه ، نحن نؤمن بان كل انسان يولد يجب ان يحيا بكرامة ، وان الطفل الذي يولد ليحيا في ظروف غير انسانية سيكون مصدر قلق لاهله وللمجتمع وسوف تترتب على ذلك نتائج وخيمة على سلامة النظام الاجتماعي .
ـ ذكرنا بانه عند صدور قرار الانفصال الاولي يتوجب على الزوجين ان ينفصلا عن بعضهما في المعيشة والسكن لحين صدور قرار الانفصال النهائي ، وهذا يعني ان واقع حال الزوجين عند صدور قرار الانفصال النهائي انهما منفصلين في السكن منذ قرار الانفصال الاولي ، ولكن في حالة وجود اطفال لدى الاسرة فيجب مراعاة مصلحتهم فيما يتعلق بمسألة السكن ، ويفترض في هذه الحالة ان الاطفال موجودين بصحبة امهم بحكم قاعدة الحضانة ، فاذا كان الزوج هو مالك مسكن الزوجية الذي تقيم فيه الزوجة وبصحبتها الاطفال ، في هذه الحالة يغادر الزوج المنفصل مسكنه ويترك زوجته المنفصلة مع الاطفال للاقامة فيه ـ سكنا مجانا دون مقابل ـ لفترة مناسبة يتم تحديدها من قبل دائرة شؤون الاسرة لحين حصولها على مسكن آخر يأويها هي والاطفال ، واذا تقرر ان يكون الاطفال بحضانة ابيهم بناءا على موافقة الطرفين فان على الزوجة في هذه الحالة مغادرة المسكن وترك الاطفال مع ابيهم ، اما اذا كانت الزوجة هي مالكة مسكن الزوجية ، وتقرر ان تكون حضانة الاطفال على عاتق ابيهم ، ولم يكن الاب يملك مسكن مناسب لاقامته مع الاطفال فان على الزوجة ان تغادر مسكنها وتتركه لزوجها المنفصل وبصحبته الاطفال لفترة مناسبة لحين حصوله على مسكن اخر للانتقال اليه مع الاطفال ، المبدأ هنا ان مصلحة الاطفال فوق مصلحة مالك المسكن ، واذا كانا كلا الطرفين مشتركان في ملكية المسكن فان من سيتولى حضانة الاطفال هو الذي سيبقى في المسكن ويغادر الطرف الاخر ... ويتم منح الطرفين فترة لا تزيد عن سنة واحدة ليقررا مصير المسكن اما ان احدهما يشتري حصة الاخر ، او يتم بيع المسكن وتقسيم المبلغ بينهما وفقا لحصة كل منهما.
ـ بصدور قرار الانفصال النهائي تنتهي العلاقة الزوجية بين الزوج ( المنفصل ) وزوجته ( المنفصلة ) وتصبح الاسرة منحلّة ، بعد الانفصال يصبح كل طرف حاملا لصفة ( اعزب / منفصل ) ومن حقه ان يتزوج مرة اخرى ، وما يتبقى بينهما هو سداد مبلغ ( تعويض الانفصال ) من قبل الطرف المقصر لصالح الطرف المتضرر في حالة تضمن القرار دفع تعويض ، هذا مع العلم بانه لن يسمح للطرف المقصر بالزواج مرة اخرى الا بعد ان يسدد مبلغ التعويض بالكامل ، وتكون دائرة شؤون الاسرة هي الطرف الوسيط في عملية الاستلام والتسليم لمبلغ التعويض ، بعد صدور قرار الانفصال النهائي يقوم كل طرف في عقد الزواج المنحل بأخذ حاجياته وقطع الاثاث التي اشتراها لتأثيث بيت الزوجية ، اما قطع الاثاث التي يحصل اختلاف حول عائديتها ويتعذر حسم الخلاف حولها باي طريقة من الطرق فانه يتم عرضها للبيع ويوزع المبلغ على الطرفين مناصفة ، وبالنسبة الى بيت الزوجية ذاته فانه يعود لمالكه قانونيا .
ـ بالنسبة لمسألة النفقة للزوجة المنفصلة فهذه لا وجود لها في برنامجنا للاصلاح الاجتماعي ، لانه كما ذكرنا سابقا بان الزواج هو مشروع شراكة لتأسيس أسرة وليس مشروع اعالة ، والقاعدة المتبعة هي ان على كل امرأة ـ ان كانت متزوجة او غير متزوجة ـ ان تمارس عملا وتحصل على رزقها من عملها ، او تحصل على رزقها من صندوق رزق العاطلين في حالة كونها عاطلة عن العمل ، وان وجود اطفال لدى الاسرة المنحلة لن يغير من هذه القاعدة ، لان نفقاتهم ستكون على الطرف الذي يتولى حضانتهم ورعايتهم ، القاعدة العامة ان حضانة ورعاية الابناء غير البالغين تكون على عاتق الام دون الحاجة لاخذ موافقة الاب ، بينما حضانة ورعاية الابناء من قبل ابيهم لا تتم الا بعد الحصول على موافقة كلا الطرفين اي الام والاب ، اذن تتولى الام المنفصلة رعاية أبنائها غير البالغين لحين بلوغهم ، ولكن اذا كانت ظروف الام لا تسمح لها بتولي مهمة رعاية اطفالها او انها غير قادرة على تحمل نفقاتهم فانه يجوز تحويل حضانتهم الى الاب المنفصل بموافقة كل من الام والاب ليعيشوا مع ابيهم وتحت رعايته وفق اسلوب تنازل عن الحضانة بموجب وثيقة تنازل موقعة من قبل الام وموافقة الاب ومصدقة من قبل دائرة شؤون الاسرة ، التنازل يكون مؤقت ومدته سنة واحدة قابل للتجديد في كل مرة بناءا على رغبة الطرفين وموافقتهما الطوعية ، وفي حالة عدم القدرة المالية او عدم رغبة كل طرف في رعاية وحضانة الاطفال لاي سبب من الاسباب فانه يتم تحويلهم الى دور الدولة لرعاية الاطفال مقابل مبلغ ( اجور رعاية ) يستوفى شهريا من كل طرف مناصفة .
ـ ما يتعلق بسجلات الاحوال المدنية بالنسبة للاسر المنحلة فان كل طرف وبعد ان اصبح يحمل صفة ( اعزب / منفصل ) فانه يعود الى صفحته السابقة في سجل العزاب قبل زواجه ، واما الابناء غير البالغين فانه يتم الحاقهم مع امهم في سجل الاحوال المدنية حتى في حالة زواجها مرة اخرى وانتقال صفحتها الى صفحة زوجها الجديد في سجل الاحوال المدنية ، وكذلك حتى في حالة تنازلها عن حضانتهم ورعايتهم الى ابيهم ، يبقى الابناء مع امهم لحين بلوغهم وانفصالهم عن صفحة امهم وانتقالهم الى سجل العزاب ، اما في حالة وفاة الام المنفصلة وكان الاب على قيد الحياة فانه يتم نقل صفحة الابناء غير البالغين الى صفحة ابيهم في سجل الاحوال المدنية ـ حتى في حالة كونه قد تزوج من امرأة اخرى ـ لحين بلوغهم وانفصالهم عن صفحة ابيهم .
يتبع الجزء الحادي عشر ......