اصلاح المجتمع وفقا لفلسفة عقيدة الحياة لمعاصرة / الجزء الحادي عشر



رياض العصري
2018 / 3 / 24

ـ من الخطأ الجسيم ان تعتمد العائلة على مصدر رزق واحد في معيشتها ، يجب ان يكون لكل من الرجل والمرأة المتزوجين مصدر رزق دائم وبشكل مستقل لكي لا يحدث اضطراب كبير في معيشة واستقرار العائلة في حالة وقوع الانفصال بينهما او في حالة وفاة احدهما ، المرأة مواطنة لها حقوق وعليها واجبات أسوة بالرجل ، العمل واجب على الرجل والمرأة سواسية لا فرق بينهما ... ولا يجوز ان تكون المرأة عبء على الرجل في معيشتها ، ان صفة ربة بيت ليس صفة مهنة ، حيث ان المهنة لها شروط من ضمنها أجر مقابل جهد بدني او ذهني ، مع تحديد عدد ساعات العمل اليومي ، بينما المرأة في بيتها تخدم بدون مقابل وبدون تحديد لساعات الخدمة لان بيتها هو كيانها ذاته ، زواج المرأة لا يسقط حقها في الحصول على مصدر رزق مستقل ودائم اسوة بالرجل ، المرأة العاطلة عن العمل تستحق معونة بطالة ( اي رزق العاطلين ) حتى لو كانت متزوجة .
ـ يجب ان يثبت في عقد الزواج شرط يتعلق بضرورة توفر الاهلية الصحية والمقدرة البدنية للممارسة الجنسية لكلا طرفي عقد الزواج من خلال تقرير طبي يثبت سلامة الجهاز التناسلي لكل طرف ، ومن لديه عجز جنسي او خلل في اداء الجهاز التناسلي عليه ان يلجأ للعلاج الطبي لمعالجة حالته وتصحيح وضعه ، ان حالة العجز قابلة للعلاج طبيا ، لذا يستحسن اجراء المعالجة قبل الاقدام على مشروع الزواج لكي لا يقع الشخص في مخالفة لشروط العقد ، نؤكد لا يجوز عقد الزواج من غير توفر تقرير سلامة الجهاز التناسلي لكل طرف حفاظا على الكيان الاسري وهذا الشرط من الشروط العامة.
ـ لا يجوز السكن المشترك لاكثر من أسرة واحدة في وحدة سكنية واحدة مهما كانت درجة القرابة بين ساكنيها ، لذا يجب ان تتوفر لكل أسرة وحدة سكنية منفصلة ومستقلة حفاظا على سلامة العلاقات الاجتماعية وحرصا على استقرار النظام الاجتماعي ، ان توفير الوحدات السكنية للمواطنين عامة وللمتزوجين خاصة تقع بالدرجة الاساس على عاتق الدولة التي تمثل بكيانها ومؤسساتها رب الشعب والراعي لمصالحه.
ـ كل شخص ( ذكر او انثى ) عندما يبلغ عمر 21 سنة فانه يتوجب عليه الانفصال في السكن عن والديه ويسكن في المجمعات السكنية الخاصة بالعزاب ... حيث يتم تشييد مجمعات سكنية خاصة للذكور واخرى خاصة للاناث .. المجمعات تكون منفصلة عن بعضها ... لكي يحيا المواطن البالغ المؤهل بشكل مستقل عن اهله معتمدا على نفسه في ادارة شؤون حياته فتتشكل شخصيته بشكل مستقل بعيدا عن تأثيرات المقربين منه وهذا ما يؤدي الى انضاج الشخصية وانماء الشعور بالمسؤولية لدى الانسان، وفي النهاية يبقى في بيت الاسرة الاب والام فقط.
ـ ان المسؤولية تجاه الابناء تجري وفق السياق الاتي : مسؤولية الوالدين عن الابن تبدأ منذ الولادة ولغاية اكماله سن 18 عام وهي تعتبر مسؤولية قانونية ، وعند الدخول في سن 19 عام تبدأ مرحلة جديدة في حياة الانسان تسمى مرحلة البلوغ ما قبل التأهيل وعندها يصبح الانسان رجلا كان ام امرأة مسؤول عن نفسه وعن تصرفاته ولكنه يبقى تحت اشراف وتوجيه ورعاية من قبل والديه من غير خضوع الوالدين للمسائلة القانونية عن تصرفات الابن ، هذه المرحلة مدتها سنتان وخلالها يتوجب على الانسان الخضوع بشكل جزئي لمنظومة الحقوق والواجبات الوطنية وتحت اشراف الدولة ومتابعة من الوالدين لغرض تهيئته ليكون مواطن بالغ ومؤهل ، وعند الدخول في سن 21 عام يكون قد اكتسب صفة الاهلية وعندها تنتهي مسؤولية الوالدين بشكل كامل ويصبح الانسان مسؤول عن نفسه وله حرية التصرف دون وصاية او توجيه من اية جهة ويتحمل شخصيا نتائج تصرفاته ، وعندها تبدأ علاقة المسؤولية المتبادلة بينه وبين الدولة وفقا لمنظومة الحقوق والواجبات والتي تستمر لغاية وفاته ، ويتحتم على الدولة ان تقوم بصياغة عقد اجتماعي بينها وبين مواطنيها البالغين المؤهلين يسمى (عقد المواطنة ) تثبت فيه الحقوق والواجبات لكل طرف ، عقد المواطنة يوقع من قبل المواطن عند استبداله لبطاقته الشخصية بعد بلوغه سن 21 عام من البطاقة الشبابية الى بطاقة العزوبية وحصوله على صفة مواطن بالغ مؤهل ويوقع هذا العقد عن الدولة رئيس دائرة شؤون الاسرة في المنطقة الجغرافية لسكن المواطن .
ـ بالاضافة الى وجود الزوج والزوجة والابناء ضمن التشكيل العام للاسرة الا انه يجوز اضافة شخص ملحق الى الاسرة مثل الجد او الجدة من طرف الاب او الام ، ولكن لا يجوز اضافتهما كلاهما ( الجد والجدة ) الى الاسرة لان كلاهما معا يشكلان اسرة ويجب ان يعيشا في مسكن مستقل حتى وان كانا من كبار السن ، هذه هي القاعدة العامة في نظام الاسرة ... مع جواز الاستثناء في الحالات الخاصة
ـ عندما يكبرا الاب والام ويصلا الى مرحلة الشيخوخة فانهما سيكونان بحاجة الى رعاية من قبل الابناء او حتى من قبل الاحفاد ، ويتوجب على الابناء زيارتهما في مسكنهما باستمرار ورعايتهما وتقديم الخدمات اللازمة لهما ، والسؤال هنا من يجب عليه ان يكون قريبا من والديه في شيخوختهما لغرض رعايتهما .. الابن ام الابنة ؟ كالتزام اخلاقي عام فان الابناء جميعهم يتحملون المسؤولية المشتركة لرعاية والديهم وخاصة عند الكبر او العجز، ولكننا نرى ان الابنة بصفتها امرأة تكون أكفأ وأصلح من الرجل للقيام بمهمة الرعاية المنزلية للوالدين العجوزين ، وبالتالي يجب مراعاة هذه الملاحظة عند النظر في قضية رعاية كبار السن ، وفي حالة تعذر القيام بمهمة رعاية الوالدين العجوزين من قبل الابناء يتوجب حينئذ نقلهما الى دار للمسنين ليكونا تحت رعاية الدولة ، ان موضوع رعاية المسنين يجب ان يحظى باهتمام كبير من قبل الدولة ومؤسسات المجتمع ، واننا نوصي بوضع الخدمة في ( دور المسنين ) الى قائمة المواقع المدنية للخدمة الوطنية الالزامية المفروضة على الشباب
ـ رابطة القرابة هي الرابطة التي تنشأ بين الافراد من خلال التزاوج فيما بينهم وما ينجم عنه من افراد جدد جيلا بعد جيل ، توصف هذه الرابطة في مجتمعاتنا بانها رابطة الدم ونحن نطلق عليها رابطة الجينات الوراثية والتي هي اكثر دقة في التعبير ، رابطة القرابة تقع في درجات نطلق عليها درجات القرابة ، الموقع القرابي لكل انسان تجاه انسان آخر قريب له يختلف حسب درجة القرابة ، لكل انسان شبكة اقرباء يشكلون دوائر متداخلة مع بعضها ، حيث لكل انسان دائرة اقرباء رئيسية ثم تتفرع عنها دوائر اخرى تختلف حسب المواقع القرابية لعناصر الدوائر ، العناصر القرابية الرئيسية لكل انسان ستة عناصر وهي ( أب ، أم ، أخ ، أخت ، أبن ، أبنة ) وهذه تمثل الدائرة الاولى لسلسلة اقرباء الانسان او ما يطلق عليه اقرباء الدرجة الاولى هذا مع العلم بان الزوج او الزوجة لا يعتبرون ضمن اقرباء الجينات الوراثية ( اي اقرباء الدم ) ، اما الدائرة الثانية لاقرباء الانسان فتتمثل في عناصر الدائرة الاولى لكل عنصر في دائرته الاولى هو ذاته ، فالاب مثلا له اب ايضا (يمثل الجد) وله ام (تمثل الجدة) وله اخوة (يمثلون الاعمام) وله اخوات (يمثلن العمات) ، والام ايضا لها اقرباء من الدرجة الاولى يمثلون ( الجد والجدة والاخوال والخالات ) وكذا الحال بالنسبة لباقي العناصر القرابية الرئيسية في الدائرة الاولى ، ونحن نعتقد بانه يجب منع التزاوج بين اشخاص تربطهم رابطة القرابة لغاية الدرجة الثالثة ( اي ابناء العم ، ابناء العمة ، ابناء الخال ، ابناء الخالة ) ويجب ان يثبت هذا الشرط في حقل الشروط العامة في عقد الزواج ، والغرض من المنع هو تجنب ظهور جينات رديئة في الاجيال اللاحقة نتيجة زواج الاقارب
ـ مفاهيم ( الاخوة بالرضاعة ) و( الاخوة بالتبني ) لا تمت بصلة الى رابطة القرابة ، بل انها من المفاهيم التي تفتقر الى المنطق والى الواقعية ومن الخطأ تداول مثل هذه المفاهيم في المجتمعات المعاصرة ، مفهوم الاخوة بالرضاعة هو اشبه بمفهوم الشراكة في تناول طعام من مصدر واحد ، الشراكة بالرضاعة لا تعني الشراكة في الجينات الوراثية وبالتالي فهي لا تدخل في نطاق درجات القرابة ، ولا تترتب اي التزامات اخلاقية على المشتركين في تناول الطعام من مصدر واحد ، اما بالنسبة لمسالة التبني فهي مسألة خاصة لمعالجة مشكلة انسانية تتعلق بالاطفال الايتام الذين فقدوا الاب والام معا ، ونحن نرى بان الدولة هي المسؤولة عن اعالتهم ورعايتهم في مراكز خاصة ، ويجوز للدولة ان تحيل رعاية اي طفل يتيم الوالدين الى الاسرة الراغبة برعايته وفق نظام التبني ولكن بشرط ان لا يكون للاسرة اطفال ، اما بالنسبة لمفهوم الاخوة بالتبني فهو اشبه بمفهوم الشراكة في المعيشة والتربية ، وهذا النوع من الشراكة لا يعني شراكة في الجينات الوراثية وبالتالي لا يدخل في نطاق درجات القرابة ، ولا يترتب على الشراكة في المعيشة اي التزام اخلاقي خاص بين المشتركين في المعيشة والتربية ، ولكننا نؤكد على ان يكون التبني للايتام من قبل العوائل المحرومة من الاطفال حصرا .
يتبع الجزء الحادي عشر ......