المرأة العربية من المظلومية الجماعية الى التسلط الفردي .



صادق العلي
2018 / 3 / 26

العربية من المظلومية الجماعية الى التسلط الفردي .
,,,
يدعي البعض ان المرأة العربية تعيش حالة من التهميش ومن الظلم , وانها الضحية في المجتمعات العربية اكثر مما يتصوره العقل الانساني فهي تعاني من تسلط الرجل ومن تخلف التقاليد .
الى اي مدى يمكن ان نُصدق او نُكذب مظلومية المرأة العربية ؟!.
المؤشرات الاساسية في تناول هذا الموضوع هي العلاقة الاسرية ( الاب والام ) وكيفية تعاطيهما مع بعضهما البعض ومع ابنائهما من جهة , وكثرة الانكسارات ( السياسية والاجتماعية والاقتصادية ) او تكرارها على العائلة بشكل عام وعلى الاب بالتحديد كونه رب الاسرة من جهة اخرى .
في هذا الوقت لا شك إن صورة ( سي سيد ) قد انتهت من قاموس حياة الاسرة العربية بالمطلق , الرجل ( سي سيد ) بوصفه صاحب الامر والنهي ايضاً بوصفه صاحب السلطة بكل تفاصيل الاسرة 1, لم يعد ذلك المتحكم او الممسك بزمام الامور بل في احيان كثير تجده ضحية اكثر من المرأة واكثر من باقي افراد الاسرة ومع ذلك لا يستطيع الاعلان عن مظلوميته وسط اجواء ذكورية .
الى اي مدى يمكن ان نتحدث بصراحة عن مظلومية الرجل العربي ؟!.
طالما صرح الريديكاليون العرب ان الذكورية العربية قد وضعت اقدامها على طريق فقدان ( الحكم الذكوري المركزي ) او كما يُطلق عليه اصطلاحاً ديكتاتورية الرجل الشرقي , كان صاحب الحضور المخيف بل المرعب للجميع وللمرأة بالتحديد , المرأة التي تتنقل بين الخوف من الاهل الى الخوف من الزوج مع عدم وجود امل للخلاص منهما الاثنين .
هل المرأة العربية مؤهلة لقيادة الاسرة سواءً بوجود الرجل المهمش او حتى بعيداً عنه ؟!.
قد يكون الامر بسيطاً ولا يحتاج الى كل هذا التعقيد , فتراجع السلطة الذكرية الشرقية سواءً داخل الاسرة او خارجها امر طبيعي نظراً لمتغيرات العصر ( سياسية- اجتماعية-تكنولوجية ) , هنا لا استطيع تحديد اي لهذه المتغيرات التأثير الاكبر على ما يجري ولكن استطيع الجزم بأن حياة الاسرة العربية ليست كما كانت عليه قبل عدة عقود , ثم هناك المستجدات العالمية الاكبر والاخطر ( الثورة المعلوماتية ) التي احدثت تغيرات مذهلة في اغلب مجتمعات العالم ومنها طبعاً المجتمعات العربية بتقاليدها وبسلطة الذكر فيها , شخصياً اعتبر الثورة التكنولوجية ثاني اكبر المساهمين الذين حطموا الرجل المتحكم ( سي سيد ) بعد السياسة وبالتالي ادت بالضرورة الى تفعيل دور المرأة بشكل ( سلباً -ايجابا ) بحسب درجة تقبل المرأة لهذه المتغيرات !
لا نختلف على ان بناء الاسرة الناجحة يعتمد بالاساس على وجود مساحة من الحرية لافراد الاسرة يستطيعون من خلالها التعامل مع بعضهم البعض او مع الاخرين وفق ما يعتقدوه وهذا ما يُطلق عليه الاستقلالية ( طبعاً مع وجود الثوابت الاخلاقية ) , ولكن يرى العقل الريديكالي العربي بأن هذه حالة هي نوع من التحطيم المُنظم لقيم المجتمع العربي وهو ما ادى الى الترجع الاخلاقي , وسوف تؤدي الى تدمير الاسرة العربية بالكامل لفقدانها سلطة الرجل ( سي سيد ) بالصلاحيات مطلقة الممنوحة له مما يعطي النساء والابناء الكثير من ( الحقوق - التمرد ) ,هنا يجب ان لا ننسى ان المجتمعات العربية بفكرة التبعية الذكورية 1 او بالصلاحيات المطلقة لـفكرة سي سيد لم تكن افضل حالاً منها بعد فكرة سي سيد .
بالمقابل ادركت المرأة العربية حقيقية مركبة يصعب عليها التعامل معها وهي :
انها تملك الحق بأدارة حياتها بحسب القانون وبحسب معايير العصر, في ذات الوقت لا تستطيع استخدام هذا الحق 2 لاسباب اما مُعلنة او يتم التكتم عليها , ايضا خوفها من تبعات قرارها فيما لو استخدمت حقها القانوني ضد الرجل , لانها بالاساس لم تنشأ على فكرة الاستقلالية او الفردية وبالتالي من السهل سقوطها فريسة لمرحلة ما بعد تسلط الذكر .
اذا كانت المرأة العربية تعاني ظلم الرجل الشرقي مرة واحدة وهي في كنفه, فأنها ستعاني اكثر من مرة وهي بعيدة عنه , وهذا ليس تروجاً لبقائها مضطهدة طبعاً , لانني انطلق من قاعدة مهمة وهي التحول الكبير للنساء العربيات من حالة تنفيذ قرارات سي سيد الى مرحلة صناعة القرارات تنفذتها هي مرحلة ليست سهلة وتتطلب مهارات معينة .
ربما ستكون الاجيال المقبلة للنساء العربيات فرصة اكبر او قدرة اكثرعلى استخدام حقوقهن في المجتمعات العربية , هذا لا يمنع ان المرأة العربية التي تعيش في المجتمعات الغربية استطاعت تجاوز بعض العقبات في معرفة حقوقها واستخدامها لهذه الحقوق , هناك البعض الاخر من النساء العربيات اللاتي تراجعن اكثر واصبحن اكثر ريديكالية من الذكر نفسه معللة ذلك بالتراكمات الاجتماعية التي جلبها المجتمع العربي معه الى الغرب , او هي التعاليم الدينية بوصفها بوصلة الانسان في غربته .
يبقى الجانب الاقتصادي اهم عقبة يمكن ان تُفشل مشروع استقلال المرأة .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,, هوامش
1السلطات التي تُحرك الذكر العربي هي : الدين - التقاليد - الاوضاع السياسية والاقتصادية .
2نسبة النساء اللاتي يستخدمن حقوقهن القانونية اقل بكثير ممن يتنازلن عن حقوقهن لعدة اعتبارات .
,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,,