قاتل المرأة قاتل للانسانية



سهيل قبلان
2018 / 5 / 22


عندما تعانق أناملي القلم لأكتب او لأفتح صفحات الكتب والجرائد لأقرأ، اشعر انني اكتب بالدمع وارى احرف الكلام كالدموع تسيل من عيني المرحومة والدتي فكيف ولماذا ذلك كنت يومها في عام 1971 في السادسة عشرة من عمري ونهضت ذات يوم للذهاب الى المدرسة الثانوية في الرامة حيث لم تكن مدارس ثانوية في بيت جن واذا بوالدتي تبكي والدموع في عينيها ولما سألتها يما ليش عمتبكي، فقالت وقد طبعت قبلة على خدي ابوك معهش ليرة يعطيك تتروح عالمدرسة فايام الصحو في تشارين كنت اتوجه الى المدرسة في الرامة سيرا على الاقدام عندما لم اجد ثمن التذكرة ، وماذا مع ايام الشتاء فلا امكانية للسير على الاقدام تحت المطر، فاضطررت لترك المدرسة بعد التعلم ثلاثة اشهر في الفصل الاول من الصف العاشر، وتوجهت للعمل، وهكذا ظلت دموع والدتي تسري في كياني بالاضافة الى ما شاهدته في حياتي على ارض الواقع وعلى شاشة المرناة من مشاهد لنساء تعرضن للعنف والدموع تسيل من عيونهن والدماء من اجسادهن، واهم من ذلك اعتناقي للمبادئ الشيوعية التي تتعامل مع المرأة كانسان بدون اي تمييز بينها وبين الرجل، فانزرعت في مشاعري وافكاري مشاعر الحنو على المرأة والعطف عليها والوقوف الى جانبها ومعها لتحيا بكرامة.
وقد عشت في بيت ضم احد عشر شقيقا، وبعد سبعة اشقاء انا البكر فيهم انجبت والدتي الشقيقة الاولى فغمرنا الفرح وشعرت ان والدتي لم تنجب مجرد شقيقة وانما انجبت الحياة السعيدة والرائعة كلها فقررت انا تسميتها حياة اي الحياة كلها الفواحة والرائعة. ثم تلتها سهيلة ليست التصغير لكلمة سهل وانما هي السهل الرحيب الحافل بالسنابل الملأى بالخيرات والنفحات الطيبة. ثم جاءت هالة التي اسميتها تيمنا بهالة القمر الذي كنا نعشقه بنوره وانه يحول الليل الى قطعة رخام. وجاءت الرابعة واسميتها ختام وقلت لوالدي بيكفي عاد، وها هي ختام المختومة بقبلة الشفق ونفحة الحبق وتنهيدة المحبة الدافئة والعابقة بأطيب الروائح، ولا اذكر انني اعترضت واحدة منهن او سمحت للظن وبعض الظن اثم ان يخالج مشاعري. وانما مع والدّي ربيناهن على الثقة بالنفس ومحبة الناس والتحصيل العلمي والاعتماد على النفس والسير شامخات الرأس، وعرفنا في بيت جن باولاد منيب، اسم والدي، كقدوة للآخرين في التآخي والتآلف والمحبة والاحترام، وسمعتها من كثيرين في يفاعتي كونوا مثل ولاد منيب، ويتملكني الغضب عندما اقرأ عن قتل امرأة او التعامل مع المرأة كناقصة عقل ودين او انها يجب ان تكون بمثابة تابع للرجل وانها غير مسؤولة عن نفسها.
وتزوجت وكانت زوجتي تغضب علي لماذا لا اسألها الى اين ذاهبة او من اين آتية فاقول لها لا اسمح لنفسي، فمجرد السؤال بمثابة شك وظن وبعض الظن اثم ومن منطلق الثقة لا اسأل وقيل اذا جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا الحقيقة قبل ان تصبحوا على ما فعلتم نادمين، فأي انسان توفر له الظروف والدعم والرعاية والحث الدائم على الرقي والتقدم يثبت نفسه بغض النظر ذكرا كان ام انثى، فكما كان ويوجد رؤساء دول وحكومات ووزراء وادباء وشعراء وبروفيسوريون وفلاسفة ومناضلون فهناك رئيسات دول وحكومات ومبدعات في كل المجالات، خاصة ان الأم مدرسة اذا اعددتها اعددت شعبا طيب الاعراق ويرفع الشعب فريقان اناث وذكور وهل الطائر الا بجناحيه يطير، وليس التأنيث لاسم الشمس عيبا وليس التذكير فخرا للهلال، ومن اقوال الرسول - صلعم - النساء شقائق الرجال ما اكرمهن الا كريم وما اهانهن الا لئيم، ولانني من انصار المرأة ومبجليها وارى بها بمثابة طود من القدرة والمواهب والعطاء الاجمل في كافة الميادين اقولها وبكل فخر رغم انني يتيم لا اشعر باليتم وأفاخر بأنني اكثر واحد له اخوات وامهات وخاصة من الشيوعيات والجبهويات، فقد فزت بالمرتبة الاولى على صعيد عالمي في مسابقة الارقام القياسية في موسوعة غينيس من له اكثر امهات واخوات، فاشعر بان رفيقاتي ام هشام نايفة محمود نفاع وام نرجس نبيهة مرقس وام مازن نجيبة غطاس وتمار غوجانسكي ويوخيفد غونين وفيليتسيا لانغر هن امهات عزيزات واغلى كنز عندي واخواتي اكثر ومنهن الفنانة الموهوبة ذات الصوت المخملي المضمخ بعبق الجليل امل مرقس مع نرجس وهندية صغير وحورية نصرة وعايدة توما سليمان وعميرة هس وجميلة سعد وهيلانة سمعان هن اخوات غاليات. ومن منطلق احترامي للمرأة كانسان كامل اعتدت على تقبيل ايدي النساء من رفيقات وصديقات وانا اقولها عندما اصافح شقيقاتي وابنتي الوحيدة عفراء، اقبل اياديهن وليس العكس، كما هي العادات عند العرب. وفي مهرجان اول ايار الاخير في كفر ياسيف عندما اردت تقبيل يد رفيقة اخت رفضت قائلة بطل هالعادة، قلت لها، لن ابطلها لانني احترم المرأة وتعبيري للاحترام يكون بتقبيل يديها، فزعلت منها ولم ازل ولكي تراضيني، لا بد ان تقرأ هذا الكلام ادعوها لزيارتي في بيت جن على فنجان قهوة ولنتراضى.
وانا ارى ان اطلاق الرصاص على المرأة وقتلها خاصة في ما يسمى شرف العائلة، هو بمثابة اطلاق الرصاص على الانسانية وطعنها والهروب من التعامل مع المرأة كانسان بمثابة اذلال وعار وشنار للرجل وهزيمة اخلاقية وضميرية، وما يدور في المجتمع من جرائم قتل خاصة ضد النساء هو مفجع حقا وبمثابة عشق للبهيمية وما دام التعامل مع المرأة غامضا فينا ما دمنا في ظلمات السجون وقبضة العذاب فكل علم وكل عمل وكل نظرة للمرأة وكل نية لا تستمد حياتها من افكار وينابيع انها انسان كامل ورائع ومن حقه الحياة باحترام وكرامة واثبات نفسه، هو بمثابة الم ووجع وجريمة وكل ارادة لا تستوحي قوتها من ان المرأة ارادة هائلة وكتلة ضخمة من العزم والعطاء والمقاومة هي بمثابة غل في العنق وسهم في الكبد وما زاغ عن التعامل باحترام هو خيبة تقود الى خيبة وعثرة تفضي الى عثرة. فالتعامل الجاهلي بروح وأد البنات في عام 2018 هو عقيم في الحياة وبمثابة دوس على قدسية الحياة وقدسية الانسان وبمثابة قذارة فقد آن اوان تحويلها الى طهارة، والعقم الى خصب من المحبة والتقدير والمصافحة وتنظيف الافكار والمشاعر والمواقف من ادران وثآليل الافكار والمواقف البالية وان اجمل جمال الابداع والفن والعطاء ليس في الكتب والمتاحف والطبيعة وحسب انما في حياة موحدة الغاية والارادة والمواقف والاحترام المتبادل، ارادة الوصول الى تذويت الحقيقة والى غاية ان المرأة انسان كامل متكامل وقادر ومطلوب احترامه وتقديره وانه هو المسؤول عن نفسه وسلوكه وليس تابعا كالظل للرجل، وان يتملكه الايمان الذي لا يتزعزع بان المرأة انسان قادر وذلك بهدف الوصول الى خلق الانسان الاسمى ذكرا كان ام انثى بهدف العيش باحترام وتجسيد قول وهل الطائر الا بجناحيه يطير، وان يظل الشعار ضميرا لا يسخر لفكر جاهلي متخلف وجبين لا يعفر بغبار الاذلال والاحتقار وانما لسان حليم شكور وقلب عفيف غفور وبالتالي نبذ كل من يرى في البلية عطية وبدلا من انزال الاذى بالمرأة، محو وانزال الافكار العقيمة المشوهة للضمائر ولانسانية الانسان.
وانا افاخر بأنني كما احني هامتي امام المرأة في كل مكان وخاصة الرفيقات والجبهويات واشد على ايديهن وتقبيلها ابعث من خلالهن الى كل نساء العالم بتحية الاخلاص والوفاء والتقدير العابقة ودعوتهن لتشديد النضال لمحو الظلم ليس الجسدي فقط، فكم من كلام سيئ قتل واذل وخذل وانتن ودهور العلاقات بين الناس، ورغم انني عمرت بيتي بعرق جبيني الا انني احس بالحنين الى البيت الذي غمرني فيه عطف وحنان وقبلات والدتي ودعواتها الدائمة لي بالتوفيق، واحس انني باحترامي للمرأة وبانني اكثر من له اخوات اجلس فوق اعلى الكواكب مفاخرا بتقديسي للمرأة الانسان، ايقونة النضال والشهامة والكرامة وزنبقة فواحة في بستان الحياة وعابقة بكل الطيب من عطاء ونضال وعلم وعمل واثبات القدرات في كافة ميادين الحياة للعيش مرفوعة الهامة منتصبة القامة بحنانها وعطفها وانها ام الدنيا. وواجب الانسان اكرام والديه، فالمواقف العابقة من المرأة الذ واشهى مواقف وتستحق كل تقدير واحترام وقبلة على الايدي وارى لكل واحدا منكن ومن خلالكن كتابا رائع المضمون بمجد الانسان والحياة وزهرة عابقة بحب صيانتها لكي تظل عابقة باشرف المواقف واعظم القدرات وليس دوسها واهمالها وكما ان روائح الروض مختلفة الا ان القاسم المشترك بينها هو انعاشها للنفوس وتضميخها للنسائم فلتكن افكار الناس ومواقفهم بالنسبة للمرأة عبير ورود، ورغم انني دفنت جسد والدتي الا انني اشعر بامهات كثيرات على قيد الحياة من شيوعيات وجبهويات قائلا لهن احبكن واحترمكن واقبل اياديكن وجميعنا لنقف صفا واحدا لنغير التعامل المتخلف مع المرأة وان يستند اساس التعامل معها الى الاخلاق والمروءة والمحبة لها كانسان وليست كجسد.