انهيار



امل عجيل ابراهيم
2018 / 9 / 14

انهيار
رجل وامرأة..تجاوزا الاربعين ،كانا يقفان في ممر شبه منعزل خلف مكتبة الجامعة ..
لااعرف ماالذي أثار انتباهي في وقفتهما تلك ومتى بدأت حواسي تلتقط صوتهما المنفعل ..
شيء ما ...جذبني الى المرأة
كانت تحبس في عينيها دمعة تريد الفرار ...وتخنق بين شفتيها آهة توقفت بألم وكبرياء
كان الرجل باردا ورتيبا وهو ينطق بكلمات لم أميزها ومع ذلك كنت متيقنا ان كلماته تقتل المرأة ببرود ووحشية
كان يتكلم ويحرك يديه بقسوة ...اما هي ..فكانت صامتة
ملامحها تصرخ بصمت وتوجع والم وحزن كأنها يمامة تحتضر على اسفلت شارع فارغ بظهيرة تموزية
وعجبت !!
كيف له ان لايرى انهيارها ولايسمع صراخ صمتها ؟؟
تسمرت في مكاني ،لم استطع نقل عيني من وجه المراة ،ودمعتها المستعصية ،وصرختها الصامتة ،وانعكاس اشعة الشمس الدافئة على ملامحها المبهرة ،وخصلات شعرها التي تطايرت ثم عادت لتغطي نصف وجهها
فجأة ...انسحب الرجل وكأنه قال ماعنده وأكمل جريمة استلاب روحها
أخذت عيناها تتبعانه وهو يسرع بعصبية دون ان يلتفت اليها
حدست أنها مازالت تحبه رغم كل الالم الذي حفره على وجهها
سقطت حقيبتها دون ان تنتبه ومع اني كنت قريبا منها فلم اساعدها في التقاطها ...كنت منبهرا مندهشا ...كمن يرى جبلا ينهار او بركانا ينفجر وشعرت بعداء عارم نحو الرجل الذي اختفى
وبحنّو شديد عليها ...ومع انها بعمر والدتي لكنني احسست وكانها طفلتي وانا مسؤول عنها
كان وجهها بريئا وصادقا وهي تحاول اخفاء وجعها الذي انفجر حالما غادر الرجل ،في شكل دموع غزيرة غطت وجهها
لم احتمل ان تنتبه لأمر مراقبتي لها ...يكفي ماهي فيه
سرت بعيدا ...لكن روحي التي بقيت قريبة منها كانت تسمع بوضوح نشيج نحيبها وهي تمسك بسياج الممر لتحافظ على استمرار وقوفها