حجارة رجم الزانية سوداء



عبدالرزاق دحنون
2018 / 10 / 7

(من منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر)

يقول صاحب كتاب مقدمة للشعر العربي:
"في عدد من جريدة "ليبراسيون" الفرنسية رأيتُ نماذج من الحجارة التي يستخدمها الرّاجمون ... كانت تُحيط بامرأة طُمرت في التراب حتى صدرها. معظم الحجارة سوداء اللون, بأشكال مربعة ومستطيلة, وجه المرأة كما بدا في الصورة يشع صلابة واستغراباً.تخيلتُ نفسي بين من يرجمونها حتى الموت. لكن سرعان ما تساءلتُ: هل أقدر, حقاً, أن أفعل ذلك, وشككتُ في قُدرتي. إذ, بأيّ عقل, بأيّ قلب, بأية ثقافة, أقذف بالحجارة رأس كائن بشري, مقيد مطمور, حتى يتهشم ويموت؟ وقلتُ: ألن يكون رجمي له, رجماً لنفسي أولاً؟ ذلك أنني لا أرجم فيه مجرد اللحم والعظم, وإنما الجوهر الإنساني الذي فيه, الجوهر المشترك بين البشر جميعاً, كأنني قي ذلك أرجم الخليقة كلها"
نسأل ما الذنب الذي اقترفته هذه المخلوقة المسلمة حتى تموت هذه الميتة المرعبة؟
ومن ثمَّ ألا يحرّم الدين الإسلامي التمثيل بجسد الميت أو المقتول ؟
نعم حرمة جسد الميت كحرمة الجسد الحي في الإسلام . وبذلك يمكننا القول:
الأصل أن يكون التمثيل بالجسد الحي محرماً تحريماً قطعياً, لأن الحي أبقى من الميت, والرجم على هذه الصورة يُعدُّ من أساليب التعذيب والتمثيل بالجسد الحي, وهذا يخالف الغاية من تطبيق الحدود في الشريعة الإسلامية.
قُلنا ما فعلت هذه المسكينة حتى قُتلت بهذه الوحشية؟ قالوا: زنت. ماذا؟ نعم زنت , مارست الجنس مع غريب, وهي متزوجة . ولو كانت عزباء نجلدها مئة جلدة مع شريكها تحت أنظار الجمهور. والجلد منصوص عليه في القرآن فهو مما حصل عليه الإجماع بين المسلمين على اختلاف فرقهم ومذاهبهم.أما الرجم فقد أُثيرت حوله الشكوك لأنه غير منصوص عليه في القرآن. ومثل هذه العقوبة البشعة يصعب تصور أنها تُترك لنص قلق مثير للخلاف. وقد نقلت مصادر أهل السنة خبراً عن عمر بن الخطاب أن الرجم نصّ عليه في آية منسوخة التلاوة باقية الحكم .
قُالنا للعلامة البغدادي هادي العلوي -طيب الله ثراه- ما هو الزنا؟ قال: الزنا من الألفاظ المشتركة في الساميات الأحدث, فهو في العبرية زنوت وفي السريانية زنوتا. ويطلق الزنا على الفعل الجنسي الطوعي. وكونه طوعي يميزه عن فعلين جنسيين آخرين هما: البغاء, وهو اقتراف اضطراري تلجأ إليه المرأة للحصول على مقابل مادي. والاغتصاب وهو فعل مفروض بالقوة على المرأة. وتبعاً للقضاء الإسلامي لا تثبت تهمة الزنا إلا بأربعة شهود رأوا بأعينهم طرفي الفعل في فراش واحد ومتلبسين بالجماع. ويشمل قيد الشهود الأربعة مشاهدة الفعل من قبل الزوج أو ولي الأمر, فهي لا تعتبر كافية في إثبات التهمة ما لم يُحضر أربعة شهود. وعلى هذا الأساس لا يملك حق التصرف في المتهمة ومعاقبتها على الفعل لأن ادعاءه لا يعتبر في الإثبات ما لم يقترن بشاهدة الشهود. والحكم الشرعي يقول: إن من قتل امرأة من محارمه بتهمة الزنا فهو قاتل وعليه القصاص أو الفدية.
وفي شريعة السيد المسيح أن اليهود أحضروا إليه امرأة ضُبطت تزني. وقالوا له: يا معلم هذه المرأة ضبطت وهي تزني. وقد أوصنا موسى في شريعته بإعدام أمثالها رجماً بالحجارة, فما قولك أنت؟ فقال: من منكم بلا خطيئة فليرمها أولاً بحجر. ثم قال للمرأة: اذهبي ولا تعودي تخطئين.
يظهر من هذا النص الإنجيلي أن حدَّ الرجم للزانية المتزوجة يهودي الأصل وحين جاء السيد المسيح أبطله في نص صريح ومن ثم جاء النص القرآني فأغفل ذكره لكن المُشرع الإسلامي تمسك به دون الاعتماد على نص مكتوب في القرآن.