الاغتصاب بوصفه جريمة إبادة جماعية ! النساء الإيزيديات إنموذجاً



خالد الخالدي
2018 / 10 / 13

مع تزامن انطلاق عمل فريق التحقيق بجرائم ما يسمى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام الارهابي المتطرف داعش في جمهورية العراق وفق القرار 2379 الصادر عن مجلس الامن ديسمبر 2017 ، نشهد تصاعد ايجابي صحي مضطرد بالعمل والتواصل النشط بين المدافعين عن حقوق الانسان "العاملين في الميدان" على جريمتي الابادة الجماعية للايزيديين خصوصا وبشكل اقل نسبياً على ملف الابادة الجماعية للمسيحيين من خلال العمل النشط والفعال الذي يترجم عبر وسائل الاعلام وخصوصا الالكتروني منها .
تدور اشكال التواصل المبنية على حوارات بالغالب حول التوصيف والتكييف القانوني للسلوك الاجرامي لعناصر تنظيم "داعش" الارهابي ضد هذين الجماعتين حيث تراوحت الحوارات القائمة بين وصف المدافعين للجرائم ضد المسيحيين بانها ابادة جماعية فيما يشهد التوصيف للجرائم ضد الايزيديين نقلة تتجاوز الركن المادي للجرائم اذ انها كثيرا ما توصف بإنها واضحة لانها تأتي مطابقة للنص في المادة السادسة بفقراتها الخمس من نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية 1998.
وبطبيعة الحال فأن هناك اختلافات بالرأي تظهر بين الحين والاخر على سبيل المثال بخصوص جريمة الاغتصاب أو العنف الجنسي المرتكب ضد المرأة في النزاعات المسلحةاجمالاً فان الرؤية التي يتبناها بعض المدافعين حول جريمة الاغتصاب تحديدا نجد انهم يذهبون الى ان هذه الجريمة تتجاوز الجريمة ضد الانسانية الى شكل من اشكال السلوك الاجرامي في جريمة الابادة الجماعية في حالة الاقلية الايزيدية .
بينما الطرف الاخر من المدافعين يقدم توصيفاً اخر بانها جريمة ضد الانسانية متسلحاً بأسس قانونية منطقية مقبولة .
فهل الاغتصاب والعنف الجنسي في حالة الايزيديين شكل من اشكال جريمة الابادة الجماعية ام انها جريمة ضد الانسانية ؟
من المعلوم ان جريمة الاغتصاب او العنف الجنسي تعد جريمة ضد الانسانية وفق :-
■ نظام روما الاساس للمحكمة الجنائية الدولية المادة السابعة الفقرة زاي اولا
■ نظام روما الاساس للمحكمة الجنائية الدولية المادة السابعة الفقرة زاي سادسا
وهذا السلوك بشكل خاص ينطبق على الجرائم المرتكبة ضد النساء الايزيديات
( لكن ) وفق ما ورد اعلاه وهو كما قلنا انه المتعارف عليه وعليه يقف اغلب القانونيين والحقوقيين من العاملين على ملف الابادة الجماعية للايزيديين في العراق
الا ان الطرف الاول الذي يعتبرها فعل من افعال جريمة الابادة الجماعية يتخذ من سير وقائع "المحكمة الجنائية الدولية لرواندا international criminal tribunal rwanda" و الاقتباس التالي حجة يدفع بها
(اقتباس نصي طبق الاصل من الصفحة 730 من سير الوقائع ل ICTR )
" يعد الاغتصاب الجنسي المرتكب في ظل ظروف معينة بانه فعل ابادة اذا أقترن بقصد التدمير " (انتهى الاقتباس)
وفق الاقتباس اعتمدت المحكمة الجنائية الدولية لراوندا ان جريمة الاغتصاب الجنسي هي فعل من افعال جريمة ابادة جماعية وتم الفصل بين العنف الجنسي والاغتصاب بالتوصيف على الرغم من ان الاغتصاب هو شكل من اشكال العنف الجنسي وذلك لان العنف الجنسي لا يتطلب ان يكون هناك اتصال جسدي او ايلاج فقط حيث عرفت ICTR الاغتصاب في سياق جريمة الابادة الجماعية لاثنية التوتسي في رواندا انه ( اقتباس نصي طبق الاصل )
"اعتداء جسدي ذو طبيعة جنسية يرتكب ضد شخص قسرياً ورغماً عن ارادته . اما العنف الجنسي الذي يشمل الاغتصاب فلا يقتصر على الاعتداء الجنسي على الجسد بل قد يشمل تصرفات اخرى لا تتعلق بالايلاج او حتى باللاتصال بجسد الضحية"
(انتهى الاقتباس)
مما تقدم ذكره فأن الجميع يقرون ان جريمتي العنف الجنسي والاغتصاب من ابشع الجرائم التي تسببان اذى جسدي و نفسي في ذات الوقت بل تمتد اثاره لسنوات طويلة والفيصل هنا بين الفريقين هو النية او القصد الجنائي من ارتكاب هذا الفعل الجرمي .
وفق ما تقدم نذكر أن العمل النشط بالدفاع عن حقوق الانسان يتطلب اعتماد اعلى سقف متاح يمكن الوصول اليه من تطبيق القانون الدولي ولايمكن ان يتوقف على الممكن لان مصالح وحقوق الضحايا لايمكن ان يتم التهاون بها .
ان غاية التنظيم الارهابي حين اختطافه لاكثر من 3000 فتاة وامراة واجبار المئات منهن على الحمل القسري لا يمكن وصفها الا انها نية واضحة للتغيير الوراثي وبالتالي سيؤدي الى تغيير عرقي لهذه الجماعة مما يثبت شرط المحكمة الدولية - الرواندية ان العنف الجنسي والاغتصاب في هذه الحالة يرتقي لجريمة ابادة جماعية لانه قد حقق او يسعى لتحقيق شرط التدمير الكلي والجزئي .