نقل أطفال الايزيديين لجماعة أخرى ترتقي لجريمة إبادة ...



خالد الخالدي
2018 / 10 / 13

ان العمل على اقرار جرائم ممنهجة واسعة النطاق واثبات نيتها بالتدمير الكلي او الجزئي والتي ارتكبت ضد الايزيديين من قبل ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام الإرهابي المتطرف - داعش - على انها جرائم ابادة جماعية يعد واحدا من اصعب الممارسات بالدفاع عن حقوق الانسان . تأتي هذه الصعوبة لان مثل هذه الجرائم متشعبة واسعة تضم افعالا جرمية عديدة تحمل صفة الجرائم الدولية الخطيرة والتي عبرت عنها الامم المتحدة والمجتمع بالقول "عند ارتكاب مثل هذه الجرائم فان العالم لابد ان يكون معنيا".
مع ذلك تبرز الصعوبات وتتجلى في اتجاهات عديدة لأنها غالبا ما تدخل الدولة التي حدثت هذه الجريمة على اقليمها بحرج دولي كبير سياسيا من جهة ، وقد تفسرها الحكومات ذات الصلة على انها قضايا سيادية بحتة فترفض ان يتم النظر فيها على المستوى الدولي ! وهذا غالبا ما تتذرع به الحكومات بعدم الموافقة على الانضمام للمحكمة الجنائية الدولية من خلال التوقيع والمصادقة على معاهدة روما 1998 ونظامها الأساس .
ولان جرائم من هذا النوع لا تسقط بالتقادم عليه يجب ان يستمر المدافعون عن حقوق الانسان بشكل خاص العاملين في مجال الرصد والتوثيق بالعمل على ملفات الابادة الجماعية بدون كلل او ملل مهما مضى من وقت ، فالعمل على تعزيز الادلة واصدار التقارير حول هذا النوع من الجرائم يجب ان يستمر دون الالتفات الى اي محددات ونتائج لان الاساس هنا هو اطلاق اكبر عدد من مواد الرصد والتوثيق تكييفا وتوصيفا بحسب هذا النظام .
وفي سياق التقديم التالي سنستعرض الكيفية بإثبات فقرة واحدة من مجموع الخمس فقرات في المادة السادسة من نظام المحكمة الجنائية الدولية الأساس والتي تنطبق على جريمة الابادة الجماعية للايزيديين وهي الفقرة هاء من المادة السادسة الباب الثاني والتي تنص على " هاء- نقل اطفال الجماعة عنوة الى جماعة أخرى" هذا النص المقتبس ظاهرياً ينطبق على جريمة نقل الأطفال الايزيديين من الديانة الايزيدية الى الديانة الإسلامية والتي ارتكبها ما يسمى بتنظيم داعش الإرهابي لكن لا يعني ان هذا كافيا بل يجب ان نحقق 7 اركان اخرى للفقرة هاء لاثبات ان هذا النقل للأطفال من ديانتهم الى الديانة الإسلامية هو فعل من افعال جريمة إبادة جماعية وكالاتي : -
1 . ان ينقل مرتكب الجريمة عنوة شخصا او أكثر ، تنطبق حالة الايزيديين وهذا الركن لان الأطفال تم نقلهم بالقوة والاكراه من خلال السيطرة على مناطقهم بهجوم بري ومن ثم اجبارهم على اعتناق الديانة الإسلامية .
2 . ان يكون الشخص او الاشخاص منتمين الى جماعة قومية او اثنية او عرقية او دينية معينة ، كما معروف ان الاقلية الايزيدية معترف بها وفق الدستور العراقي النافذ 2005 و قانون رقم 5 لعام 2015 الصادر والنافذ عن وفي اقليم كوردستان العراق
3 . ان ينوي مرتكب الجريمة اهلاك تلك الجماعة القومية او الاثنية او العرقية او الدينية كليا او جزئيا بصفتها تلك ، حول اثبات القصد الجنائي من ارتكاب هذا الفعل او اثبات النية يمكن العودة الى تقرير الامم المتحدة حول الايزيديين "جاؤوا ليدمروا " 2016 لإثبات نية الواقعة وهو من تقارير اللجنة الدولية الخاصة بالتحقيق بالانتهاكات المزعومة في الجمهورية العربية السورية او العودة الى تقرير المقرر الخاص المعني بالإبادة الجماعية 27 شباط 2017
4 . ان يكون النقل من تلك الجماعة الى جماعة اخرى ، و هذا الركن متحقق كون الأطفال هم من الديانة الايزيدية نقلوا الى الديانة الاسلامية او من الاقلية الايزيدية الى المكون العربي وحتى العشيرة والقبيلة قد يتم القبول بها اذ تم تفسيرها والقبول بها انها جماعة وان كانت غير واردة لكنها توضح اختلافات عميقة وجوهرية بالعرق و العادات والتقاليد والديانة .
5 . ان يكون الشخص او الاشخاص دون سن الثامنة عشرة، ويمكن ان يوضح هذا الركن من خلال فحص الأطباء للتكوين والبناء الجسماني للضحايا او من خلال الوثائق الرسمية والتي يجب ان ترفق بسير الدعاوى .
6 . ان يعلم مرتكب الجريمة او يفترض فيه ان الشخص او الاشخاص هم دون سن الثامنة عشرة، ويعد هذا الركن متحقق تلقائيا فقرار التنظيم الإرهابي قتل كل من تجاوز ال 13 عام من عمره اي ان اعتماد سن 13 من قبل التنظيم الارهابي كسن محدد لقرار قتلهم او الابقاء عليهم لا يقبل الشك انه حقق هذا الركن باعتبار انه سيحقق انهم دون 18 عام
7 . ان يصدر هذا التصرف في سياق نمط سلوك مماثل واضح موجه ضد تلك الجماعة او ان من شأن التصرف ان يحدث بحد ذاته اهلاك الجماعة، ويبرز لنا اثبات هذا الركن الأخير من خلال سلسلة الفظائع المرتكبة ضدهم او استخدام الاطفال بتنفيذ العمليات الارهابية واشراكهم بالقتال.

على الرغم من عدم انضمام جمهورية العراق الى المحكمة الجنائية الدولية بالتالي هو ليس طرفا فيها الا انه ومما تقدم يبان لنا واضحا ان الفقرة هاء من المادة السادسة من نظام روما الأساسي و أركانها تنطبق كليا على حالة ضحايا جريمة الإبادة الجماعية للايزيديين الأطفال منهم بالتالي هذا العمل هو جزء من التوثيق المستقبلي للجريمة والتي قد يتم النظر فيها امام المحكمة الجنائية الدولية في حال تم فتح ملفات متهمين أجانب غير عراقيين بهذه القضية من قبل بلدانهم المصادقة والمنضمة لهذه المحكمة.