انعدام التربية الجنسية في المناهج التربوية يضر بمستقبل الشباب المغاربة



اليزيد الفحل
2018 / 10 / 14

يعتبر التطرق إلى موضوع الجنس أو الأعضاء التناسلية للنساء والذكور من الطابوهات في جل المجتمعات العربية، وفي البعض من الدول تقتصر مادة علم الأحياء على شرح الأعضاء التناسلية والتغيرات التي تحدث للشبان والفتيات في مرحلة البلوغ بطرق محتشمة وغير معمقة، حيث يعد هذا سبب من أسباب افتقار أغلب الدول العربية إلى إدراج مادة التربية الجنسية في مناهجها الدراسية.
دعا أساتذة ومدربو التربية إلى إرساء تربية جنسية شاملة في المدارس المغربية للحد من مخاطر الأمراض المنقولة جنسيا بين المراهقين. جاءت الدعوة بعد الاشتغال على دراسات ميدانية معمقة مع الشباب المغاربة. ولاحظ الباحث الاجتماعي والإعلامي اليزيد الفحل أن تأخر سن الزواج في المغرب أدى إلى زيادة العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج. أو ما يصطلح " بالمصاحبة" التي تمثل العلاقة الزوجية، ولفت إلى أن إقامة العلاقات الجنسية في سن مبكرة ونقص المعلومات يعرّضان المراهقين إلى سلوكيات خطيرة قد تؤدي إلى الإصابة بالأمراض المنقولة جنسيا أو الحمل غير المرغوب فيه أو الإجهاض على سبيل الذكر لا الحصر.
ولوحظ في السنوات الأخيرة أن نسبة الشبان المغاربة الذين لديهم علاقات جنسية خارج إطار الزواج (إناثا وذكورا) لا يستعملون وسائل الوقاية من الأمراض المنقولة جنسيا، وذلك ناتج عن غياب الإعلام التربوي والصحي إذ يعد موضوع التثقيـف الجنسـي للشبـاب والمراهقين أساسي للوقاية من السلوكيات الخطيرة، إلا أن ”التثقيف الجنسي في المدارس المغربية مازال مرفوضا ويُنظر إليه كتحريض على ممارسة الجنس والرذيلة“.
إن الدور الإيجابي للتربية الجنسية للمراهقين والشباب المغربي في الوقاية من السلوكيات الخطيرة، وأن دروس التربية الجنسية في المناهج المدرسية في المغرب قليلة بل باتت شبه منعدمة، وعادة ما يتم تدريسها في نهاية مرحلة البلوغ، وتقتصر على تدريس الجهاز التناسلي والعوارض البيولوجية، من هنا يجدر بنا الحديث عن أهمية تكوين المراهقين والشباب في مجال الصحة الجنسية والإنجابية الذي أصبح ضروري في مجتمعنا الحالي، وأن دور الهياكل التربوية في إرساء تربية جنسية شاملة كفيلة بتكوين جيل واع بمسؤولياته. إن تسليط الضوء على واقع انتشار ممارسة الجنس وسط التلاميذ والطلبة في المغرب أصبح أمرا اعتياديا قراءته في الصحف المغربية، وهي الظاهرة التي باتت تقلق السلطات وتدفعها باتجاه وضع حلول لها عبر فرض عقوبات. لا يعقل أن الوسط المدرسي والجامعي في المغرب أصبح فضاء ملائماً لممارسة الجنس ومسرحاً لعلاقات جنسية غير منظمة.

إن السلطات المغربية، وللتقليل من هذه الظاهرة الاجتماعية، تسعى إلى إنشاء خلايا إصغاء وإرشاد الشباب في مجال الصحة الإنجابية في الوسط الجامعي وسكن الطلاب خاصة دون الإفصاح عن تفاصيل مفهوم هذه الخلايا وطبيعة عملها بل و أسندت الأمر لجمعيات المجتمع المدني التي ينقصها التكوين في المجال ... كما وجب التوضيح إلى أن العلاقات الجنسية غير الزوجية تعتبر من المحظورات الأكثر انتشارا في المجتمع المغربي، مشيرا إلى أن كل الدراسات في هذا الشأن لم تنجز على عينات تمثيلية وطنية.
إن العلاقات الجنسية غير الزوجية منتشرة وتشكل إحدى جوانب ”الانفلات الجنسي الذي يعيشه المجتمع المغربي، ومن هنا لا بد للمجتمع المغربي والعربي بصفة عامة أن يعي أهمية الثقافة والتربيــة الجنســية للشبــاب، وللمقبليــن علــى الــزواج وحتــى للمتزوجين“. يسعنا التفسير بخط عريض أن ما ينبغي معرفته حول مفعول التربية الجنسية الذي سبق و أن تكلمنا عليه في مقالات متعددة هو أن كل الدراسات تبيّن أنها تدفع الشباب إلى تأخير بداية نشاطهم الجنسي، وأنها على عكس الأفلام الإباحية لا تعمل على إثارة الشباب جنسيا. فهي تعلم الشباب تجنب خطري المرض والحمل (غير المرغوب فيه) كما تسعى إلى تنشئة فرد سليم جنسيا في مجتمع سليم جنسيا. ووجب التنبيه إلى أنه لا مجال للربط بين الحرية الجنسية وبين الأمراض الاجتماعية (مثل الدعارة) أو الأمراض المنقولة جنسيّا، حيث أن هذه الظواهر السلبية لا يمكن أن تحجب الترابط الرائع بين التربية الجنسية وانخفاض نسبة الأمراض المنقولة جنسيّا وانخفاض نسبة الحمل غير المرغوب فيه داخل المجتمع.
إن المجتمعات العربية التي لا تزال ترفض التربية الجنسية وتسجن الجنس في الزواج وفي الغيرية، تشهد هناك عملا جنسيّا كثيفا، وهناك نسب أعلى من الأمراض المنقولة جنسيا ومن الحمل غير المرغوب فيه. وقد شدّد علماء اجتماع على أهمية الحوار داخل المنزل والمدرسة لفهم الحياة الجنسية قبل البلوغ، نظرا لأن تدريس الثقافة الجنسية للأولاد والبنات في المدارس أفضل من فهمها عن طريق الشارع فقد يكون هناك خطورة في الأمر حتى في الألفاظ المتداولة.
وأكدوا على أن محتويات مادة التربية الجنسية لا تحرض على الفساد بكل أنواعه، بل تهدف إلى توعية الشباب حول التغيّرات الهرمونية التي تحصل عند البلوغ، إلى جانب توعيتهم بالأمراض المتنقلة جنسيا .