عن دور المرأة في الحياة السياسية



فهد المضحكي
2019 / 2 / 27

كثيرة هي المقالات التي تناولت دور المرأة في الحياة السياسية، وكثيرة هي وجهات النظر التي شخصت هذا الدور في الدول العربية وفي هذا الصدد كتب الكاتب شحاتة غريب أن المرأة في الدول العربية تعيش حالة من النضج السياسي، لما تقدمه لها المجالس والمراكز المعنية بشؤون المرأة، من دورات تدريبية مكثفة، وندوات وكتب ونشرات تهدف إلى النهوض بالمرأة، وتمكينها، وتعزيز مشاركتها في الحياة العامة.
ورغم هذه الحالة من النضج السياسي التي تعيشها المرأة، فإن قضية النهوض بها تُعد من أعقد وأصعب القضايا في مجتمعاتنا الشرقية، نظراً لوجود العديد من العناصر الحاكمة والمؤثرات، على مسألة الاعتراف بمشاركة المرأة، وبأن يكون لها دور بارز في المجتمع كعدم إيمان البعض بدور المرأة خارج النطاق الاسري!.
ولذلك كرست المجالس والجمعيات النسائية المستنيرة، والمراكز المختصة في قضايا المرأة، كل وقتها، وجهدها للنهوض بالمرأة وعدم تركها ضحية لعادات، وموروثات خاطئة وافكار متزمتة!.
ومن المؤكد – كما يوضح – ان تكون قضية دور المرأة في الحياة السياسية شاملة، ولا تقتصر على ملمح معين من ملامح هذه الحياة، فهي تشمل حقها في التصويت في الانتخابات، لمن تراه صالحًا، وقادرًا على العطاء، وحقها في الترشح لتمثيل الشعب في المجالس النيابية والبلدية وحقها في تولي الحقائب الوزارية.
وكي تتمتع المرأة بقدر مهم من المشاركة في الحياة السياسية، يجب ان نضع في حسابنا عدة اعتبارات مهمة.
ومن هذه الاعتبارات التي يشير إليها بشكل جلي اولاً: الاعتبار التعليمي والثقافي: حيث يجب الاهتمام بقضية تعليم المرأة وتوعيتها بان تدرس وتتعلم، حتى تحصل على أعلى الدرجات العلمية، والا تكتفي بالقراءة، والكتابة فقط، او الاكتفاء بدرجة دنيا من التعليم، ثم يبدأ التأثير عليها من خلال إغراءات سيتضح وهمها، وزيفها وكذبها، فيما بعد، لاخضاعها لفكرة الزواج من سن مبكرة، رغم خطورة هذا الأمر على صحتها العامة، وحتى على صحتها الانجابية بوجه خاص.
فهناك العديد من البنات اللاتي لا يعرفن استكمال مسيرتهن التعليمية، بسبب الزواج المبكر والدخول في دائرة المشكلات المجتمعية والاسرية مما يحول بينهن وبين صفاء الذهن، والفكر، لاستكمال المشوار التعليمي.
فقضية تعليم المرأة تُعد من القضايا الرئيسية، في عملية التنمية بوجه عام، وليس في مجال التنمية السياسية فقط، ولذلك حرصت المواثيق الدولية والصكوك القانونية والدساتير الوطنية على تدعيم الحق في التعليم، لان العلم هو أساس تقدم الشعوب.
ومع ذلك، ثمة من يعتقد اعتقادًا راسخًا أن مكان المرأة المناسب هو منزل الزوجية وان دورها في الحياة السياسية ما هو الا وهم، وتقليد للغرب، وبما يخالف الاحكام الشرعية على حد تعبيرهم!.
فالمطلوب اذن وفق تصوره وتصور كل من يدعم مساواة المرأة في المجتمع ان تقوم المؤسسات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني بدور فعال في نشر الوعي بأهمية مشاركة المرأة في الحياة السياسية، واتاحة الفرصة المتكافئة في طريقها، كي يتم تمكينها، وتدعيمها ومساندتها في المشاركة في الحياة العامة، وصناعة القرار – والولاية – وخاصة في ظل قدرتها، وتمتعها بالعديد من الامكانيات في المساهمة في وضع الخطط، والاستراتيجيات التي توفر حلولاً للمشكلات ولمعظم القضايا المجتمعية.
ثانيًا: الاعتبار الاجتماعي والاقتصادي: حيث مازالت المرأة في الدول العربية تعاني من مشكلات اجتماعية واقتصادية، قد تعرقلها عن المشاركة بفعالية في الحياة السياسية، وهذا يتطلب المزيد من الجهود لمساندتها، وتشجيعها على المشاركة، ولن يكون فقط من خلال الخطب والندوات والأوراق المقدمة في المؤتمرات، ولكن من خلال خطط عملية، وواقعية، ووضع آليات لتنفيذها على أرض الواقع.
ولذلك يجب ان تحظى قضايا المرأة التعليمية، والثقافية والاجتماعية والاقتصادية بأولوية في اجندة الدول والحكومات وفي اجندة منظمات المجتمع المدني، حتى يمكن لها المشاركة بفعالية في الحياة السياسية.
لا يمكن الحديث عن النهوض بالمرأة – سياسياً – وهو ما يشير إليه – ما لم يتطور الجانب التشريعي على صعيد اعداد وسن التشريعات التي تهتم بقضايا التميز الايجابي للمرأة، وان تضمن هذه التشريعات حداً أدنى من التمثيل في البرلمان، والا تكون هذه التشريعات مؤقتة بفترة زمنية معينة، بحجة اعطاء الفرصة لتمكين المرأة، ومساعدتها في الاندماج في الحياة السياسية، ثم بعد ذلك يكون شأنها كشأن غيرها، دون ضمان حدود دنيا لتمثيلها في المجالس النيابية، والبلدية، وهذا غير مقبول لان المرأة تحتاج إلى وضع الضمانات التشريعية التي تساعد على تمكينها، وتمثيلها في الحياة السياسية، بصفة دائمة، ليس لعدم قدرتها على منافسة الرجل، ولكن لوجود عادات، وتقاليد، وموروثات خاطئة، من الصعب ان تزول من المجتمع بسهولة.
في حين وعلى مستوى التنفيذي يرى على السلطة التنفيذية في أي دولة من دولنا العربية ان تتيح للمرأة فرص المشاركة في الحياة السياسية بما يعزز دورها في المساهمة في الشأن العام من خلال المشروعات بقوانين التي تقدمها الحكومات إلى البرلمان، ومن خلال تقليدها المناصب العامة القيادية، نظراً لقدرتها على العطاء باقتدار لصالح الوطن، واما فيما يخص الجانب المجتمعي فيقع، على حد تعبيره على الذكور مسؤولية مجتمعية مهمة لدرجة كبيرة، حيث يجب الاعتراف بدور المرأة الرائد في العمل التنموي بصفة عامة، وفي الحياة السياسية بصفة خاصة، والعمل على ترك العادات والموروثات الخاطئة جانباً، بهدف توسيع دائرة المشاركة السياسية بين كافة فئات المجتمع، وان يكون للرجال والسيدات مكاناً مهماً في هذه الدائرة لتبادل الرؤى والافكار، التي تخدم قضايا الحقوق والحريات والمصلحة العامة للوطن.