مكانة المرأة العربية ورهانات التنمية



محمد قويط
2018 / 10 / 20

لقد شغلت قضية المرأة بال العديد من المفكرين والمتنورين لرواد فكر النهضة أمثال رفاعة الطهطاوي قاسم أمين،كمال عبد اللطيف وغيرهم وذلك لاعتبارها تندرج ضمن إشكالية الإصلاح والتنمية بالبلدان العربية وأساس نهضتها وتطورها ، إن الحديث عن مكانة المرأة العربية في الوطن العربي يتطلب منا شحذ الأدوات العلمية والمعرفية في مقاربة النوع الاجتماعي وربطها أساسا بقضية التربية والتنشئة الاجتماعية والثقافية كآليات تجسد لنا مكانتها داخل المنظومة الاجتماعية ، نستطيع من خلالها على الأقل وضع تحليل وصفي تفسيري ،لكن الرهان هنا يرجع بالأساس إلى ربط مكانة المرأة بطبيعة البنى الاجتماعية وأشكال التوزيع وتقسيم العمل الاجتماعي .
لا يختلف اثنان في اعتبار ارتقاء الأمم والمجتمعات وتطورها كيفما كانت خصوصياتها الثقافية والمجالية رهين بمدى الحضور الفعلي لمكانة المرأة وإشراكها في مختلف المجالات والميادين مثلها في ذالك مثل الرجل، يقول قاسم أمين "...وبالجملة فإن ارتقاء الأمم يحتاج إلى عوامل مختلفة متنوعة ،من أهمها ارتقاء المرأة وانحطاط الأمم ينشأ من عوامل متنوعة أيظا أهمها انحطاط المرأة فهذا الانحطاط في مرتبة المرأة عندنا هو أهم مانع يقف في سبيلنا ليصدنا عن التقدم إلى ما فيه صلاحنا " تؤكد إحدى الدراسات التي أنجزت من طرف مركز الدراسات والأبحاث الديموغرافية cered أن المجال الذي تتحرك فيه المرأة عامة والقروية على وجه الخصوص ،هو المطبخ وغرفة النوم والأكل والسهر على تربية المواشي،ولا يحق لها اقتحام الفضاء الذي يتواجد فيه الضيوف على سبيل المثال لا الحصر ،في المقابل تجد الرجل هو الآمر والناهي ويتمتع بحرية كاملة داخل هذا المجال ، فهو الذي يمثل الشخصية الكارزمية ذات الرأسمال الرمزي وهذا ما نسميه بـ السلطة الأبوية البطريريكية " التي تحد من قدرات المرأة وإمكاناتها العقلية والفكرية ، تقول نوال السعداوي صاحبة مؤلف"المرأة والجنس" في حديثها عن قضية تحرير المرأة، إن تحرير المرأة قضية سياسية بالدرجة الأولى ،إن تحرير المرأة لايعني تحرير نصف المجتمع وإنما تحرير المجتمع ككل ذالك إن تهميشها وتخلفها لن ينعكس عليها وحدها بل سينعكس على الرجال والأطفال وبالتالي سيكون تخلف المجتمع بأكمله ..."رابطة ذالك بطبيعة النظام الرأسمالي وهنا نلمس نوعا من الحس المعرفي لدى الكاتبة فهي تتجاوز التحليل المعتمدة والروتيني في ربط تخلف المرأة بالمتغير الثقافي والاقتصادي بقدر ما تحمل المسؤولية لطبيعة النظام الرأسمالي الذي يجعل من المرأة سوى "بضاعة " ، وفي خضم ذلك فالمجتمعات النامية من جهة لا تقبل بوصول النساء إلى مراكز القرار والسلطة معتبرين أنها أقل كفاءة من الرجال للخوض في معمعة السياسة وهذه النظرة السائدة تمنع المواطنين للتصويت لصالح النساء ، فتبقى امرأة مواطنة دون سلطة فعلية، يقول لنا قاسم أمين في إحدى مقالاته .."انظر في البلاد الشرقية ترى المرأة في رق الرجل والرجل في رق الحاكم فهو ظالم في بيته مظلوم إذا خرج منه .."فهنا التأكيد على أن أشكال اضطهاد المرأة يرتبط بباقي الأشكال الأخرى من الإضطهادات ،أي ربط وضع المرأة بالنظام العام وبطبيعة البنى الاجتماعية والاقتصادية إن الحديث عن ارتقاء الأمم وتنميتها كخطوة أساسية نحو الحداثة السياسية يتطلب أساسا تشجيعها في الانخراط في معمعة السياسة وإشراكها إشراكا فعليا لاصوريا في الهيئات التمثيلية لسلطة الدول ، فالرجل والمرأة متساويان في القدرات العقلية والمعرفية فهي كائن حي وعنصر فعال من داخل المجتمع فلا ينبغي الافتراء على أنفسنا بأن التنمية والتطور رهين بحضور الرجل وفقط وإعطائه سلطات واسعة وجعله بذالك في المراتب المتقدمة في حين تترك هاته المرأة بين جدران المنزل تتكلف بأشغال المنزل ومرافقة العيال وجمع الحطب ...هذا ما يخلق الاظطهاد ويساهم في ذالك بالاحتقان الاجتماعي فالتخلف ...إن الإساءة للمرأة هو في العمق إساءة للرجل .
فوضعية المرأة ودورها في المجتمع هو نتاج البناء الاجتماعي الذي يختلف من زمان إلى زمان ومن مكان إلى آخر .