الرحمة لروح المناضلة نور عبد الله



عيدروس نصر ناصر
2018 / 10 / 29

فقط صباحا (27/10/2018) تلقيت خبر وفاة المناضلة الاكتوبرية نور عبد الله محمد القائدة السياسية والناشطة النسائية منذ منتصف ستينات القرن العشرين.

لمن لا يعرف الفقيدة نور، فإنها واحدة من القيادات النسائية المتميزة منذ النصف الثاني لستينات القرن الماضي خلال فترة الكفاح المسلح وفترة ما بعد الاستقلال الوطني في نوفمبر 1967م.، وكانت إحدى القياديات في القطاع النسائي للجبهة القومية.

بعد الاستقلال تدرجت الفقيدة في عدد من المواقع القيادية الحزبية والنسائية فصارت عضوا مرشحا في اللجنة المركزية للتنظيم السياسي ثم التنظيم السياسي الموحد الجبهة القومية وعضواً في مجلس الشعب الأعلى، ورئيسة لفرع اتحاد نساء اليمن في أبين، عندما كان للاتحاد أدوارا مختلفة عما نشهده اليوم من منظمات كرتونية دعائية تقتصر مهمتها على تلميع الحاكم وتزيين ما فيه من قبائح.

كان لي شرف العمل مع الفقيدة نور على مدى سنتين عندما توليت مهمة رئيس دائرة التربية والثقافة والإعلام في مجلس الشعب المحلي أبين بعد انتخابات العام 1989م.

عندما أبلغت بتعيين الفقيدة في مكتبي بدأت أشعر انني سأكون كالتلميذ الذي يرأس أستاذه، فقد كنت مجرد طالب في الإعدادية والثانوية عند ما كانت نور قائدة سياسية ونقابية لامعة لها صولاتها وجولاتها المعروفة لكل جيل تلك المرحلة، لكن الفقيدة أظهرت من التواضع والمهارة والإنسانية ما لم أكن اتوقعه، فقد كنا مع بقية الزميلات والزملاء في الدائرة نعمل كخلية نحل واحدة نتشاور فيما بيننا ونكمل بعضنا بعضاً، ونتبادل المقترحات والافكار لما من شأنه الاضطلاع بمهمات الدائرة على نحو أكثر فاعلية وأقل كلفة.

كان لدى نور قدر من الحيوية والطاقة والابتكار والمبادرة والحماس للعمل، وليس صحيحا ما يشاع انها اعتزلت الحياة السياسية بعد يونيو 1978م، بل لقد واصلت النضال المجتمعي من مواقع أخرى وكانت متفائلة وطموحة رغم تقلبات الزمن وتبدلات السياسة.

كان يوم سفري لدراسة الدكتوراه في بلغاريا في نهاية العام 1990م هو آخر أيام لقاءاتنا نحن وجميع الزميلات والزملاء في الدائرة مع الفقيدة، فلم أعد إلى البلد إلا بعد أن كانت كارثة 1994م قد حلت وانصرف كل امرء منا لمواجهة نتائج الكارثة بطريقته الخاصة.

كنت أسأل عنها بعض أقربائها الذين كانوا يطمئنوننا عنها، فقد كنا جميعا في مرمى نتائج وسياسات ما بعد 7/7 لكن نصيبها من تلك السياسات الجائرة كان أكبر بعد فقدان منزل أسرة الشهيد ناجي، أما بقية ضحايا ذلك التاريخ الأسود فمن استطاع الخروج من المحنة بأقل الخسائر فقد كان يعتبر بطلاً.

نعم لقد انعزلت الفقيدة بعد 1994م فقد سدت الآفاق أمام المناضلين والشرفاء الحقيقيين من امثالها إلا من رحم ربي، ولم تبق الطرق سالكةً إلا للانتهازيين والنفعيين والممالئين.

المناضلة الفقيدة نور عبد الله محمد هي اخت الشهيد حسين عبد الله محمد (ناجي) الذي يصفه البعض بأنه المفكر والعبقري السياسي ليسار الجبهة القومية والذي استشهد في حركة 14 مايو 1968م إثر تعرضه ورفاقه لكمين في منطقة ردفان، وباستشهاده خسرت ثورة اوكتوبر قائدا ملهما ومناضلا شجاعا قلما تجود الايام بمثله.

الفقيدة نور عبد الله محمد التي قضت كل عمرها في خدمة المجتمع وأفنت شبابها وهي متمسكة بقيم الوطن والوطنية ونذر أخوها الشهيد ناجي روحه ودمه من أجل قضية الوطن، فارقت الحياة وهي لا تملك شيئا من متاع الحياة الدنيا وتقيم في منزل أحد أقربائها، بينما يرفل الطارئون في نعيم الثروات المنهوبة والأموال المستحوذ عليها من طعام الفقراء ووسائل عيشهم.

الرحمة لروح الفقيدة نور عبد الله محمد والخلود لذكراها وذكرى أخيها الشهيد ناجي وكل أبطال اوكتوبر الأماجد وكل شهداء الجنوب الأبطال.

صادق مشاعر العزاء والمواساة أتقدم بها إلى أهل الفقيدة وذويها وإلى رفاقها ورفيقاتها وكل محبيها وإلى كل ناشطات الحركة النسائية الجنوبية.

وإنا لله وإنا إليه راجعون