مهزلة العقل البشري( المرأة وموجة الغرب)



رشا الخفاجي
2018 / 11 / 25

لا أستطيع ان اقرأ اي كتاب للدكتور علي الوردي من غير ورقة وقلم ففي كل كلمة فكرة ومقال عندما قرأت مهزلة العقل البشري تفاجأت بزخم المواضيع المطروحة والذي فاجأني اكثر انها ومنذ ذلك الوقت و لليوم موجودة ونعيشها ونعاني منها , وكأن مجتمعنا وعاء يختزل بداخله الحياة دون غربلتها او حلها ومعالجتها مجرد يبقيها ساكنة بداخله , من بين المواضيع التي تحدث عنها علي الوردي في مقدمة كتابه المرأة وتطورها وتأثير حياة الغرب على مجتمعنا ,
يقول الوردي كانت المرأة خانعة جاهلة لا تفهم من الحياة الا هاتيك السفاسف والاباطيل التي تنبعث من عفن البيت وضيقه والمرأة في الواقع هي المدرسة الاولى التي تتكون فيه شخصية الانسان والمجتمع الذي يترك اطفاله في احضان امراة جاهلة لا يمكنه ان ينتظر من افراده خدمة صحيحة او نظراً سديد .
ففي السابق كان الرجل هو البطل والحامي والراعي , كانت المرأة تحتاجه ومضطرة ان تخدمه وتخنع اليه , ولكن اليوم تغير الحال فالمرأة تستطيع ان تعمل وان تدرس وان تنافس الرجل في عمله , وانت تتمتع بالحياة كالرجل فهي كائن بشري كالرجل .
في كل مرة اتوغل في قراءة تاريخ البشر القديم اصاب بالدهشه فقبل ظهور الاديان ونشوء الاسرة الابويه كان للانثى قيمة انسانية كبيرة ففي تلك العهود القديم كان الانسان طبيعيا يعيش بتلقائية وكان الذكر والانثى وحدة واحدة ولم تكن الاديان قد ظهرت بعد وفصلت بين الحلال والحرام ولم يكن علم الفلسفة قد ظهربعد وظهر معه فلاسفته الذين فصلوا بين الجسم والعقل , ولم يكن علم النفس والسيكولوجيا قد ظهر او العلوم الاخرى كالبيلوجيا والفسيولوجيا واحدثت هذه المسافات بين الجسم والعقل ,في تلك العهود البدائيه الطبيعية ادرك المجتمع الانساني المكون من الذكور والاناث ان الانثى بالطبيعة هي اصل الحياة بسبب قدرتها على ولادة حياة جديدة ومن هنا سادت الفكرة ان الالهة انثى ,وانها الهة الاخصاب والولادة والهة السماء والهة الحب والموسيقى والجمال .
كما يعتقد بعض علماء الاثار امثال (أرمان ..وموريه ) ان بسبب ارتفاع شأن المرأة ومكانتها في الازمان فأن الابن الشرعي كان ينسب الى امه وكان يعد نسب الام اقوى من نسب الاب ..كما كانت الانثى تتساوى مع الرجل في الميراث في اسر النبلاء في عصر الدوله الوسطى كان ياتي الميراث عن طريق الاناث لا الذكور وكانت كبرى البنات هي التي ترث لا الابن ..ان هذه النظرة الانسانيه الى الانثى والاعتراف بقوتها وحكمتها النابعه من ذكائها وقدرتها على القيادة والحكم رفعت من شأنها وترأست القمة والذي يدرس شخصية الملكة المصريه حتشبسوت يدرك قوة المراة وحجمها فظهرت تماثيلها على شكل ابي الهول لها راس انسان وجسد اسد رمزا للعقل والقدرة معا.
ان الحضارة جهاز مترابط لايمكن تجزئته او فصل اعضائه بعضها عن بعض , فالحضارة حيت ترد تأتي بحسناتها وسيئاتها , وليس في الامكان وضع رقيب على الحدود يختار لنا منها الحسن ويطرد السيء , أن موجة التطور التي تغلغلت في مفاصل الحياة وسعت نطاق الحريات وأثرت في سلوكيات المجتمع وبما ان المرأة النواة الاولى وحجر الاساس للمجتمعات فهي اول من تأثر بهذه الموجة , وبظل وضعها الراهن يجب ان تستخدم هذه الحريات بنطاقها الصحيح , وان تحديد النطاق وتفعيله يحتاج الى وعي وثقة تمنح الى المرأة عن طريق تعليمها وتثقيفها وتصويب اخطائها ودفعها للامام , اما حجرها وكبدها بحجة العادات والتقاليد فلا يأتي غير بالمفسدة مفسدة نفسها بفهم الحرية وممارستها ومفسدة للمجتمع لكونه نابع من المرأة , الامم ترتقي بمعاملتها للمرأة , فكلما بنيت المرأة على اسس صحيحة بنية المجتمع صحيح .
على رجال الدين والمفكرين المؤثرين في المجتمع ممن لديهم أذن صاغية ان يساعدوا المجتمع والمرأة على عبور أزمة المخاض التي نعيشها وان يساعدوا في انجاب فكر صافي واضح .