طقس سيئ-” للروائية ماري ندياي كتب اثرت في حياتي



مارينا سوريال
2018 / 12 / 2

لفتت ماري ندياي، منذ سنّ السابعة عشرة، انتباه النقّاد والقرّاء إلى موهبتها عبر روايتها الأولى “أمّا عن المستقبل الثريّ” التي صدرت في منشورات “مينوي” الباريسيّة الشهيرة في 1985، كان ذلك ظهورًا مفاجئًا لفتاة ولدت في منطقة النورماندي لأمّ فرنسيّة وأب سنغاليّ سرعان ما عاد إلى بلده الأصليّ فعاشت الطفلة ماري وأخوها وأمّهما في الضاحية الباريسية بور لا رين، حيث كانت الأمّ تعمل في التعليم الابتدائيّ، ثمّ توالت أعمالها، رواياتٍ وقصصًا ومسرحيّات، وكتابات للناشئة، وأغلب هذه الأعمال حافل بشخصيّات مأخوذة جميعًا في لحظة تعيش فيها امتحانًا وجوديًّا عسيرًا لتخوض بحثًا عن الهويّة.
هي كاتبة وروائية فرنسية أثبتت كفاءة وموهبة أدبية نتيجة خصوبة وسعة خيالها جعلتها مميزة في الأدب الفرنسي المعاصر وحظيت باهتمام النقاد الفرنسيين، صدر لها عشرة كتب بين رواية ومسرحية وقصة قصيرة حيث حازت روايتها (Rosie Carpe) على جائزة Femina لعام 2000 م.
نشأت وترعرعت في الريف الفرنسي اهتمت بالكتابة منذ صغرها فقد زاولتها وهي في الثانية عشرة من عمرها.
اتسمت كتاباتها بالواقعية وبتلميحات ذكية.
روايتها Trois femmes puissantes (ثلاث سيدات قويات) حصلت على جائزة گونكور عام 2009.
ودخلت ندياي عام 2003 السجل المسرحي للـ"كوميدي الفرنسية" بمسرحية "بابا يجب أن يأكل". وفي رصيد ندياي حوالي 20 رواية وقصة قصيرة صدرت أهمها عن داري النشر "مينوي" و"غاليمار". وماري ندياي أول امرأة تحصل على الـ"غونكور" منذ 1998. وأشار الصحفي في فرانس 24 أوغستان ترابنار ، المختص في الآداب، إلى أن "جائزة غونكور هذه السنة تكافئ امرأة شابة ومزدوجة عرقيا ولكنها تكافئ خاصة كتابة شجاعة".

برفقة عائلتها، غادرت ماري نْدياي باريس متجهة إلى برلين، لم يعلم بهجرتها إلا بعض المقربين، وظلت محتفظة بأسباب هجرتها البرلينية إلى أن فازت بالجائزة الكبرى، وكان لابد أن تسألها وسائل الإعلام عن سر هجرتها تلك.
حينها صرحت أن الثلاثية "إخاء، حرية، مساواة" التي تعلو واجهات المباني العامة في مدن وقرى فرنسا وسفاراتها، والتي جعلت من فرنسا بلد الحريات، أصبحت الآن في خبر كان.
لقد سبقت ماري نْدياي كل الكتاب الآخرين في مغادرة فرنسا التي انتخبت نيكولا ساركوزي لرئاسة الجمهورية. قالت: "إن الأجواء في فرنسا تحت حكم ساركوزي أجواء بوليسية كريهة وإن سياسته وسياسة وزرائه تجاه المهاجرين وحشية ومثيرة للغثيان" ولهذا كان عليها أن تهرب بعيدا عن هذه الأجواء.
وتدور رواية "طقس سيئ" حول قصة هرمان، وهى تندرج أيضاً فى أجواء الاستبعاد التى تحفل بها روايات ندياى، كما تصور استحالة التواصل أو صعوبته القصوى. إلا أن هفوة صغيرة تقف وراء مأساة عريضة تنميها الرواية: فهرمان، معلم الرياضيات، وزوجته روز وابنهما الصغير معتادون على الاصطياف فى هذه القرية الصغيرة التى تصورها الرواية، والواقعة غير بعيد عن باريس. لسبب غير معلوم يتأخرون عن العودة إلى باريس فى نهاية أغسطس تماماً، كما يفعل بقية المصطافين. والحال أنه ما إن يحل مطلع سبتمبر حتى يتبدل الطقس ويسوء، وتتحول طباع القرية برحيل المصطافين الذين تعتاش من زياراتهم الصيفية، وتكشف عن وجهها الحقيقى.

سوء الطقس وتبدل طباع الأهالى يتكافلان بقوة ويكاد الأول يكون رمزاً للثانى أو مبرراً له. ذات صباح باكر تذهب الزوجة وابنها لشراء البيض من مزرعة مجاورة ثم لا يعودان. وبعد بحث طويل وحافل بمفاجآت يشغل وصفها مساحة هذه الرواية، يكتشف هرمان أنهما بقيا فى القرية، ولكن تعرضا إلى تحول أو امتساخ.

وعلى الرغم من تموقع العمل قرب باريس يبدو السكان، بملامحهم الجسمانية وشعورهم الغامضة الشقرة، بعيدين كل البعد عن سكان العاصمة فى اختلاف مكوناتهم وأصولهم. إلا أن الإطار هنا واقعى ومغرب نوعاً ما فى الأوان ذاته. ويمكن لهذه المأساة أن تحدث فى كل مكان.

هذه الرواية هى رواية ندياى الخامسة، كتبتها وهى فى سن السابعة والعشرين، السن التى يبدأ فيها بعضهم مجرد بداية بمعالجة الحقائق الأساسية للوجود، ولكن نراها وهى تعالج فيها أعمق الأسئلة وأخطرها. أسئلة تمسّ الهوية، والتهميش المنظم، وصراع الجماعة والفرد الأعزل، وتصادم القانون الضمنى أو المستتر والوعى الشفيف.