كي تكوني أجمل ..سيدتي ...كوني أكثر هدوءا !!!



زهور العتابي
2018 / 12 / 6

كنت قد تعرضت قبل أكثر من أسبوع إلى وعكة صحية وآلام مبرحة في الظهر ذهبت على أثرها لطبيب اختصاص وطلب مني بعض التحاليل ..دخلت احدى المختبرات الذي امام العيادة وعملت التحاليل المطلوبة وكان على الانتظار حتى تكتمل تلك التحاليل لأعود بها إلى الطبيب ..كنت وقتها أشعر بالم شديد جدا ولا يمكن لي ألوقوف ولو لدقائق وكان المكان مزدحم جدا بالمرضى فلا سبيل للانتظار هنا....خرجت وولدي الذي كان يرافقني إلى الخارج ..كان هناك مقهى صغير ( كوفي شوب) بجانب العمارة دخل ابني المقهى وطلب من صاحبه كرسي بعد أن شرح له حالتي....الرجل جزاه الله خيرا لم يتوانى أبدا فجاءني به أخذته جانبا وجلست...وأخذت أنظر لما حولي وجدت بغداد فعلا جميلة وتبدو أجمل في الليل رغم أن الجو كان غائما...باردا بعض الشيء لكن مع هذا تشعر بجمال المكان حيث المحلات والمطاعم والناس تتجول هنا وهناك فكل شيء من حولي كان جميلا ..لكن سرعان ما دبت الفوضى المكان حيث حصلت حادثة قريبة مني ...أحد سواق الأجرة ركن سيارته قريبا من الرصيف وهم بالخروج ..فما أن فتح الباب جاءت سيارة مسرعة تقودها سيدة اصطدمت بالباب واحدثت شرخا بأحد جوانب تلك السيارة...السيارة كانت حديثة جدا دفع رباعي حمراء اللون.. ترجلت منها امرأة غلب عليها صوتها العالي مما اثار استفزاز ودهشة الجميع...تقدمت نحو السائق وصاحب به..اشبيك أنت اثول...غبي !؟شلون تفتح الباب مكلت اكو سيارات تجي !؟ أجابها السائق محرجا ..العفو خالة فعلا مركزت قاطعته بشدة ...خلخالة انشاءالله خلخالة !! شسوي بالعفو مالتك اني....سيارتي جديدة ..اشخطت...وين شرطي المرور ..وينه !!؟في هذه الاثناء ترجل رجل من سيارتها واضح انه زوجها ..خاطب السائق بهدوء ...ياأبني ..انت غير تباوع زين قبل متفتح الباب ...جن جنونها ما أن سمعته قال هذا فتقدمت نحوه وصرخت فيه .انت أسكت... هاي سيارتي ....اشتريتها بفلوسي مو بفلوسك افتهمت... شنو تكله ابني !؟ قالت هذا وسط استغراب الناس الذين تجمهروا حول السيارة..استنكر الجميع ما فعلته تلك المرأة حيث كانت تتحدث مع السائق وهي تسحبه من قميصه..قال أحدهم ..شنو هالعياقة ...الآخر ...كبر والله كبر .. عمي هاي رجال مو مرة !!بعدها فتحت باب سيارتها واخذت الموبايل وابتعدت عن الشاب بعد أن قالت له اوكي هسة تعرف شنو اسوي...دير بالك تتحرك من مكانك ... وتقدمت حيث المكان الذي أجلس فيه وأخذت تتصل باحدهم.. محمد هسه تجي...صار عندي حادث ..واحد أثول شخط سيارتي و...وو ....نظرت اليها بتمعن ..كانت امراة في الخمسينيات تقريبا ...ممتلئة كثيرا ترتدي تراكسود ضيق جدا مكفوف من أسفل القدم لم تكن محجبة بل كانت ترتدي (مشمر) واضح من لبسها ولبس الزوج ( ملابس البيت ) انها كانت خارجة لشراء شيء ما ..بعض الأغراض مثلا ..لاسيما وأن المنطقة كانت تعج بالمطاعم والأكلات السريعة ومحلات الحلويات.... و..و..وكان معها أبناء وبنات بعمرالمراهقة يجلسون في المقعد الخلفي وطفلة صغيرة في الصدر ....المهم بعد أقل من ربع ساعة من المكالمة حضر اثنان يبدوان من هيئتهما بجسمهما الضخم والعضلات كانهما (بدي كارد ) ما أن أتيا تكلمت معهما واخذا يتجاوزان على السائق ..شتائم وضرب و..ولولا تدخل الآخرين لحدث ماهو أكثر...أما الزوج فكان ينظر مستاءا من تصرف زوجته ولكن لاحول له ولاقوة !! بينما نزلت الطفلة الصغيرة نحوها ...صاحت بها ...انتي شنو الي نزلج !؟ ...يله اصعدي ..الطفلة أخذت بالبكاء وحملها الزوج إلى السيارة..أخيرا جيء برجل المرور ولا أدري لما تأخر حضوره إلى هذا الحد !! المهم بعد الكلام و التوبيخ..و. ..و..ركبت هي مع الاثنين ( البدي كارد) بسيارة سائق الاجرة ولا أتذكر هل صاحبهم رجل المرور أم لا..أما الزوج فاخذ سيارة الزوجة وذهب ......
من كل ما حدث اتسائل ..ماذا حصل للمراة في مجتمعنا...لماذا أصبحت المرأة العراقية بهذه الشراسة..وتلك الثورة والعصبية!! ربما هناك من يقول هذه حالة استثنائية ولايمكن لها أن تعمم ..ثم إن سيارتها قد تضررت ..فهي معذروة ...أقول ..هذا وارد جدا وصحيح ...لكن ليس لدرجة أن تتصرف هكذ !! ثم اني شاهدت وأسمع عن حالات كثيرة مماثلة ..المرأة العراقية لم تعد كما كانت للأسف الشديد ..أي نعم ان الظروف التي مرت بها ظروف قاهرة وغير طبيعية كونها عاصرت الحروب والحصار وربما التهجير وتحملت فيها أوزار ومتاعب الحياة فأغلب المهام والمشاوير باتت هي من تقوم يها لكثرة التحديات التي تواجه الرجل فلقمة العيش لم تعد سهله كما كانت ...لكن هذا لايعطيها الحق بالمرة أن تتخلى عن اجمل ما منحها الله من صفات واجمل ما يميزها عن الرجل وهي الرقة والانوثة وحسن الكلام ..لايوجد سببا مهما كانت درجته وقسوته أن يجعل المرأة مسترجلة كهذه التي رأيتها ...المرأة مهما كبرت ومهما تبوأت من مناصب لايمكن أن تتخلى عن طبيعتها ..عن رقتها كأنثى ...لأنها أن فعلت هذا سوف تفقد احترام الناس وكل من حولها ....يجب أن تضع المرأة كونترول على تصرفاتها وانفعالاتها أكثر بكثير من الرجل ....القوة تعني الرجل ...والهدوء والكياسة هو المرأة هذا ما تعلمناه وتربينا عليه...واااهم جدا من يفهم العكس ..او من يدعي المساواة في تلك الحالات ..ابدا ..لم يتغنى الكتاب والشعراء يوما بالمرأة القوية الحادة بل بالمراة الهادئة الخجولة التي تجمع بين الجمال والرقة والحياء ...فالحياء أجمل ما يميز المراة ويجعلها محط انظار الجميع....ثم من قال إن قوة المرأة في زعيقها وصوتها العالي ...ابدأ ...قوة المرأة مكنونة في دواخها كالصبر وقدرتها على تحمل المسؤولية سواء اكان ذلك في بيتها أو في مكان العمل....القوة هي الثقة بالنفس واتخاذ القرارات الصائبة عند اللزوم....بإمكان المرأة انتزاع حقها بسهولة ودون ضجيج أو عراك بالكلام المحنك المقنع المسموع .......
حينما تجمعني الصدفة أحيانا بمجموعة من النساء...اسمع العجب ..هناك مصطلحات غريبة لم يك يعهدها مجتمعنا العراقي من قبل( يمعودة خلي ايدج بعينه وأخذي حقج منه ....أو... الزلم متجي إلا بالعين الحمرة ...دير بالك خلي كلمتك هي المسموعة دائما ) ما هذا الذي نسمعه !؟ هل هي حياة نعيشها معا بالحلوة والمرة أم هي ساحة حرب....هل نحن في حلبة صراع مثلا بين الرجل والمرأة.. والكارثة أن كانت تلك الحلبة في البيت وجمهورها الأبناء !!! تلك هي الطامة الكبرى.!! ترى اي جيل سينشأ من هكذا أسرة !؟...أقسم بالله الذي لا إلاه إلا هو وأقولها بكل صدق وعن تجربة أن( انسحاب المرأة) في أي خصام أو اية مشادة كلامية تحدث بينها وبين الرجل هو منتهى الحكمة والصواب بل هو القوة بعينها وليس العكس كما تتصور بعضهن بانها تدل على الضعف والذل والمهانة ..ابدأ ..الضعف الحقيقي هو أن لاتضع المراة كونترول على نفسها ولا تعرف كيف تكبح جماح ثورتها أو تتحكم باعصابها....أجمل شيء أن تكون المرأة هي المبادرة باطفاء ذروة الخلاف بينها وبين الرجل بالانسحاب من الجدل والنقاش كما قلت .. فما ان تسلك هذا السلوك سترى ان الرجل سرعان ما يهدأ ثم يراجع نفسه فيما بعد ويندم على كل كلمة قالها لحظة غضب بحق زوجته او حبيبته أو حتى صديفته....وليس هدوء المرأة مطلوب مع الرجل فقط...لا .. بل مع نظيراتها من النساء أيضا أو حتى الأبناء ...الهدوء مطلوب من الجميع نساءا ورجال ..هو سيد المواقف وسمة العقلاء...ومن التجربة ثبت ان المرأة المحنكة الهادئة أكثر سعادة من تلك العصبية المتمردة ..وليس كما يقال ان من تطلق العنان لصوتها وتظهر انفعالاتها ترتاح أكثر بعد كل خلاف لأنها أخرجت مابها من ثورة وعصبية ... ابدا.هذا تفسير خاطيء جدا فالمرأة العصبية لاتنتهي متاعبها لان الخلافات موجودة ابدا فالظروف والتحديات كل يوم تتسع وتكبر....أما تلك التي تتعامل مع الخلافات بحكمة وروية تكون سعيدة أكثر لانها تعرف ماذا تريد ...هي مستمعة جيدة للطرف الاخر تعرف كيف( تمشي الامور ) وتتجاور عن الهفوات.. ببساطة شديدة تكون متصالحة مع نفسها دوما...متفائلة لأنها تنظر دائما إلى أن الدنيا مهما كان بها من تحديات ومتاعب وهموم هي جميلة ولازالت يخيييير.....

طط