دور المرأة في صياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان1948



خالد الخالدي
2018 / 12 / 8

لعبت المرأة دورا اساسيا ومحوريا بصياغة مختلف الصكوك الدولية منذ تأسيس منظمة الامم المتحدة 1945 كوريثة وبديلا عن عصبة الامم التي اخفقت بالحفاظ على السلم العالمي بأخفاقها بالحيلولة دون اندلاع الحرب العالمية الثانية .
وتعد اول مساهمة حقيقية فعلية معتبرة للمرأة في صياغة القرار العالمي عبر صكوك قانونية عالمية هي مساهمة كل من السيدة الفاضلة "مارثا لوتز" من البرازيل والسيدة الفاضلة "جيسي استريت" أستراليا بترتيب الاوراق والاوضاع لصياغة ميثاق الأمم المتحدة عام 1945.
إلا ان هذا الدور الريادي شهد تطوراً سريعا ولافتا حين أثرت الاوضاع السياسية العالمية المضطربة نتيجة لما يمر به العالم من آثار مدمرة بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية والتي برزت حين محاولة صياغة مضمون صك عالمي لحقوق الإنسان والتي تصدت لها السيدة الفاضلة "الينور روزفلت " السيدة الاولى للولايات المتحدة الامريكية فبرغم كل الخلافات والتجاذبات بين ممثلي الدول استطاعت روزفلت في 10 كانون الاول 1948 ان تمهد طريق اعلان هذا الصك الذي اصبح مستقبلاً واحدا من اهم ركائز الدفاع عن الانسانية وهو الاعلان العالمي لحقوق الانسان .
السيدة روزفلت لم تطلق 10 كانون اول 1948 اعلان ب30 مادة ان الوصف الحقيقي الملائم هو انها اطلقت رسالة وثورة وانتفاضة ضد الظلم للإنسان لتؤسس لحركة تحررية عالمية يسير في ركبها اشخاص آلو على أنفسهم حمل هذه الرسالة هم المدافعين عن حقوق الإنسان ولتعطيهم عبر اول كلمة تساؤلا سيظل واحدا من مصادر الالهام لكل مدافع حقيقي عن هذه الحقوق بقولها "أين عساها ان تبدأ حقوق الإنسان العالميّة في نهاية المطاف؟ في الأماكن الصغيرة ؟ قريبا من المنزل؟ بل لعلَّها في أماكن قريبة جدا وصغيرة جدا إلى حدِّ أنه لا يمكن رؤيتها في أي خريطة من خرائط العالم ! ما لم تصل هذه الحقوق لجميع تلك الأماكن ، فإن معناها سيكون أقل شأنا في أي مكان آخر ، وما لم تتظافر جهود المواطنيين لصونها حتى تكون لصيقة بالوطن،فإنه من غير المجدي أن نتطلع إلى تعميمها في العالم أجمع" .
لم تكن الفاضلة الينور الوحيدة حين تمت صياغة هذا الاعلان بل رافقتها اخريات فالسيدة "هانستا مهتا" من الهند هي التي طالبت بتغيير النص بمسودة الاعلان من "يولد كل الرجال احرارا "! الى "يولد جميع الناس أحرارا" أما دور السيدة الدومينيكانية "منيرفا بيرنادينو" فقد انهت جدلا واسعا حينها بتضمين المساواة لتصبح "يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين" ولتصر على تضمين المساواة بالديباجة ايضا
بينما كان للسيدة الفاضلة الباكستانية "إكرام الله" دورا مشرفا في تضمين المساواة في المادة 16 الخاصة بالحق بالزواج والمساواة فيه .
اما السيدة "بوديل بجترب" من الدنمارك فجاءت مطالبتها حاسمة بأن تستبدل جميع كلمات الرجال في الاعلان ب كل او جميع او الناس وبدون اي اشارة الى احادية للجنس .
لم ينته دور المرأة بصياغة الاعلان العالمي فتضمين المساواة في المادة 2 كان من حصة السيدة "ماري هيلين ليفيشاو" من فرنسا بينما جادلت وارتفعت حدة مطالبة الفاضلة البيلاروسية "ايفيدوكيا ارالوفا" بضرورة تضمين الحق بالاجر المتساوي عن العمل " وكان لها ما ارادات فردت "الانسانية من تريد لست انا" وخصص لها مكانا في المادة 23 .
ان احياء الذاكرة بشذى وعبير العمل الذي قدمته هذه السيدات لايمكن الا ان يقف امامها المدافعون خصوصا وقفة احترام طويلة ومطولة الا ان هناك في كل زمان ومكان من يشذ عن هذه القاعدة ويخرج عن الطريق فالفساد المستشري اليوم الذي يقوده المعتاشين على جسد المدافعين هو بحقيقته مصادرة فجة و وقحة لجهود هؤلاء السيدات متاجرة رخيصة بما قدمنه للانسانية استصغار واهانة للمواجهة الشرسة التي قمن بها للدفاع عن حقوق الانسان قبل 70 عام ويبدو ان التساؤل الذي اطلقته السيدة روزفلت يعود مرة اخرى للواجهة "أين عساها ان تبدأ حقوق الانسان ....."