مغامرات الصعلوكى 13



مارينا سوريال
2019 / 3 / 19

كان الوريث وبجواره الصافية ينتظر بشغف سماع الرسالة العليا التى سوف تصله من الزهرة على لسان ابنتها الصبية ،جهزت الغرفة الخاصة للزهرة داخل بيت النافورة ،كانت اخلاص حليقة الراس وهى ترقص من حول الصبايا وهن يرقصن وينشدن فكانت فى حالتها لاتسمع صوتا ولكنها لاتستطيع التوقف عن تخيل وجهه ،هل عشقت ؟...العشق غير مقبول لمن هم مثلها ..لم يحدث عن عشقت صبية تعمل فى كوخ الزهرة من قبل ،هى تراه ينظر اليها من بعيدا ماذا تكون نظرتك ابتعد انا لا افهمها ،تبتسم ..نعم تبتسم ولكن ماذا لما تحزن ..تظل تراقب فقط ..كانت تعلم انها لا تستطيع ابعاد ذلك الوجه عنها ..لقد احبته والان عليها الاجتهاد فى اخفاء ذلك عقوبة العشق الموت ولكنها لاتريد له الموت ..فليعد لموطنه بسلام ....
اضطربت ارض الحصون وسار الخوف بين ابنائها بعد ان طلب بكورهم لتلك الحرب التى اعلنها الوريث ،ومالهم والقتال مرت اجيال لاتعرف سوى عمل الارض وبقى منهم على حال جدوده فى الرعى على اطراف الارض ومنعوا من استخدام السلاح ...كان اجدادهم صعاليك قطاع طريق خرجوا وضموا لارض الحصون من الاراضى التى جاوراتهم حتى اتسعت ارضهم وشملت الاطراف الاربع ووصلت حتى الضفة ،وشارفت على الجبال والسواحل ووصل خبر المرزوق الى ملوكها ،وقاتل منهم من قاتل حتى انهزم وضاع المرزوق وصعاليكه ولم يبقى منهم سوى حكايات ظل يحكيها الاباء لابنائهم شهور وسنين لم يتوقفوا حين منعهم الشديد ،تركهم البشير يقصون القصص حول بنوته للمرزوق هو لم ينسى ذلك قطع ..البشير ابن من ضلع المرزوق واستأثر النعيم بحبه هل نسى ان المرزوق فضله ابدا ماحيا عليه ،كان دائما ابن سوداء اللون احدى نسائه فى الخيم ولكنة...احب ام النعيم كانت نعمة غارت منها الصافية بذاتها ولم تهادنها يوما حتى وجدت ميتة بخيمتها ،لم يمس جسدها قالوا سحرا اسود خفى كانت تعلمه الصافية عن اصلها الرحالة هو من قتل الصبية ،انعزل عنها المرزوق مدة من الزمن ولكنه فى النهاية عاد اليها ...يوم ان اتت الصبية الشقراء من ارض السواحل اغرم بها الشقيقين لكن عين المرزوق كانت ناحية من يميل اليه قلبه لم يقبلها على نفسه فى خيمته واعطاها للنعيم .....تحمل البشير ليال يراقبهما داخل خيمتهما والنار تشتعل داخل قلبه لكنه ممنوع ...ممنوع من مس اخيه ابن النعمة ....ويراقب اولاد الصافية ،وهو لم يشاهد وجهه امة قيل له ماتت بعد ان حملتها الصافية فوق ماتحتمل من اعمال وهى حبلى بك ...جسدها الهزيل لم يحتمل لفظك للدنيا ورحل ..لا يذكر يوم لمس المرزوق شعر راسة بتلك الطريقة التى يفعلها مع النعيم ..تسأل عن معنى اسمه ؟بشير بماذا ؟هل يسخرون منه فاطلقوا عليه هذا الاسم ..رحلت امه حين اتى وارضعته ماعز .........
كان يعلم غرض الحرب ..ومن خلفها ..لا قبل لارض الحصون الان ان تخرج على حساب السواحل ...لايوجد رجال حرب ..هل يظن الوريث عن جيش البصاصين لديه كافى ،هل يعلم قوة وبأس اجداده فى السواحل ليثور فى استرداد حقه الان ..والنعيم كاهن اللعنة سيتقدم تلك الحرب ..ياللنعيم يعلم ان الكاهن لا يمس لا فى ارض الحصون ولا السواحل ،لكن الملعون وصبيته تحدث عن النبوة وما بال الصافية جنت ليست تلك المراه الداهية التى خبرها طوال حياته فتترك وريثها ومؤمن عرشها هكذا لفكرة ستدمر ارض الحصون الى الابد.
كانت التحضيرات تتم خرج البصاصين الى الشوارع ينتقون من ينفع لحمل السلاح والقتال من ابناءالرعاه والفلاحين ،كان القليل منهم يجيد حمل السلاح من الفلاحين بعد ان تعلموا ان يستخدموا الفاس الثقيل الذى احضر لهم من الجبال بعد ان كانت تقطع به الاحجار فاحضرها الوريث معه الى الفلاحين لتسهيل امور زراعتهم عليها وامرهم باستخدامه فى جميع حقولهم وبنى لهم سورا يحيط بالاراضى حتى تحجز عنهم مياه الضفة التى تاتى كل حين لتضر بزرعتهم ....ولم ينسى ان يشيد بيت كبير يضاهى بيت النافورة وبيت الحريم جمالا وقوة ليكون مسكن النعيم الى جواره هو واتباعة ولم يبقى سوى نفر قليل لسكنى الاكواخ ولكنهم ظلوا على ملبسهم يحملون السلسلة الحديد من حول رقبتهم ....
قسم فريقين لتعلم القتال بين الرعاه والفلاحين ...كان معلوم ببغض احدهم للاخر دوما .ولكن خبر الاوراق الصفراء القديمة سار كالنار فى الهشيم بين جنبات الارض حتى وصل مسامع الصافية ،ارسلت عيون لتعود لها بالخبر اليقين ..ارادت فى قرارتها تكذيب الاشاعات ،ولكن العيون عادت بالمقسوم ..كان الهمس يسرى بين الرجال والنساء ويعلم الجميع ان عيونالبصاصين لم تكن كافية لردعهم او اخافتهم ..عادت اليهم بشرى المرزوق القديمة تلك التى قصها عليهم الاباء قديما ولكن هل عاد حقا؟تسألت العجائز فى لهفة واخذن يوصفن حالة وهيئتة عجوزتان هل كل من بقى ممن شاهدوه حسدن الصافية الساحرة التى تزداد عمرا فوق عمرها ولا تزال تنجب الصبيه ليتولى الارض ..
بهت الوريث عندما سمع باوراق ولكن النعيم طالبه بالتريث ..من اين اتت تلك الاوراق الان ؟كان الصندوق الذى يحمله المورد امامهم الان ..امر النعيم احد اتباعه ان يتقدم منه ويفتحه ويخرج ما به لفحصة ..تقدم التابع الايمن ولا يخفى ارتجافه سرت فى جسده ..كان المرزوق مهيب ..ولكن هناكفى تلك البئر التى جرى حفرها بامر الوريث لاجل البساتين والحدائق التى يجرى ذراعتها فى ارض الحصون وجدت تلك الاوراق على يد ذلك الراعى ....وعندما وضعت بين يدى النعيم ارتجف ..تذكر ذلك الخط ..تلك الحروف القديمة الباهتة ..تلك الكتابة التى لا يعلمها احدا الان من الاحفاد لقد ضاعت مع اجدادهم ولم تبقى سوى كلمات الشديد وحروفة ...نعم انه المرزوق ..نطقها النعيم على غير المتوقع منه هو شخصيا ..تجمدت ملامح الوريث ..من اين اتت له تلك الاوراق فى الوقت الذى بدء بتثبيت حكمه ويستعد لبناء حلمه فى ارض واسعة تضم الاراضى التى حصل عليها الشديد وضاع على يد ابناءه فى الحروب الاهلية يتبدد امامه وتلك الاوراق التى من الماضى تعود لتوقف كل مايريد ...لا يستطيع الان اخفاءه عن الاهالى فهم من وجده وعندما يتعلق الامر بالمرزوق فكان السحر مسهم لن يستطيعوا التوقف عن التحدث عنه ....
احضر المورد امام الوريث ..احنى رجاله راسة الى الارض فلم يعد يستطيع توضيح ملامح الوريث امامه ،سأله من اين لك الصندوق؟اجب.......
تلعثم المورد ورفع راسة ببطء محاولا ابعاد عينه عن اعين الوريث الغاضبة والشرر الذى تطاير من عين النعيم.....كان لوالدى......اكمل لما صمت قالها النعيم غاضبا متناسيا انه فى حضره الوريث..تلعثم المورد ..منذ زمن وجدته انا ...انا ياسيدى لااعرف ابواى لقد تركونى صغير لعجوز وتركوا معها هذا الصندوق وقالوا انه به ما يكفينى على الحياه ...ظللت معها حتى جاء اليوم التى نفذت فيه العملات ولم تجد سوى تلك الاوراق الصفراء فى البداية جربت بيعها قالت انها بلغة قديمة ربما هى لاحد الملوك لكن احدا لم يهتم بامرها ...بعدها باعتنى لاحد التجار ...مرت الايام وكبرت وصرت امتلك من تجارتى الخاصة فذهبت لزيارة العجوز اردت الصندوق فهو ذكرى اهلى الوحيد اردته ليذكرنى بهم فانا لم اعرفهم قط ...وجدت تلك الاوراق وانا ايضا حاولت فهم ما بها ...لكنها لغة جهلها الجميع ،ولم يستطع احدا فك طلاسهما ...وهى معى لاننى ارحل بصندوقى من بلد لاخر فى تجارتى ..سيدى انا مجرد رسول ياتى للبلاد حاملا معه الخطابات ولست اكثر من ذلك صدقنى .بهت النعيم وهو يستمع .هل عاد المرزوق بعد كل تلك السنوات ذهب ولم يفكر بالعودة الينا تركنا نواجة ماواجهنا من الشديد وهو لم يعد ...قال سيعود ولم يفعلها وها هو الان بعد ان انتظم كل شىء يعود ...يعود ليدمر كل ما بنيته ...كان النعيم يرتعش وهو يفكر فى امر تلك الاوراق والبشير هناك فى نهاية الغرفة يراقب يد النعيم التى ارتعشت وعروق جبهته التى تكونت ...اقترب من التابع يلتقط منه الاوراق ..يتحسسها بعينه الضعيفة ...تذكر يوم ان فقد عينه لانه ابن المرزوق الاسير والذى اوصى بحكمة للحصون من بعده ...تذكر كيف هام فى ارض الحصون يقتات من الخبز الذى تلقيه له النساء فى غفله من امرحرس الشديد ...سنوات الضفة والكوخ لم تنسيه للحظة البشير الذى القى به للحرس اعداء والده وارض الحصون واصبح قائد حرس الشديد ،والان تاتى الاوراق لتقرا اسم البشير فى بدايتها وكانها رسالة خاصة كتبها المرزوق له قبل ان يرحل او يموت لا احد يعلم ...ربما هذا الرجل ابنه ايضا ومن يعلم لم يبقى المرزوق بمفرده قط كان دائما ما يجد له سلوى...كل هذا كانت تراقبه الصافية الجالسة على كرسيها جوار الوريث تتابع مت يحدث امامها فى تاثر تنتظرترجمة للاوراق ينطقها النعيم ....ولكنه تحسس الاحرف وكانه مس همس بتأثر انه خط يده .........
عاد الراعى والفلاح كلاهما الى ارضه لا هم لهم سوى الحديث عن اوراق المرزوق ،كان الحصنيين اشد فرحا فبرغم سنوات التى مضت حافظ الحصنيون على عرقهم فلم يقم سوى نفر قليل بالتزاوج مع الغرباء من اهل الشديد اما الباقين فلم يقبلوا ان يختلط دم ابناء المرزوق بغيره من الدماء برغم الفقر الذى عانوه وارضهم التى تهدمت الا ان دمائهم هى الشىء الوحيد الذى تبقى لهم والمرزوق لذا حافظوا عليه وفضلوا تسليم بناتهم لنذر الكوخ على يد الغرباء ....سرى تلهف بين الاهالى لسماع كلمات المرزوق على لسان النعيم لكن الوقت طال ولم يخرج عليهم احدا بكلمه بل تركوا السنة رجال البشير تنطلق وسط العامة .
دخل اهالى ارض الحصون مع غرباء الارض فى كر وفر امتلئت الشوارع بالدماء،اقتحم الغرباء بيوت اهالى الحصن واخذوا النساء والصبايا والماشية اما الرجال فقد ساقوهم للزنزانة ومن قتل غريب قطعت راسة فى الساحة ،كانت الصافية محبوسة ببيت الحريم كامر ابنها الوريث الشرعى ،لم يعد يأمن لاحد ،شرعت بالاهانة فكيف يامر بان تعود امة وشريكتة فى حكم ارض الحصون ان تعود لبيت الحريم القديم المتهالك منذ ان امرت بان لا يبقى فيه حى ،ارادت ان تدمر ذلك البيت وكل من عاش معها فيه ..من انزلها من عرش الحكم تخلصت منه وعادت لمكانتها ولكن عندما ظهرت تلك الاوراق وسرت بين السنة العامة لم تستطع ان تقف امام هياج الوريث ،اتهمها بالخيانة والتلفيق حتى النعيم لم ينجوا من قسوتة رغم انه معلمه الذى رباه فالقى به لكلابه المفترسة لتاخذه لها طعاما وجرى رجاله وراء اى تابع له ليساق لمصير معلمه .
لكن الوريث هاج والاهالى يرددون كلمات الاوراق ،لقد عاقب من ارسل الكلمات الى الاهالى وامر باحضار كل تابع له ليلى جزاءه عاقبهم ولاحقهم ولكن الكلمات تزداد قال لهم انه فى طريقة سيعود ...سيعود المرزوق ونسله ليحكموا ارضهم من جديد ..ارض الحصون ..كان يسمع اصوات صراخهم عليه تأتيه من خلف نوافذه ..كانت اضواء النيران المشتعلة فى منازلهم البعيدة تصله ولا تطفىء نيران خوفه ،حاولت الصافية ان تخرج من بيت الحريم ،وقفت امامه لم تكن عيناه تلك التى ترى ..قالت انت ابنى لما نبذتنى ؟
زجرها تخرجين دون اوامرمنى ....اتعصينى امرى اذن ؟...كان صوت لهاثه المتلاحق وضربات قلبه المتسارعه تصلها وهى تقف امامه ،اقتربت رفعت يدها لتطمئنه لكنه لفظها وابعدها كان صوت اقدام الحرس اكبر من قدرتها على احتواء غضبه ..هل كان صوته الذى يامرهم بالقاءها لكلابه الجائعه ..تمهل الحرس فصرخ اكثر حملوها من امامه كتموا صوت صراخها لم يعد يحتمل سماعه ....
كان خبر موت الصافية على لسان النسوة واهالى الحصون ،تسلح الحصنيون لاول مره منذ المرزوق .كان السلاح ياتيهم لمنازلهم وتدريباتهم تتم على يد رجال البشير .
وقف رجال البشير يبنون لهم قنطرة فى جنح الليل بعد ان امنهم من عيون رجال الوريث التى سيطر عليها ،تحرك عليها اهالى الحصن من نساء واطفال وشيوخ اخبرهم انه هناك بعد القنطرة هناك ارض فضاء بها ماء وزرع بلا انسان فليقيموا هناك حتى ياتيهم البرهان من البشير ...من بينهم كانت الشابة تتدارى عن اعين البشير وتخفى ملامح بطنها المرتفع ....
استمرت الحرب بين رجال البشير والوريث اياما وشهور ،جلس اهالى الحصن يبنون الخيام من جديد على تلك البقعة النائية والتفوا حول نبع المياه وذاقوا من حشائش الارض اياما طويلة ......