مغامرات الصعلوكى19



مارينا سوريال
2019 / 3 / 21

خرج من وسط الظلام فتيه وفتيات ساروا على الطريق الموضوع من قبل واتجهوا صوب التله الصغير ،لمحوا العجوز جالسا القرفصاء وبجواره عصاته كانت ضوء القمر ينير وجهه فزادهم رهبه ،تقدموا نحوه وانتظروا اوامره ،لكنه لم يحرك ساكنا فقط يده التى اشارت الى اسفل التل ،تقدم الفتيه ومن خلفهم الفتيات ،كانوا يعلمون ان عودة المنتظر تستحق التضحية ،واخبرهم ان على الحصون التضحية بمقدار ما فعلته السنوات الماضية حتى يعود ضوء المنتظر يشع على تلك الارض من جديد ،وقفوا ثلاث ثلاث فى صفوف كان يراقبهم فى هدوء وهم يتساقطون من امامه نحو الاسفل ...
عم الخبر فى الصباح.... كان صوت صراخ النساء والاطفال يحيط بحرس الشمالى التى تتجه نحو التل ،حملوا العجوز ومحفته على ذراعهم وساروا به امام الاهالى حتى وضعوا امام قدم الشمالى داخل ساحة المجمع .استمر العجوز على هدوءه ولم يحرك شفتيه لكن اوامر الشمالى لم تنتظر حتى تستمع منه الى عذر ...سقطتت دماءه على الصندوق.

اغلقت البيوت وبوابات المجمع على سكانها باوامر الشمالى ،كان المرض يتفشى فى كل بيت ،كان ممنوع عليهم الخروج والدفن باوامر بيت المجمع ،كان صوت العويل يرتفع كل ليلة من منزل ،مات الزرع وجدبت الارض ،انخفضت الضفة وشحت مياهها ،مات من مات من الغرباء وقفل منهم من قرر العودة الى ارض الجبال هربا من اللعنة التى حلت على ارض الحصون بعد ان قتل الشمالى رجل "المرزوق"لم يستمع الى صوت التنبيه ،والعجوز كان يعلم العاقبه لذا ابتسم ،لكن فتيان الشمالى لم يرحموا العجوز فجابوا به الشوارع والطرقات حتى هلكت الحبال التى ربطت حول عنقه ،تجمع الفلاحين الباقين من بعد ايام الوباء فى طرف الارض فى طريق ارض السواحل ،لم يتعلموا القتال لكن الجوع فعل بهم ،حاصروا التجارة التى عبرت عنهم من ارض السواحل ، لم يسلم من جوعهم فتى او صبيه .....همست اخلاص بجوار اذن الشمالى من غرفته اعلى المجمع "لقد ضاع كل شىء"....
راقبوه يجلس وسط الحقول الجدباء شهورا دون ان يجرؤ احدا على المساس به ،وخافوا حين بدات الارض تتفتح من جديد ،كان من بقى من الاهالى بالكاد يسد الرمق ..مات اطفال ونساء ..عاد الرجال لسكنى الاكواخ من جديد على الضفة ..صنعوا سلاسل حديد مثل اجدادهم وافترشوا القش وعاشوا على المياه وما تجود به عليهم ..نسوا المدينة واهلها من طول الانتظار ..بدات ارجل الغرباء تعود من جديد ، حاملين معهم البذور التى احضروها من ارض السواحل والجبال ،دخلوا الى المجمع الخالى فوقف لهم الشمالى ورقصت امام كراسيهم التى نصبت امام الصندوق ،اخلاص كانت تدور مثل فراشة تفتح منذ لحظات على الحياه بعد ان خرجت من شرنقتها التى غلفت بداخلها طويلا ،طارت وعبرت من حول كل ركن ،واختارها احد الغرباء واكبرهم ،وبقيت معه ليلتها ،اشيع من بعدها وسط اهالى الحصون الفقراء ان المدد قد عاد على يد دم ملكى من الغرباء ،وقد سمح لهم بها المجمع لانه قراره حتى تعود الحياه للارض من جديد ،تحلق الحصنيون حول احدى الاكواخ بجانب الضفة ،كانوا يرتادونها كل يوم فى الصباح ،يتقدمون ببضع البذور التى نبتت بجوار الصندوق الاسود الذى جلس بجانبه مورد ،سرت كلماته من بينهم وعليهم ان يكتسبوا محبة المرزوق عليهم من جديد فهاهو صندوقه امامهم ويحمل وصية خطها لهم بيده منذ زمنا بعيد وسلمها الى ورثته ممن اختارهم من سلسال دمه ولكن حال الارض لم يعد كما تركهم ،بعد الجدب وموت من مات كان عليهم ان يعودوا الى ما تركوا لهم المرزوق ونسوا امره واتبعوا الشمالى ونبيله ووقفوا امام بيت الحجاره حتى لايغضب الغرباء عليهم ،واكلوا من الطعام المصنوع ببذورهم ،اخبرهم المورد ان طعام المياه هو غذائهم وغير مسموح لبذور الغرباء ان تدخل بطونهم او ان يقتربوا منهم ويخالطوهم .
وقف الشمالى من اعلى برج المجمع يراقب حشود الغرباء التى دخلت المدينة من كل صوب فى ذلك الصباح المبكر باتجاه الكوخ حيث الغرب ..غرب ارض الحصون بعد ان سمح لهم مورد بالموكث من حول كوخ اخر مخصوص يسمح لهم بالدخول اليه وتقديم طيورهم للزهرة بينما قدم الحصنيون طرح المياه فى الكوخ الرئيسى حيث يقطن المورد ذاته.
كان الغرباء من كل حدب وصوب قد قدموا لرؤية الزهرة وصندوقها بعد ان وصل امر رسائلها عبر قاطنى اكوخ المورد منتظرين منه ان يسمح برؤيتها ولكنهم سمعوا اصوات تجمع العامه فى ذلك الصباح الباكر ،لم يكن احدا راى وجه المورد منذ سنوات اقامته فى الكوخ فتداول الناس عنه باسم الكهل قاطن الكوخ ،فوجئوا بذلك الموكب الذى تقدم يجوب ارض الحصون بعد ان عادت اليها الحياه من جديد ومضت سنوات الجفاف ،همس اهالى الحصون من اين له هذا الرداء المذهب ،حملق الناس فى ذلك الموكب الذى تقدمه المورد ومن خلفه صندوقه يحمله رجال الكوخ ،موضوع عليه الصولجان ،كان يسمع همساتهم بسرور وهو يدور فى ارجاء ارض الحصون ،ذكرهم مظهره ورداء برداء المرزوق الكبير همست العجائز للاخريات تحلق الصبيه ليشاهدوه وهو يمر من مكان لاخر ،استمر الموكب يطوف ارض الحصون لثلاث ليالى ،بعدها عاد لكوخه وسمع للغرباء الذين ينتظرون امام بابه بالدخول وقبل منهم واعطى للزهرة .كانت اخر بوابات المجمع تستعد لان تغلق ابوابها خوفا من هجوم الغرباء وابناء الحصون عليها مثلما تكرر منذ ان قرر الغرباء البقاء وبناء بيتين مخصصين للزهرة جوار كوخ المورد الرئيسى خاص بهم فى حين قام الحصنيون بناء على اوامر المورد بذاته ببناء بيت الزهرة الاكبر على اكتافهم من الحجاره وان يكون اكبر بيت صنع لاجلها من قبل هكذا كتب المرزوق لهم داخل وصيته وعليهم التنفيذ ،كان الشمالى يراقب كل مساء هجمات بعض الرجال على البوابات والبيوت التابعة للمجمع حتى وصل بهم تحطيم عمدانها من اجل بناية المورد التى أمر بها .كان يعلم ان الدور قليل على المجمع قبل ان ينهدم على رؤوس اتباعه القله التى قررت البقاء بداخله ،كانت اخلاص مخباه فى احد منازل الغرباء التى خصصت لخدمتها حتى تلد الصبى الملكى .كان والده قد اتم مهمته التى امر بها وعاد الى بلاده البعيده .
عادت الخيول تدب باقدامها من جديد ارض الحصون على يد الغرباء فانتشرت فى الاسواق خاصا بعد ان استخدمها المورد فى موكبه الذى يطوف به الارض شتاءا من البيت الشرقى وصيفا من البيت الغربى مخالفا عاده المرزوق كما ذكرها الاجداد لابناءهم باستقدام الجمال التى يحبها المرزوق لتكون هى موكبه الذى يطوف به الارض فى سبع ليالى كان خلالها يوزع العطايا على الفقراء والمحتاجين لكن المورد لم ينسى عاده جده المرزوق ففتح احدى بيوت الزهرة من اجل توزيع حاجات الفقراء من اهالى الحصون وتوزيع الاراضى عليهم من جديد فعاد الفلاحين لزراعه اراضيهم .بعد ان مر موسم المحصول الاول الذى زرعه اهل الحصون بايديهم فتحت ابواب بيوت الزهرة من جديد امام سكان الحصون وغرباءها ..نزل المورد من على كرسيه ورقص ..ورقص حول المحاريب على الحان الاناشيد التى اخذت الصبايا فى ترديدها وعزفها على الطبول والصنوج حتى وصلت لمسامع اطراف الارض الاربع ووصلت اخبارها الى ملوك السواحل والجبال .
مرت ثلاث مواسم للحصاد ..كبرت بيوت الزهرة وزاد عدد زائريها من كل صوب فى تلك الايام لم يتشاجر غريب وحصنى كلاهما يعرف موقعه من بيت الزهرة ولا يجرؤ على تخطيه لكن بعد ثلاث مواسم سمع صوت الشجار الاول ،وكان اتباع المورد يقفون مع الحصنيون ضد الغرباء وكلاء لهم عن مشكلاتهم بينما اكتفى المورد ببقاءه جوار الزهرة ،كان عليه ذلك الموسم الخروج بموكبه لا ليطوف ارض الحصون فقط وانما سيخرج ليمر بارض السواحل ايضا بناء على طلب غربائها،لم يصدق اهل الحصون الخبر فى بدايته وقالوا ان الغرباء يحلمون بمباركة لن تاتى لهم لكنهم غضبوا وتحلقوا من حول بيت المورد ليستمعوا اليه ليكذب الغرباء ويلعنهم من ارض الحصون لكنه لم يفعل وقف المورد يبسط رداءه على الجميع قال لهم ان الزهرة لجميع اهالى الارض من حصون وسواحل ولن تقف عند احدا فقط .
كان الشمالى يقف من وسط الحشود متخفيا عن الانظار لو لمحه احدهم سيقتله من فوره فى مكانه ،كانت رأسه مطلوب باوامر المورد بعد تلك الليلة المشئومة التى تقدم فيها المورد موكب رجال الارض الذين قدموامن اطرافها الاربع ليحرقوا المجمع بايديهم ...لولا عيونه المدسوسة وتلك الغرفة التى يجهلها الجميع لما نجا الشمالى... فى تلك الليلة استمر رقص المورد الى الصباح وفتح البيوت امام الفقراء لسبع ليالى كعاده جده المرزوق الكبير...كانت عيون الشمالى تعيش وسط الحصون فاخذت فتيانها على اطراف الحصون وبالقرب من بيوتها لتعلمهم ركوب الخيل وضرب المحراب ..كان الصوت فى اذنهم ان المرزوق بحاجة اليهم ان يستعيدوا ارواح اجدادهم الصعاليك القدامى من جديد وهذا فقط ما تحتاجه ارض الحصون فالزهرة لا يكفيها الزيارة ..الزهرة تحب الصعاليك وتحميها والا ستجلب الهلاك على ارضها وتلك المرة نافذه لن تعود فيها الى الحصون واذا لم يحارب صعاليكها ستمحى ارضها من وسط الاراضى فجاة كما بدات منذ سنوات طويلة فجاة .كان المورد مشغول برقصته عن سماع اصوات اتباعه التى بدات تخبره عن جماعةالصعاليك القدامى التى ظهرت فى ارض الحصون من جديد ،لكنه لم يكن يستمع فالرقص من حول المحاريب سلبه لبه كان يقول ان الزهرة سعادتها فى رؤيةالزائرين لها من كل بقاع الارض بينما وقف الصعاليك القدامى فى ناحية البيوت وامام اهلها يقولون ان الزهرة للصعاليك فقط وليست من دم الغرباء.كثرت حوادث دم الغرباء التى يجدها الزوار على بيت الزهرة ملقاه من امامها ،استمر حال الصعاليك متربصين بالغرباء القادمين من طرق السواحل ونهب ممتلكاتهم وقتلهم حتى شاعت اخبارهم فى كل الارض .بدء اهل الحصون ينضمون الى الصعاليك القدامى ويختفون من بيت المورد لكنه لم يتوقف عن دعواته لهم بالعودة واستقبال الغرباء حتى تركه اخر حصنى بعد ما وجد الصعاليك القدامى يستعيدون ارض حصون المرزوق التى سلبت منه على ايدى هؤلاء الغرباء منذ زمنا طويلا ولم يستطيع حصنى من حينها ان يثأئر لدماء المرزوق وهاقد حانت الفرضة ..كان زعيم الصعاليك القدماء هو من يخبرهم بموعد تحرك الغرباء كانوا ينظرون لمن يخبره المرزوق بنفسه عن التحركات التى يجب ان يتبعها اهله ويستمعون ..فى تلك الليلة امرهم المرزوق وكان عليهم التنفيذ ..كان اخر حصنى قد خرج من لدى بيوت المورد حتى دخلها الصعاليك القدماء وحملوا محراب المرزوق التى احضرها المورد وصندوقه من ارض الغرباءوقاموا بطعنه بها واضرموا نيرانهم ببيوته حتى تحولت لرماد على الارض اخذ الجميع من الاطراف يشاهدون النيران التى استمرت لليالى مرتفعة الى الافق حتى اعادتها الى التراب.. حيث بدات من هناك .
ولدت اخلاص التوأمين فى بيت مواشى ارض الحصون المخصصة تقدماتها للزهرة ،كان البيت تحت حماية الصعاليك القدامى فلم يجرؤ اى غريب على الاقتراب ،من تحدث منهم على دماء للغرباء تسرى فى عروق التوأمين قطعوا رأسه ووضعوها على راس محراب وطافوا به الارض حتى علت اخبارهم ودب رعبهم فى الاطراف ووصل حتى السواحل والجبال كانوا اشداء واكثر باسا مما سمع عنهم ايام المرزوق الكبير. وفى يوم الاحتفال بهما سارا على غير عاده ابناء سنهم بضع خطوات حتى وصلوا الى تبه اتربه مرتفعة عن غيرها مهمله وسط الارض ،صرخ زعيم الصعاليك القدامى الشمالى "قبر المرزوق"لقد عاد الينا بعد سنوات عجاف....
كانت مقبرة المرزوق اشد متانة من البيوت السابقة ،فقفدم اليها الاهالى من كل صوب يقدمون له تضحياتهم ،واقاموا له نصب بنى على شكل المرزوق امام مقبرته وصنعوا بداخلها سلم بيت المنذورات ... ماتت ام التوأمين بعد بضع ايام فقام الصعاليك بدفنها داخل مقبرة المرزوق وصنعوا لاجلها غرفة مخصصة قدم اليها الاهالى من كل صوب من اجل التقديم اليها ،سموها الام كان الشمالى يقول لهم ان غضبها يجعل المرزوق يغضب ،خصص للاجل الوقوف على رعاية غرفتها نساء الصعاليك فكانت اكثرهم مكانة زوجة قائدهم او ساعد قائدهم الايمن هى من تتولى امر غرفة الام والصبايا ببيت المرزوق وتكون مسئولة عن جميع نساء الصعاليك فكانت "بدور" زوجة المصون قائد الشمالى الامين وزعيم الصعاليك القدامى والفلاح السابق واول من استخدم الفاس الذى جلبه الغرباء معهم فى قتل صاحبها الغريب وخرج ومن خلفه الصعاليك الى القفور ليتعلموا لغة اجدادهم ومسك الحراب ....كان المصون مهيبا فاعطاه الشمالى ان يقسم الغنائم وسط الصعاليك حسب ما يرى منهم .
جلس الشمالى على كرسيه واحاط نفسه بحراسه فيما تولى المصون زعامه الصعاليك فاعطاهم الرتب واعطى الفلاحين منهم ادنى الرتب كعاده المرزوق التى امر المصون من قبل الشمالى باعادتها كحالتها التى نسيها الحصنيون فادت بهم الى الخراب سنوات طويلة ،فكان الفلاح وزوجتة خارج بيت الشمالى والمرزوق،ولم تسمح لهم بدور بالتقرب من بيت المرزوق بل جعلت لهم خارجا مكانا مخصصا لهم ،وكانت على زوجة الفلاح التطهر بالمياه قبل الاقتراب من بيت المرزوق فى ايام معدودات خلال السنة قرب الحصاد تمنح فيهم العطايا بعد ان تغسل جسدها من مياه العيون التى صنعت لهم خصيصا لذلك اليوم ،كانت جماعة الشمالى المخصصة من النساء مئولة عن مراقبة سلوكهن،بينما قامت عيون رجال تلك الجماعة بمراقبة عامة الناس من رجال الحصون فى حاراتها وحتى حقولها ،فامسك باحد الفلاحين يقوم بترديد حكايات الاقدمين فسمع به احد الواشين واوصلها لجماعة الشمالى ،كان يدعى عابد لم يوقف حديثه كان يقف وسط حقله يرفع صوته ،يحكى حكاياته التى توارثها من جده العجوز ،كان ميراث عائلته فى تلك الذكريات ،حكى قصة المرزوق والفلاح مرارا ،كان يقول لو كان من دم المرزوق لجنى مافعله جده ومااستباح مااستباح ،تراجع الفلاحين من حوله ،كانوا يعلمون .....الواشين من وسطهم لايوجد بينهم والناس ساتر ،فضحتهم العيون وحررتهم الالسنة ،ذعر اهله منه وتبرؤا كانوا يعلمون ان الواقعة قادمة .ولكن بعض صغار الفلاحين الفتيه قد احبوا حكاياته واخذوا يرددونها فيما بينهم،وزاد عددهم ،وصنعوا لهم خيمات يستظلوا حولها فى الحقول،يتركون الواحدة تلو الاخرى،خاف من خاف وتجاسر من تجاسر وكلاهما لم يعلن ...حق الشمالى الدماء والكل خائف من دفع الثمن ،انزعج المصون من اصوات فتيه العابد ووصل لمسامعه احاديثهم ولم تتوقف بعد ان اختفى اثنين من افرادها ،كان لدى المصون وجماعة الشمالى غرفهم الخاصة اسفل قبر المرزوق لا يخترق ظلامه سوى شمعه ضعيفة يمررها احد حراسها لمن يقضى عمره داخل جدرانها ،كانت عظام بعضهم لاتزال هناك تحت الركام وبعضن التصقت عظامة بصخورها ونبتتوكانها حصون وصخور جديدة تشكلت من كلاهما من تراب الارض وعظم اناسها ،كان صوت عابد ياتى من خلف تلك الصخورويزداد ،يرتفع ،وصلت حكاياته واحبتها اذن النبلاء الاقاليم،وداعبت اذن الحكام الصغار ،كان صوت العابد يخترق صوت الشمالى فى اذان الحكام والرعية لم يستطع ان يمحو اثارها ،لم تفلح معها حملات المصون ورجاله على الافواه ،صارت حكايات العابد تقص جوار الشمالى ولم يعد بمفرده ،لكن منازل الحصون ولا قبورها استطاعت ان تخفى العابد عن اعين رجال المصون ،لم يردها بيت الضفة الذى احتمى بداخله كانت الزهرة وبيوتها وحسانها وكان بيت المزورق هناك يراقب من بعيد جسد العابد الملقى خلف حصان المصون ،كان هو ورجاله فقط من يستخدمونه ،لم يخجل من الدماء التى سحبت من وسط الحقول ولطخت الاخضر ونحرتها ،لم تخجل قدمى الحصان الذى اخذ يصهل على جلدات صاحبه من الركض فى شوارعها ،من الدخول بين البيوت ،ولكن الامطار خجلت .....خجلت وسقطت ارادت ان تمحو الدماء التى خصبت الاخضر وتطهره،لكنها لم تحمى الاعضاء التى تناثرت وتركت لتمتصها الاتربه وتضيع من وسطها .