تقارير عن انتهاك حقوق الأطفال!



فهد المضحكي
2019 / 5 / 4

تتسبب النزاعات المسلحة في المنطقة العربية بوضع مأساوي لآلاف الاطفال، لكن السياسات الحكومية المتبعة في أكثر من بلد، حتى منها الغنية، تخلق بدورها نوعاً من الاقصاء، خاصة الفتيات.

ثمة تقرير لمنظمة «انقذوا الاطفال» صدر قبل عام نشرته DW عربية يتحدث عن أن أكثر من 1.2 مليون طفل، يتعرضون للخطر، خاصة الفتيات منهم. اشكال الخطر متعددة، ابتداء من غياب الخدمات الصحية وسوء التغذية، مروراً بعدم الالتحاق بالدراسة او الخروج منها مبكراً وانتهاء بالعنف الشديد وعمالة الاطفال وتزويجهم وما يترتب عن ذلك من حمل مبكر، أي أن طفلة تتحول بدورها إلى أم.

وحسب التقرير ففي قائمة 175 دولة في مؤشر «نهاية الطفولة» الذي يرتب البلدان حسب حماية الاطفال توجد الدول العربية في مراكز متراجعة عدا الكويت.

في المقابل، وضمن المنطقة شديدة الخطر على المؤشر ذاته، أي الصنف الرابع توجد دولة عربية وهي موريتانيا، التي حلت بالمركز 162، أربع دول عربية أخرى جاءت في الصنف الثالث من الخطورة، هي العراق والسودان وسوريا واليمن، أما كل الدول العربية فقد حلت في الصنف الثاني.

يشير التقرير الصادر في مايو 2018 تحت عنوان «الأوجه العديدة للإقصاء» إلى ثلاثة أخطار أساسية تهدد الاطفال عبر العالم، أولها أن أكثر من مليار طفل يعيشون في بلدان فقيرة، مما يرفع احتمال وفاتهم قبل سن الخامسة، ويجعل ظروفهم غاية في السواد، الخطر الثاني أن 240 مليون طفل يعيشون في بلدان شهد نزاعات وهشاشة كبيرة، أما الثالث فيتلخص من وجود 575 مليون طفلة ضمن قائمة دول تعرف انتهاكات كبيرة في حقوق المرأة.

والخطر الاكبر حسب التقرير، أن 153 مليون طفل عبر العالم يعيشون في دول تعرف الاخطار الثلاثة المذكورة.

مما يرفع درجة وفاة الاطفال بعشرين مرة عن المستوى العادي، ويبرز التقرير أن 15 ألف طفل يموتون يومياً قبل الوصول إلى عيد ميلادهم الخامس، كما يشير إلى أن 100 مليون طفلة عبر العالم لا تحميهن قوانين بلدانهن وبينهن 7.5 مليون يتم تزويجهن بشكل غير قانوني كل سنة!.

وإذا ما تحدثنا عن البلدان العربية فإن النزاعات المسلحة في أكثر من بلد عربي حكمت على الاطفال بالانقطاع عن الدراسة، خاصة بعد تعرض مدارسهم للقصف ووقوع قتلى وجرحى بينهم في أكثر من مرة، بل واحتلال هذه المدارس من قبل مسلحين وفق ما يبرزه التقرير الذي أشار إلى أن الكثير من الأسر قررت عدم السماح لأبنائها بالدراسة في ظل هذه الظروف خوفاً من اعتداءات منها الاعتداء الجنسي.

من أكبر الأمثلة ما جرى في سوريا، فزيادة على تدمير المدارس والتراجع الحاد في عدد المدرسين، أكد استطلاع رأي تضمنه التقرير أن 80 بالمئة من المستجوبين مقتنعون أن عمالة الاطفال تزيد من نسب الانقطاع عن الدراسة، تبيِّن المعطيات الواردة أن نصف الدول العربية استطاعت تحسين وضعها في حماية الاطفال، أما البقية خاصة سوريا واليمن، فالوضع أضحى قائماً بشكل كبير.

وليس العمل وحده من يهدد اطفال سوريا، بل كذلك تزويجهم، فنسب تزويج الطفلات مرتفعة بين صفوف اللاجئين السوريين عما كان عليه الحال قبل الحرب، بل وترتفع النسبة كل عام، ووصلت في مخيمات لبنان إلى 40 بالمئة، ظاهرة تزويج الاطفال تنتشر كذلك في اليمن حيث النزاع المسلح على أشده وحيث القانون لا يضع أي سن أدنى للزواج، إذ جرى تزويج أكثر من ثلثي طفلات في هذا البلد، وهو رقم مرتفع على ما كان عليه قبل الحرب!.

يقول مدير منظمة «انقذوا الاطفال» في اليمن تامركيرولوس إن «قدرة البلد على حماية مساعدة الاطفال ضئيلة للغاية».

ويعني ذلك لقد ضاعفت سنوات الحرب من معاناة الاطفال في اليمن، إذ تسجل المنظمات الدولية باستمرار أرقاماً مقلقة عن حالات سوء التغذية الحاد، المرض والموت والحرمان من التعليم في صفوفهم، ويعد مجال التعليم اكثر المجالات تضرراً، حيث دمرت الحرب الكثير من المؤسسات التعليمية منذ اندلاع الحرب هناك واضطر نحو نصف مليون طفل يمني لترك الدراسة منذ تصاعد النزاع!.

ووفقاً لتقرير صادر عن منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونسيف) هناك 4.5 مليون طفل في اليمن يواجهون خطر التسرب من التعليم، ويرجع ذلك بشكل كبير إلى اختفاء رواتب المعلمين، وهناك مليونا طفل بالفعل لا يتعلمون بسبب الفقر والتخلف!.

أما بالنسبة للعراق فقد أظهر تقرير صادر عن الأمم المتحدة معلومات صادمة حول الاطفال في العراق، وبيَّن التقرير أن 80% منهم تعرضوا للعنف، وأن مستوى التعليم الذي يتلقونه هو الأدنى في جنوب العراق ونينوى والأنبار.

وبيَّن أيضاً أن «نتائج المسح الشامل لوضع الاطفال في العراق التي تم إطلاقها أظهرت ان الصراع واللامساواة لا يزالان يحددان ملامح الطفولة في البلاد».

ويذكر أن «جميع الاطفال في سن الدراسة الابتدائية تقريباً 92% ملتحقون بالتعليم الابتدائي، لا يتمكن سوى نصف الاطفال من الاسر الفقيرة، من إكمال المرحلة الابتدائية من التعليم، وتتسع الفجوة في التعليم الثانوي، حيث لا يتخرج سوى اقل من ربع الاطفال الفقراء، مقارنة بثلاثة أرباع الاطفال من الأسر الغنية».

ويشير التقرير السنوي للمفوضية حول التحاق الاطفال اللاجئين بالمدارس إلى أن عدد الاطفال اللاجئين الذين لم يلتحقوا بالمدارس في البلدان التي لجأوا إليها حول العالم ارتفع إلى نحو 4 ملايين طفل لاجئ بزيادة قدرها نصف مليون طفل خلال عام واحد فقط.

ونوَّه التقرير بأن البلدان في المناطق النامية تستضيف نحو 92% من اللاجئين في سن الالتحاق بالمدرسة على مستوى العالم.. مطالباً المجتمع الدولي بمزيد من الدعم المالي إلى هذا القطاع.

قبل عامين كشف تقرير لمنظمة (يونسيف) عن أنه بحلول عام 2030 سيكون هناك أكثر من 60 مليون طفل محروم من التعليم، ويشير التقرير بشكل مفصل إلى أن الأرقام ستكون متفاوتة في كل من افريقيا وآسيا. هذا الرقم مرشح للزيادة في ظل وجود 37 مليون طفل يعيشون في ظل الصراعات والنزاعات المسلحة والكوارث، وهناك 75 مليون طفل ما بين 3 إلى 18 سنة في 35 دولة أصبحوا يائسين من استكمال تعليمهم بسبب النزوح والهجرة!.