طُفُولَةٌ بِلَا عَرِين



عبد الله خطوري
2023 / 4 / 17

●طفولة وَاحَدْ :
(عندما كنتُ صبيا في العاشرة من عمري خامرتني رغبة ملحة في التقاط الشمس بكأسي فأخذتُ قدحا وأطبقتُ على بقعة من الشمس فاذا بالقدح يتحطم.وقد جرحت يدي وجلدت كذلك.وبعد أن جلدت خرجت الى الفناء فوقع بصري على الشمس في بركة موحلة فأقبلت عليها أدوسها بقدمي بكل ما فِيَّ من قوى.وواضح أن ثيابي كلها قد تلطختْ الأمر الذي استأهلت من أجله الجلد مرة ثانية.وكان انتقـامي الوحيد من الشمس هو أن أمد لها لساني وأصيح فيها:ذلك لم يؤذني أيتها الشيطانة الحمراء الرأس .. ذلك لن يؤذني.وقد كان في ذلك بعض المواساة لي.)(٢)

●طفولة جُوجْ :
وَقَفَ آلطِّـفْلُ يَسْعَدُ بِآلشّـرَرِ،
وَيَـعُدُّ نُجَيْمَاتٍ
فِي أَصَائِلِ أَسْدَالِ مَدَارِكِـهِ،
تَحْتَ شَاهِقَةٍ لِسَمَـاوَاتٍ
لاَ تَسيحُ مَدَامِعُهَا بشَفيفِ آلْمَطَـرِ،
لاَ يَنِـزُّ وَميضُ
جَلاَمِيدِ أَصْقَاعِهَا بآلْـدُّرَرِ..
وَقَفَ حُقُبا يَرْنُو
لِجــِـوَاءٍ يَنُـوءُ بِكَلْكَلِهِ ،
ويَسِحُّ دَمـا
ويُـذَوّبُ في آلْغَـرَقِ..
وَقَفَ آلطّيْفُ يَشْخَصُ بِآلْبَـصَـرِ ،
حَالِما بِعُبَابِ هَـوًى
لا يَكُونُ صَدًى لِسَمَادِيرِ آلْمُـؤَقِ،
طَفِقَ آلتّوْقُ يَشْهَدُ آهَاتهِ
تََفْتَحُ آلأَفْوَافَ تُخَسَّفُ في آلْجُـرُفِ ،،،
كَانَ طَيْفَ هَـواءٍ يُـرَى،
حاملا جَوْفُهُ شَهْقَةَ آلسُّدَفِ،
بِجَبينٍ أَغَــرَّ، نَسَائِمُـهُ
دَفَقَاتُ حَيَاةٍ تُزَفُّ
عَرَائِسُهَا قُدُما نَحْوَ آلْعَلَقِ،
وَ وَحيدا يُـرَى أبَدا
سَاهِما في هَـوَى آلأَطْيَافِ،
يَعُدُّ أَنْجُما ليْسَتْ تُوجَدُ فِي آلْغَسَقِ...

●طفولة ثلاثا :
يا وَاجِـفًا مِنْ كَبـِدي
يا أيّها الطّفلُ الجَميلُ العَالقُ،
عَمِهَـتْ عُيونُكَ في
حِبالِ اللاّبِرَنْثِ تُصَارعُ
حَتْفــا حَثيثــا يَـصْرَعُ...
تَتَرَقْـرَقُ!!
تَرْنُـو إِلى ضَيْمِ الزّمان يُشَاكِسُ...
تَتَوَجَّسُ!!
يـا خَائـِـفـا .. يا مُـقْـلَـتِـي..!!..
يا أيّها الطفلُ الجميلُ الشّائـقُ،
قَـْلبـي إِليْـكَ يُسَارِعُ،
قلبـي عَلَيْـكَ مُحَـرّقُ،
فيـه الدِّمَـا تَتَدَفّــقُ،
فيـهِ عُيـو نُكَ تَعْلَـقُ،
ما لي سوى هَــبَـوَاتِـيَ الْغَبْراء
في أُفُقِ المَهَاوي تُـورِِقُ،
صَــبَـوَاتُها لا تَبْتَسِـمْ،
هَـفَـوَاتُها أَبَدا تُقِيم،
لا تُغْــدِقُ
إِلا السُّمُومَ
مِنَ الحَمِيمِ،
مِنَ السَّــدِيم،
تُحَــــدّقُ.....

●طفولة ربعا :
وَعَـلّمُونَا في آلـدُّنَـى
أَنْ لا نُحِبَّ في سَعيــرِ مُـقْـرِفٍ
غَيْرَ آلْجَـنَائِـن آلنُّـضَارِ تَعْبَـقُ،
تَـطِـيرُ كَآلشّـذَى بَعْـدَ آلـرّدَى...
مَا مِنْ إيمَانٍ في آلْمَدَى
سِوَى مَـزيدٍ مِنْ لَظَى يُـسَـوِّدُ ...
هَامَاتُنَا تَخْبُـو هُنَا تُـصَـفَّـدُ،
عُقُولُنَا بِلاجَنَاحٍ مُسْعِـفٍ تُـعَانِـدُ ...
تُـزَغْرِدُ آلأحلامُ في قُلوبنا،
تُـجَاهِدُ آلْحَـوَاجِــزَ آلصِّـعَابَ
تَـصْـعَدُ آلْعُـلا ..
نَـشْـقَى..؟؟..
نَـعَـمْ!!
لَـكِنْ نرتقي
نُـكَابِـدُ آلْجِـرَاحَ
نَصْطَليهَا في آلجَحيمِ
نَصْعَـدُ ...
ونَسْعَــدُ ...

●طفولة خَمْسَا :
هااااهي العطلة أخييرا لَاحَتْ بشائرها مقبلة بعد طول آنتظار سنصيح ملء قلوبنا تْحَرَّرْنَا هذا قدرنا قادمون سَنَغْزُو آلعالم ستصيح حناجر لنا ملتوية في عَنان آلسماء، سنطلقها من براثن قيود شششتتت صَمْتًا سنصخب في آلفلوات لن نبالي بتعاليم آلعثراتِ ووصايا تشمع خطواتنا؛ وعلى قارعة آلطريق سينط بيغْ بُوسٌ صغيرٌ في العَنان بلا جاذبية بلا فيزياء بلا ثقل بيولوجيا بلا حساب بلا عقاب مستعينا بشغف خيال آلتقطته عيناه من أحلام يقظة آلمنام .. سيصرخ ونصرخ وإياه .. آ آ آي يْ ي .. يُريدُ يضرب خصما فطنا مُتَوَهَّما في هواء. يحلق الباقون كطيور ربيع نيسان أيارَ ترنو بلهفة أمل لبقية الفصول .. سيشرب المتحررون الزلالَ من عيون شعفات الجبال، سيأكلُون ثمار الغَاب حافية .. ستزرع الرياحَ صرخاتُهم الطافحة، تجني العواصفَ وآلزَّبَدَ آلرَّابِيَ مُقلُهم المشرقة.. سيتطهرون برذاذ آلأنواء تقتاتهم يقتاتون حَبابَها والحَمَأَ المَسنونَ .. تسحقهم الأنظارُ آلماحقة .. لا يبالون يتقدمون يعتلون فجاج آلشعاب آلوعرة كجياد صافنات يصهلون .. الأرض تَمُورُ تحت أرجلهم، سيطيرون يحلقون كحساسين بهاء في ليالي عناء تُنَورها البدور والنجوم وآلثريات وشهبُ آلأقمارِ آلناصعات وكثيرٌ من مُلَح الحبور .. يصرخون .. يضحكون .. السماء فوق رؤوسهم ستكون زرقاء عارية تُرسل شواظها آلصيفي من حميم جهنم تُسْقَى من ماء كآلصديد .. يغالبونها تغالبهم .. ينضون بجَأش ما تبقى في حناياهم من قسمات تسكنها طفولة موؤودة في قماقم أقبية لا تتفقدها القوافل السيارة .. لا يوسفَ بينهم لا حكمةَ لا رعايةَ لا جَمالَ لا موسى تهدهد بداياته مويجات آلخيال لا يقظانَ تلقمه أثداءَها همساتُ حدب آلغزلان لا بشراي هذا غلام سيرمون أسماءهم والألقابَ عُرْضَ اليباب يتأوهون يهددون الأزمان الكاسدة المتعاقبة القادمة .. كالأسُود البائدة بلا عرين يزمجرون آآآهْ هْ هْ .. قادمون ..

☆إشارات:
١_تْحَرَّرْنَا : بتسكين التاء في لسان الدارج منطوق فعل تَحررنا بفتحها، المقصود عطلة المدرسة
٢_مَكسيم غورغي
-رواية( الأم)
-الفصل26
_القسم :1.
_ترجمة:فؤاد أيوب و سهيل أيوب
_سلسلة:عيون الأدب العالمي
_دار اليقظة للتأليف والترجمة
_ سورية
٣_بيغ بوسْ : إشارة إلى أحد أفلام بروسليه من نوع الغانغ فو في بداية سبعينيات القرن الماضي