سَقَر



عبد الله خطوري
2023 / 5 / 14

أتأمّلُ ..!!.. أَ أتأمَّلُ فعلا أم أنا وأخي في هذا الدرج البارد الصفيق في هذا الخَلاء، في هذا آليَباب آلبشري، ننتظرُ الذي يأتي والذي لا يأتي ؟؟ يَمرون فُرادَى جَماعات .. يَنظرون لا يقفون .. البلدة المُفْعَمة بالنفايات لا تعرفنا، الرصيف المترب بالكاد يتحمل ظلنا، وساحة محطة القطار لا يُطاقُ قَرُّهَا في هذه الساعة المتأخرة من ليل المدينة الذي لا يرحم .. كل شيء في سَقَر والناس على سَفر لا يأبهون .. زُجاجة الحَليب مُتْرعة بأمواه بائرة تَميدُ كحَسرات تنتظرُ وقتا ما تجهز فيه على ما تبقى فينا من أمشاج .. يمرون لا يقفون .. كَوّمْتُ جسميَ المُنهارَ على بدنه الضامر الصغير على أكفان من كرتون بَلَّلَتْهَا رطوبةُ الليالي العطنةُ وفحيحُ سياط أفاعي الرياح القارسة .. الزنابيرُ كانت زرقاء والذئاب تعوي في وِجَاِرهَا السحيق، هناك خلف الغابات في جبالنا الشاهقة .. عبثا بحثنا عن الأحلام التي تتحقق نبوؤتُها في سهول المدينة الرحيبة .. اقتنصونا واحدا واحدا انتشلوا ما آنتشلوا خرموا فتقوا ألقوا ببقايا كلومنا في مطارح المدينة تقتاتنا ديدانٌ وأقباء غيلان نِسْيان .. أيام خلتْ .. لم نذقْ فيها ما يُسَمَّى طعاما .. يمرون يصعدون ينزلون لا يقفون .. أخي يبكي .. أهدهد أوصابَهُ أحكي له حكايا زرقاء عن عالم لا تَموتُ فيه عصافيرُ الربيع .. رَسَمْتُ له في العَراء حُرُوف عيدٍ من بَهاء ملونة كبيرة مستديرة وكلمات من قزح وعبارات تنتشي بموائد الفرح، فراحَ يفتحُ فاه يقضم ذا يكرع ذاك إلى أَنْ أُغْمِيَ عليه، وآكتفيتُ أنا برواية الكلمات ورسم خيالات الأحلام التي لا تتحقق ...