أزواج يجب مفارقتهم



أحمد حمدي سبح
2023 / 6 / 14

نقابل في مجموعات حوارية كثيرة على السوشيال ميديا حوارات ورسائل عامة ترسلها نساء حول موضوع انها متضايقة من زوجها او مهملها أو تريد أن تطلق منه او او... الخ ، المهم أنه في كثير من الحالات لا يوجد سبب كارثي يستدعي هذا الانفصال العاطفي او الطلاق .

بصراحة رأيي الشخصي في الموضوع لو أن زوجك غير بخيل (والبخل منعآ لتعدد الآراء لأنه يميل الى أن يكون نسبي ودرجات ، فالبخل هو رفض لاستغلال وجود حقيقي ومدرك للمقدرة المادية على الإنفاق وفقآ لمستوى معيشي معين يتناسب مع القدرات المادية لشخص ما دون أن يؤثر ذلك على الحد الأدنى المطلوب من الإدخار والإستثمار تحسبآ لظروف الحياة المختلفة والتضخم والمقدر تقريبآ بين 30 الى 50 ٪ من ثروة الشخص وتدفقاته النقدية cash flows ).

فالزوج البخيل ليس فقط بخيلا في ماله بل أيضآ بخيلآ في مشاعره وعواطفه وبخيلا في الوفاء بوعوده وبخيلآ في مشاركاته الإجتماعية والوجدانية ، وهذه عناصر مشتركة في كل البخلاء، يزيد عليها لدى كثير منهم وليس كلهم أنهم نصابين محتالون حبآ مرضيآ في المال، او أنهم مخادعون كذابون أو أنهم مدعون للفقر بشكل مقزز ومحرج ومؤلم لأسرهم.

فالزوج البخيل أسوأ من الخائن لأن الخائن قد يتوب وينصلح حاله ويحاول أن يعوض زوجته عن خيانته حتى لو لم تكتشف خيانته ، أما البخل فهو أسلوب حياة لا شفاء ولا براء منه في السواد الأعظم من الحالات إن لم يكن كلها، لذلك فالزوج البخيل لو أمكن مفارقته بالحد الأدنى من التبعات السلبية على الزوجة والأولاد في حال وجودهم لكان أفضل وكل زوجة أدرى بظروفها في جميع الحالات.

النموذج الثاني من الأزواج الفاشلين الذين يجب التفكير جديآ بمفارقتهم والانفصال عنهم طلاقآ أو خلعآ هم الخائنون، وهنا للزوجة حق الإختيار إما المسامحة لاعتبارات العشرة والحب وادراكها أنها نزوة عابرة ولاعتبارات الاولاد ومستقبلهم او حتى لاعتبارات منع تدهور حالها وحال أولادها بعد الطلاق وطلب الزوج المسامحة والمغفرة وتعهده بعدم التكرار، أو أن تختار الإنفصال وهذا حقها تمامآ ولا تلام عليه.

النموذج الثالث هو المريض عقليآ ونفسيآ والذي يصل بمرضه لمستوى لا يمكن معه إقامة حياة أسرية طبيعية ملائمة سعيدة، ويخشى حال الإستمرار معه من حدوث اختلالات في عقليات ونفسيات الأولاد بل والزوجة نفسها، بالاضافة الى الخطورة على حياتهم.

النموذج الرابع من الأزواج الفاشلين هم النصابون المحتالون السارقون لثروات وأموال زوجاتهم والطامعون فيهن ، فيستولون على أموالهن بغير طريق بالمحايلة تارة وبالتهديد والعنف تارة أخرى ، ثم ينفقون هذه الأموال على ملذاتهم أو يحولونها لحساباتهم البنكية الخاصة دون أن تستفيد الزوجة أو أولادها من أموالها الخاصة فيحرمهم منها،. وهو نموذج لابد للزوجة أن تفكر جديآ بمفارقته إكرامآ لنفسها ولأولادها وحفاظآ على أموالها ومستقبلها.

النموذج الخامس وهو نموذج الرجل الذي يعاني عقدة النقص وحشو مشايخ التخلف لعقله الظلامي الضلالي لأفكار متخلفة ورؤيته لنفسه أن كمال وتمام رجولته لن يتحققا إلا بالسيطرة المادية الكاملة على زوجته بل وإفلاسها إن أمكن في كثير من الحالات ، فهو رجل من ذات نوعية الذي يغير من زوجته ومن نجاحها في عملها وبعمل على عرقلة تقدمها بشكل مباشر وغير مباشر ويضع العراقيل المختلفة أمامها ليوصلها بشكل واضح ومعلن وصريح أو ضمني مستتر أمام خيارين إما عملها ونجاحها وإما زواجها وبيتها، وللأسف أغلب النساء الساذجات ، الباكيات النادمات لاحقآ ، تختار الزوج والزواج ليتعهدها بعد ذلك بمزيد من التحكم والسيطرة لتدفع ثمن سوء قرارها.

فإما إكمال لحياة مهينة او على الأقل أقل كثيرآ مما كانت تتمنى وتستحق على المستوى الشخصي وحزن من أهلها المستنيرين المتعلمين على سنين عمرهم وأموالهم ومجهوداتهم التي أنفقوها على تعليم ابنتهم وطموحاتهم فيها او فراق أيضآ بعد أن خسرت كل شئ.

النموذج السادس العنيف المهين قولآ وفعلآ، ولا أقصد هنا من قد يكون تجاوزه السلوكي وليد ضغوط معينة أو أزمة نفسية يمر بها أو حتى نتيجة استفزاز وتجاوز من زوجته تنكأ به جرحآ لديه ، أي أنه ليس مريدآ في عالم البلطجة والقبح، يعني كما يقال بالعامية المصرية (مش بيصبحها ويمسيها بعلقة) ، بل هو في الطبيعي وفي السواد الأغلب من الحالات انسان طبيعي ودود وزوج محب وطيب وكريم ووو...الخ.

فنموذج البلطجي العتيد لابد من مفارقته حفظآ لكرامتها ولحياتها وحياة أولادها وألا تشعر هي وأولادها أنهم يعيشون تحت التهديد في كل لحظة تحت وطأة رجل يستحلهم في كل حين .

والحقيقة أن النماذج الثلاثة الأخيرة الى جانب سوء خلقهم المتأصل وحقارتهم الدفينة في جوانب شخصياتهم يستندون في كثير من الحالات لادعاءات وتفسيرات دينية يشجعها ويشيعها أغلبية المشايخ من تجار الدين حتى وصل الأمر أنه في كثير من الحالات تجد الزوجة نفسها وحيدة في وسط جموع تدافع عما يفعله زوجها فيها وأولادها بدعاوي وادعاءات دينية مَحق بها أغلب رجال الدين ضمن ما محقوا العقل الشبه الجمعي للمجتمع.

فلو كان زوجك لا يعد واحدآ من النماذج السابقة ، أو حتى لديه بعض الصفات السلبية الأخرى ولكن يمكن تحملها والتعايش معها، ولديه في نفس الوقت صفات إيجابية أخرى تغفر له تلك السلبية وتحقق التوازن في الحياة الزوجية ، فساعتها على كل زوج وزوجة أن يفكرا جيدآ قبل اتخاذ قرار الانفصال.

كذلك ومن ناحية أخرى لابد على كل زوجة أن تفكر جيدآ وتجلس مع نفسها بعقل واعي وضمير حي ، لتراجع حياتها الزوجية وتسأل نفسها ما الذي ينغص عليها حياتها الزوجية وما هي الأفعال والسلوكيات التي تقوم بها وتثير حفيظة زوجها حتى ولو كانت أمورآ بسيطة ؟ فمعظم النار من مستصغر الشرر ، لأن الزوج ساعتها يفسر ذلك على أنه تجاهل وتكبر وعدم اعتبار له وعدم اهتمام به، او طلباته حتى البسيطة منها (طالما كانت في حدود المعقول) التي تصر الزوجة على تجاهلها أو تناسيها تحت ادعاءات وحجج عديدة.

أو عدم مشاركتها إياه جلساته وخروجاته ومناقشاته وحواراته بكل انصات واهتمام ، والإصرار على الابتعاد او الانشغال عنه او حتى النوم المفرط وعدم إشعاره برغبتها بأن تشاركه حياتهما مما يثير رجولته وشعوره بأن زوجته تتعامل معه كأنه مدير لفندق تنام هي فيه فيدفعه للإنتقام والعقاب خاصة لو كان تحدث معها سابقآ ولفت انتباهها لمثل تلك الأمور التي تضايقه ولم يجد منها استجابة بل تماديآ لما هي فيه.

وفي النهاية لكل زوج وزوجة الحق أن يراجعا حياتهما ويتأكدا من حسن وسلامة قرارهما سواء ان اختارا الاستمرار او الانفصال ، ولا بأس من محاولة الإصلاح إن أمكن إكرامآ لعشرة طيبة ومودة قائمة اذا كان الطرفين يستحقان ذلك ، المهم أن يوازنا بين المنافع والمضار وكل حالة زوجية تختلف عن الأخرى بناء على المستويات المادية والاجتماعية والفكرية والظروف العائلية ومدى الدعم والمساندة اللذان سيجداهما من أهلهما وأصدقائهما إن وجدوا ، لأنه بعد الإنفصال من الصعوبة بمكان أو بحال أن تعود المياه الى مجاري جفت من البعد والجفاء. الجفاء.