غُولَااااكْسْ أيها آلْمُمْتَحَنُون



عبد الله خطوري
2023 / 6 / 22

●عُرْس الامتحان:
وفي لحظة، لم أستطع آنتظار آلنجاح، لذا، عزمتُ آلذهاب إليه .. ولما بلغتُ غايتي وَجَدْتُني عريسا متوجا هنااااك ...

●الامتحان سيرورة حياة :
(ويدخل الطالب غرفة الامتحان مقرّح الأجفان من كثرة السهر، منهنه الأعصاب من شدّة الإجهاد، وقلبه ينبض كقلب خشف تطارده عانة من الذئاب.أيخدمه الحظّ فتأتي الأسئلة من النوع الذي يستطيع الجواب عنه؟ أتسعفه الذاكرة أم تخونه؟ أيكون من الناجحين أم من الراسبين؟ وإذا هو رسب فبأيّ وجه يقابل والديه وقد أنفقا على تعليمه ما أنفقا؟ وقد يكون ذاك المال نتيجة جهود طويلة وحرمان مضنك لوالديه وإخوانه. وبأيّ عين ينظر إلى الناجحين من رفاقه، وبأيّ قلب يواجه المستقبل؟وتنتهي معركة الامتحانات فينجلي غبارها بعد حين عن نفر واتاهم الحظّ وأسعفتهم الذاكرة فكانوا من الناجحين.وعن آخرين تنكّر لهم الحظّ وخانتهم الذاكرة فكانوا من الراسبين.ويفرح الناجحون وأهل الناجحين فيويلمون الولائم ويتقبّلون تهانئ المهنئين.ويحزن الراسبون وأهل الراسبين فيتهرّبون من الشامتين والمعزّين.ويظنّ المغفّلون ــ وأكثر الناس مغفّلون ــ أن حكما أصدره معلّم أو جماعة من المعلّمين على هذا الطالب أو ذاك هو حكم مبرم لا يقبل الردّ ولا التأويل.وأن الناجحين في امتحانات المدارس هم بغير شكّ أفضل من الراسبين.ولكن الناجحين والراسبين لا يلبثون في النهاية أن يخوضوا المعركة الكبرى ــ معركة الحياة القاسية ــ حيث الكفاح على أشده، وحيث يُمتحنون في كلّ لحظة امتحاناً لا محاباة فيه ولا تزوير.وأمّا المواد التي يُمتحنون فيها فأكثر من أن تنحصر بين دفتي كتاب، بل بين دفات ألف ألف كتاب.فهي تتناول جميع ما يقولون ويفعلون، وجميع ما يضمرون ويظهرون.والأنكى من ذلك أنّهم لا يبصرون لفاحصيهم وجهاً، ولا يسمعون لهم صوتاً، ولا يعرفون لهم مقرّاً.فكأنّهم في كلّ شيء ممّا على الأرض وفي السماء.بل كأنّهم في كلّ زمان ومكان.لا تفوتهم شهوة ولا نيّة، ولا يستتر عن أبصارهم فكر ولا خيال.فهم بحقّ فاحصو (القلوب والكلى) والعارفون (بذات الصدور). (١)

●أحلام الامتحان :
(إن كل من يهم بآجتياز آمتحان الباكالوريا في ختام الدراسة الثانوية يشكو من إلحاح هذا الحلم من أحلام الهيلة في ملاحقته : يرى أنه قد رسب في الامتحان أو أنه مضطر الى إعادته من جديد الخ .. وأما الذين حصلوا على درجة جامعية فيحل عندهم محل هذا الحلم النمطي حلم آخر يخيل اليهم أنهم قد رسبوا في آمتحان الاجازة الجامعية وهو ما يعترضون عليه سدى وهم ما زالوا نياما محتجين بكونهم يعملون منذ سنوات كأطباء أو محاضرين بالجامعة أو رؤساء أقلام : تلك ذكريات تنبعث عن ألوان من العقاب لقيناها في طفولتنا جزاء على سوء أفعالنا، ذكريات تحيي في نفوسنا من جديد رابطة نفسها بهاتين اللحظتين الحاسمتين في تاريخ حياتنا المدرسية بيوم الغضب، يوم الامتحان يعز المرء أو يهان.والى هذه المخاوف الطفولية عينها يرجع اشتداد هيلة الامتحان عند العصابيين، فنحن بمجرد أن نفرغ من مرحلة اللعب حتى نلقى عقابنا "الذي نستحق" على يد آبائنا أو أولياء أمورنا أو المدرسين من بعدهم، وانما يتكفل بتربيتنا في مستأنف السنين هذا الرباط أو أولياء العلي الذي لا يرحم بين أحداث الحياة الواقعة، وها نحن أولاء نحلم اليوم بآمتحان البكالوريا أو الاجازة الجامعية - ومن ذا الذي لم يرتعد اذ ذاك ولو كان مستعدا؟ - كلما ارتكبنا خطأ أو قصرنا في أمر فخشينا أن تأتي العاقبة بالعقاب أي كلما شعرنا بوطأة المسؤولية ...) (٢)

●رهاب الامتحان ...
تبدو أعراض رهاب الامتحانات على شكل أمراض مفاجئة تصيب الطالب قبيل الإجراء، ومن أهم هذه الأعراض ألام البطن المباغتة، والشعور بالغثيان والإجهاد، أو آلام الظهر والساقين، وصعوبة الهضم وفقدان الشهية للطعام ومشاكل في الإخراج على شكل نوبات إسهال أو إمساك أو تكرار كليهما معا.من أهم الأعراض المتكررة أيضا، حدوث نوبات متكررة من الهلع والخوف الشديد وحالات عصبية وحالات توتر زائدة، فضلا عن حالة من التعرق و السرعة الزائدة في ضربات القلب.وقد يصل الأمر لحد الهبوط الشديد في الدورة الدموية، ومعدلات ضغط الدم وما يصاحبه من حالات مشابهة للإغماء .. كل هذه الأعراض وغيرها تجليات عادية سرعان ما تتراجع لوحدها دون أدوية لأن مجمل أسبابها نفسية تتعلق بشخصية التلميذ ومدى قدرته على التفاعل وأجواء الامتحان بطريقة طبيعية عادية، وعموما فإنها تنزاح بشكل سريع فور آندماج المترشح مع غيره من المترشحين يتقاسم وإياهم التجربة المشتركة .. فلا داعي للقلق ...

●مِنْحَة الامتحان ..؟! .. :
التلميذ المتعتر دراسيا لا يكون بالضرورة ضعيف الذكاء، فالواقع المدرسي المعيش يؤكد غير ذلك، هناك تلاميذ يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء، لكنهم لا يستطيعون مسايرة الدراسة، لأنهم ببساطة لا يجدون ذواتهم في نوعية الدروس المقدمة لهم، فهي لا تناسب ميولاتهم ورغباتهم ونزوعاتهم مما ينعكس سلبا على نتائجهم المرحلية والنهائية.لعل سوء التوجيه وانعدامه في كثير من الاحيان يلعب دورا خطيرا سلبيا في هذا الصدد، فآنتقال التلميذ من الإعدادي إلى الثانوي مثلا، غالبا ما يتم بشكل عشوائي اعتباطي، فأغلبية التلاميذ يوجهون دون إرادتهم ومؤهلاتهم ومهارتهم وميولاتهم ونزوعاتهم نحو الشعب العلمية دون سبر أغوار فوارقهم الفردية العاطفية الوجدانية والعقلية والحسية الحركية التي تمكنهم من مسايرة مقررات وبرامج هذا المستوى التعليمي التعلمي الذي يباشرونه في مراهقتهم المبكرة والوسطى .. إن الرغبة الذاتية في الدراسة في شعبة ما كيفما كانت شرط ضروري لعملية التعليم والتعلم والمواكبة والاستمرار، ودونها نضيع وقتنا فقط، والتلميذ الذي يوجه إلى شعبة غير ملائمة لميوله وقدراته وشخصيته لا يكون له الحماس الكافي لمواصلة الدراسة بها، فيصاب بالملل والسأم، وتكون نتائج مساره الدراسي غير مرضية له ولغيره، مما يجعله في عداد المتعترين والمتخلفين دراسيا .. ولا نصادف هذه العشوائية في نهاية سلك الإعدادي فحسب، بل نلفيها في أقسام جذع مشترك والأولى ثانوي تأهيلي، فكثيرون كان توجههم علميا ولم يستطعوا آجتياز السنة الأولى في مراقبتها المستمرة، ليغير المتعلم توجيهَه مرغما نحو شعب أخرى دون أن يعي ما ينتظره في هذه الشعب من مواد وعناوين لم يسمع بها قط في حياته كفقه اللغة والنحو والصرف والعروض والبلاغة مما يجعله يخبط عشواء وهو يخوض غمار كفاءات التحليل والتركيب والتعامل مع المواضيع المقالية ومهارة معرفة البحور بزحافاتها وعللها وتقلباتها الصوتية ومفهوم الصورة الشعرية بمكوناتها المتعددة المتنوعة وانزياحاتها المتشابكة والتعامل مع مادة المؤلفات بكتب كاملة بما تتطلب من مقاربة انواع النصوص المختلفة بالتحليل الادبي المتكامل المتماسك، بالاضافة الى ارتفاع معاملات اللغات مما يجعل المتمدرس يبذل مجهودات مضاعفة كي يستدرك ما فاته دون جدوى .. ومن التلاميذ من يكون قد خاض أشواطا غير هينة في نوعية ما من التعليم ويغير الاتجاه دفعة واحدة، كما يفعل الكثيرون في السنوات الأخيرة التي شهدت نزيفا حادا من شعبة التعليم الأصيل الى نظيره الأدبي العصري، ضاربين عرض الفراغ معاملات مواد العربية والاسلاميات المرتفعة التي اذا آستغلوها تمكنهم من نيل البكالوريا بسهولة وأريحية وبميزات جيدة عوض الاكتفاء بنجاح صعب متوسط او اعادة الموسم لا لشيء الا لأن التلميذ يركب هواه ويتبع سابقيه في مسار ( نمشي فين مشى صاحبي ومنين ما دازت ليبرا يتبعها الخيط) ، الشيء الذي يخلف نتائج وخيمة على المتعلم الفرد وجماعته .. فليحتط المتعلمون من مثل هذا النزوع، وليبذل المكلفون بعملية التوجيه مزيدا من الجهد لتحسيس المتعلمين بأهميته وخطورته .. هي حقيقة يعلمها الجميع، كون أغلبية المتعلمين في مفترق الطرق، فرائحة الطفولة مازالت عالقة بذاكرتهم، ونفوسهم لا تستطيع بعدُ تحمل ضغط متغيرات الحياة وإكراهاتها، وأثقال المسؤولية تزداد تتعاظم مع مرور الوقت ترفع أمامهم مزيدا من التحديات والمطبات والعراقيل يجب عليهم أن يشمروا على سواعد عزمهم من أجل تجاوزها؛ وهذا الامر لن يستطيع القيام به إلا هُمْ أنفسهم وحدهم ولا أحد سواهم .. لا مفر .. ليتحمسوا، وليثقوا بأنفسهم، بعمق ليتنفسوا، هكذا دوما همة جأش آلفتوة يكون .. أكيد بمثل ذي آلسمت تكون الحياة كلها آمتحانات منح لا محن ...

●أحلام آلقمر :
تحتاجون، بعد آجتيازكم آستحقاقاتكم الموسمية، لفترة تحلمون بقَمَرٍ لكم تمسكه أناملكم، فآنطلقوا آحلموا أيها آلمعنيون بآلامتحانات في مبادئها وغاياتها السامية الكبرى .. آمسكوا قمركم بأناملكم يزهو آلوجود بكم ولكم .. أنتم تحتاجون الآن لفترة هدوء بعيدًا عن زبانية الضغط، عن الإحساس المفرط بالمسؤولية، عن التوجس عن جور الارتياب عن الشك والخوف والفزع وصلف الظروف وحالات التردد وظروف الاستثناء. تحتاجون فترة سلاااام في عالم وئام تخلدون فيه لذواتكم بعيدا عن تمثلات واجبات افعل لا تفعل .. وحدكم كونوا وخواطركم دون ترقب أو توجس أو هواجس أو آنتظار ما يأتي ولا يأتي .. كونوا هادئين سلسين مع الصمت المطلق مع الموسيقى مع القراءات الحرة التي بلا قيود بلا برمجة بلا مناهج بلا ضوابط بلا طمع بلا حيرة بلا أسئلة بلا إجابات بلا واجبات بلا مانع بلا حواجز بلا ذهاب وإياب بلا صعود أو هبوط بلا حركة في الزمن في المكان بلا حديد مواصلات وازدحام أزقة الشوارع بلا صداع حافلات سيارات نقل صغيرة كبيرة بلا وقوف في مواقف تحت الريح تحت المطر وصلف حر الهجير بِلا جداول حصص بلا حضور بلا تسجيل غياب بلا تكتكات الثواني والدقائق وسخافة الساعات بلا بدايات بلا نهايات بلا مبررات، او مجهود ذهني أو عصبي آنفعالي فائض عن الحاجة من أجل الظهور بثبات أمام الناس .. فترة تحتاجونها الآن تتركون لمشاعركم الضاغطة فرصة حرية التعبير، تبكون بلا سبب لِمَ لا .. تضحكون بلا سبب لِمَ لا .. تصرخون بلا داع تصدحون تترنمون تغنون بلا موسيقى .. الموسيقى الإيقاع يصبحان أنتم .. تتحدثون ورؤاكم، تتكلمون أو لا تتلكلمون سياااان .. لا تفكرون في مستقبل مجهول أو معلوم ينتظركم في منعطف ما لطرقات متشابكة .. تحتاجون للحظة لا تبالون فيها بما سوف يحدث أو لا يحدث، لا تؤلمكم فكرة التغيير أو تبدل الأحوال أو وقوع ما لا يحمد عقباه، لا ترهقكم فكرة كونكم وحدكم في عالم ملتبس دائما يتربص .. تحتاجون لفترة آستعادة آلأنفاس تقضونها بعيدًا عن هواجسكم ووساوسكم .. فقط راحة وسلام نفسيان .. تحتاجون لفترة هدوووء ودَعة وسكينة لتعودوا من جديد بعدها لمواجهة قسوة أوجاع آمتحانات الحياة .. غُولَااااكس أيها آلممتحنون .. تنفسوا بعمق شهييييق زفييييير زيدوا ارفعوا هاماتكم ابتسموا تقاءلوا .. زيدو القداااام .. هذا ما كان ...

☆إحالات :
١_من كتاب..(دروب) لميخائيل نعيمه
٢_ سيجموند فرويد، من كتاب:
(تفسير الأحلام) 1900