الطلاب و الحيتان



محسن لفته الجنابي
2023 / 8 / 5

-أنت طالب؟
-نعم
-أبني واصل ، ماناخذ من الطلاب.
إنتهى الحوار الشعبي المعتاد والذي كنا نسمعه حين كان يدور بين (السواق وأصحاب المطاعم والمكاتب والجامعات والأملاك) من جهة وبين (الطلاب) من جهة أخرى وهو طبيعي جداً في المجتمع المتعافي الذي من المفترض أن يدعم ويتعاطف مع الطلاب إذا ماعلمنا أن الطالب إنسان صغير أمامه مستقبل كبير متفرغ للدراسة حالياً وينظر للحياة كتجربة جديدة يتعلم منها ولايملك أموال مستقلة بل يأخذ مصروفه من عائلته التي تقتطع مصاريفه على حساب لقمة العيش و إلتزامات السداد (اليومية ،الشهرية ،الموسمية والطارئة) والتي تفرضها ديناميكية الحياة
كان الطالب مدعوم ولو بالتخفيض دون الإسقاط فيما يتعلق بمصاريفه من ناحية أجور النقل (بطاقات مخفّضة) وأجور الطعام (وجبات زهيدة خاصة للطلاب في المطاعم والكافتريات) وأجور (السكن في الأقسام) كانت مجانية أو رمزية لاتثقل كاهلهم فيركزون على الرصانة والتعلم والنجاح
فلا نستغرب أيامها أن يضع صاحب المصلحة لافتة تقول( هذا الشيء مجاني للطلاب)
وهناك دوماً أسعار خاصة بالطلاب .
بعد عصر الإنفتاح والتسابق على الكسب السريع أختفت تلك الأشياء وأرى كما يرى النائم أن إختفائها يسبب آثار مباشرة على الطالب نفسه وعلى عائلته فيجعلهم في ضيق شديد ونقمة على المجتمع الذي صار يستغل الطالب أبشع إستغلال ..
على سبيل التذكير أن طالب الطب يحتاج يومياً القراءة عشر ساعات ، وغيره يحتاج ربع الليل ونصف النهار وينفذ وقته تماماً إذا أضفنا لذلك وقت النوم والمحاضرات والذهاب والإياب .. أي أن الطالب (الحقيقي) لايملك الوقت للعمل بكل الأحوال (عدا أيام العطلة التي تأتي في شهرين يحترق الطقس فيها في العراق) والنتيجة أن موارده صفر للشمال
أخاطب كل من يستغل الطلاب لإنجاح مشاريعه (الربحية الجشعة) سواء كانوا أشخاص طبيعيين أو معنويين من أناس وكليات أهلية ربحية ومؤجري الأقسام الداخلية الجشعين ، أقول لهم:
أنكم تستنزفون الطلاب وتحولونهم إلى (مصرف مفلس) ولن يمر الكثير من الوقت حتى يتخرجوا بجهد جهيد لينتقموا منكم ومن كل الناس
فلا نستغرب أن (كشفية) الطبيب الفلاني (كبيرة وفاحشة) فهو يريد أن يعوض ما سلبتوه منه بالقوة أيام الدراسة وتكاليفها البشعة ليسترجعها منكم ويعيد لنفسه وعائلته (المضنوكة) الإعتبار .
رددوا معي : رفقاً بالطلاب
خصوصا هذه الأيام حيث موسم القبول في الجامعات آت ولا أستثني طلاب الثانوي والإبتدائي فهم (الزرع الإنساني) الذي نجنيه لمستقبل وديمومة المجتمع في العراق ويحتاجون الدعم والثبات،
كلا لتجارة (الربح/السحت) من الطلاب .