لايبدين زينتهن



أحمد حمدي سبح
2024 / 1 / 1

قال الله تعالى

وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا ۖ وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىٰ جُيُوبِهِنَّ ۖ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَىٰ عَوْرَاتِ النِّسَاءِ ۖ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ ۚ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النور

كلمة نسائهن والتي لم تحظى بتركيز واهتمام من كثيرين هنا تعنى معارفهن من الصديقات والقريبات، وهذا في حد ذاته دليل على أن الزينة المقصود بها هي الكشف الكثير أو الزائد لأجسادهن، فمعلوم أن المرأة كما يقال تكون على راحتها مع محارمها المذكورين في متن الآية.

فلو كان المقصود بالزينة هي الشعر والوجه والكفين والقدمين( الى جانب الأعضاء الأخرى) على الرغم من أنهم من الزينة الظاهرة التي لم يحرمها الله فهذه الأمور هي علامة الانسان وأس مظهره ، فلو كان المقصود بالزينة هنا هي حتى تلك الأعضاء الظاهرة فما الحكمة اذآ من تغطيتها وسترها عن النساء الأخريات من غير الأصدقاء والأقارب وهل هذا ما تطبقه منقبات ومحجبات اليوم أصلآ!!!.

كذلك قوله عز وجل في نهاية الآية ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن ، يعني لا يسرن في الطرقات بشكل متمايل واباحي أومتبختر غير محتشم تتهدل وتتهادى معهن صدورهن ومؤخراتهن ، فهل طريقة المشي في حد ذاتها تظهر الوجه والشعر (والمفروض اخفاؤهما كما يدعون)؟!!.

لا يبدين زينتهن تعنى لا يبدين مواضع الأنوثة التي تثير شهوة الرجال وهي تلك التي بين أعلى الفخذين الى الصدر ، ولماذا أمر الله سبحانه وتعالى بإخفاء وستر هذه المواضع لأمرين اثنين :

اولا لتتمايز نساء المسلمين عن المشركات العرايا اللاتي لم يكن لديهن حرج وبأس من الحج نفسه عرايا في مجتمع اتسم أصلا بالانحلال الجنسي بزواج الرهط والاستبضاع والخدن.

ثانيآ منعآ لأن يتعرض لهؤلاء النسوة مجموعة من السوقة والمتشردين والفاسدي الأخلاق من الرجال في مجتمع يغيب فيه القانون ودولة المؤسسات والشرطة.... الخ من جهات رقابة وانفاذ القانون وينتشر فيه الجهل والتخلف وسهولة الاحتكام للسيف ودائرة الثأر والانتقام والانتقام المضاد لمعاكسة أحدهم لامرأة فإن كانت الحروب تندلع لأهون من ذلك في ذاك الزمن مثلما حدث أيام الجاهلية والتي طبعت تفكير كثير من العرب حتى اليوم فكانت الحروب تندلع حتى لغش في سباق خيل او قتل لناقة كما حدث في حروب داحس والغبراء وحرب البسوس واللتان استمرتا عشرات الأعوام!!.

والدليل على ذلك ممكن استقاءه من قوله تعالى في نفس السورة

وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) سورة النور

أي أن النساء الكبيرات في السن أو المرضى منهن ليس عليهن حرج من ارتداء الرقيق من الملابس دون أن يدنين عليهن جلابيبهن أي لا وجوب من ارتداء الجلابيب او الملابس المقفولة وفقآ لأزياء ذلك العصر لأنهن لن يؤذين (ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين) عبر تعرض السوقة والغوغاء والدهماء من الشباب والرجال لهن حيث هؤلاء يبحثون عن الجميلات من الفتيات صغيرات السن .

ولكن أيضآ دون تبرج بزينة يعني دون ارتداء ملابس فاضحة مكشوفة بشكل بالغ كتلك ذات فتحة الصدر الواسعة أو المشقوقة من الجانبين أو أحدهما أو الضيقة الشفافة بشكل مبالغ فيه ، بالاضافة الى عدم التبرج بزينة مبالغة تثير الحسد والحقد من حلي ومجوهرات من ذهب وفضة ، فكل هذا هو تبرج الجاهلية الأولى الذي نهى الله عنه .

فالله سبحانه وتعالى يراعي نوعية العقلية والمرجعية الثقافية وسمة ودرجة التطور الحضاري في تفصيل أحكامه الشرعية أو وصاياه لعباده المأمورين في النهاية باستكمال تلك الأحكام وفقآ لمعانيها ومراده النهائي لا وقوفآ على حرفها ووسيلة تطبيقها وشكلها المظهري وفقآ لتطورنا الحضاري.

مثلما على سبيل المثال لا الحصر لم يقم الله تعالى بتحريم الرق ولكن وفقا لتطورنا الحضاري والفكري والمادي فإن إباحة الرق اليوم انما هو من المحرمات التي سيحاسب عليها الله يوم القيامة.

فحتى في غير الدول الاسلامية فالمقبول اليوم مظهريآ في هذه الدول لم يكن مقبولا مظهريآ فيما مضى من 60 او 70 عاما خلت وهكذا.

إذا في النهاية مسألة الملبس إنما تتعلق بمنع اثارة الأذى والمهالك بين معاشر القبائل البدوية التي ضربت حتى ذاك الوقت أزمانآ متوارثة في عصور الجاهلية بما طبعتها عليهم من طباع وأفكار وعادات وتقاليد عديمة الوعي بالغة الجهل يسيرة الدم.