بمناسبة الثامن من آذار الكوتا النسائية في البرلمان العراقي لم تمثل النساء



طيبة الحميد
2024 / 2 / 27

في يوم المرأة العالمي :الكوتا النسائية في البرلمان العراقي لم تمثل النساء
الأفراح التي انتشرت في آخر دورة انتخابية 2021 نتيجة زيادة اعداد النساء داخل البرلمان العراقي والآمال التي بُنيت من محدودي الإطلاع على الوضع داخل السلطة التشريعية على هذه الأعداد تحوّلت الى خيبة كبيرة اليوم بعد ان شارفت هذه الدورة على الانتهاء،وهذا يفضي على ان النوعية أو الجودة الفكرية هي الأهم،وهي التي تقودنا لطرح معضلات النساء داخل مجلس النوّاب،العدد ليس كافيًا.
وكيف تصل النساء ذوات الجودة الفكرية المدافعات حقًا عن قضايا النساء الى مجلس النوّاب؟! إذا كُنَّ يتعرضن وهن في طور النشاط النسوي إلى شتى أنواع المعارضة من المجتمع والعشيرة والطبقة السياسية ذاتها! إذ ان الناشطات النسويات في العراق يُقدمنَ للنساء أكثر من ممثلاتهن في البرلمان العراقي،من لا نسمع اصواتهن ونرى وجوههن الا وقت الدعايات الانتخابية، و أنا دائمًا اُمارس التمييز الايجابي، لكن كون النساء هُنّ أمل النساء فإن ترشّحهُنَ مؤخرًا للانتخابات أصبح شيء شبيه بالموضة او الترند..والغاية منه فرض نفوذ وسيطرة وليس تمثيل النساء،لا توجد اي امرأة إلى الآن رشّحت نفسها و وضعت مطالب النساء ضمن مشروعها الانتخابي،والكثير من المرشحين والمرشحات لا يمتلكون برنامجًا انتخابيًا بالاصل،عن اي تمثيل يتحدّثن؟
نائبات لا يستطعنَ الإفصاح عن التحرش داخل البرلمان، داخل المكان الذي من المفترض ان يسن قوانين صارمة ضد التحرش،ماذا سيقدمن للنساء وها قد أشرفت عضويتهن على الانتهاء !
تبعًا للمصطلحات فإن الكوتا نسائية وليست نسوية،وكان من الممكن نعتها بالنسوية لو انها عملت لصالح النساء.
إذ يُمسك البرلمان العراقيّ بقوة بيد من يمثلنَّ التعاليم الاجتماعية المحافظة التي تتماشى مع الصالح العام للسلطة التشريعية،ويأخذ بهنَّ الى مقاعد المجلس كي يضمن عدم وجود معترضين ؛لاسيّما على توظيف الافكار الذكورية خاصتهم في القوانين وتشريع قوانين اُخرى تخدم الصالح الاجتماعيّ المحافظ ودول الجوار؛فجميعنا شاهدنا تواطئ ممثلاتنا في الكوتا النسائية مع المشروع الإيراني-العراقي على مقترح تعديل المادة 57 الخاصة بالحضانة مع الاحزاب الدينية الّتي تُعتبر الاغلبية المسيطرة .
وان لم يصوتنَ فيكُنَّ منضمات الى كتل مؤيدة على اقل تقدير! اي ممثلاتنا بين منقادات لما تقرره السلطة التشريعية ،و مسيرات يتبعنَ رأي رئيس الكتلة الخاص بهن،لأننا على دراية ان رأي رئيس الكتلة هو الرأي السائد، ومن المعروف أيضًا ان جميع رؤساء الكتل لا يفقهون شيئاً في اهمية الحقوق السياسية والاجتماعية والاقتصادية للمرأة ؛فهم و ممثلاتنا في الكوتا النسائية يربطون حقوق النساء بالدين والعرف و يستمدونها نصًا منهما .
عندما بدأت المطالبة بقانون العنف الاسري عام 2019،ردت افواه الممثلون في البرلمان :ان قانون العنف الأسري يتعارض مع الدين والعرف العشائري،و هو ما لا نعترض عليه:لكن ما دامت الدولة دينية غير مدنية قوانينها مستنبطة من العرف والدين كيف ستنال النسوة حقوقهن الّتي من المعيب ان يطالبنَ بها لبداهتها؟ وعلى ما يبدو ان هذة الاجابات الجاهزة للرد على مطالب الرافضات للوضع الراهن و للقوانين الخاصة بالنساء لا تزعزعها غير المطالبة بالدولة المدنية ؛لأننا نطلب العون من الجلاد الآن : عندما نطالب بتشريع قانون العنف الأسري والغاء تزويج الضحية من المغتصب وحماية كيان وكرامة النساء من خلال منع تعدد الزوجات والزواج خارج المحاكم وغيرها من القوانين في ظل دولة دينية!
إنَّ معايدتي للمرأة بيومها العالمي غير منطقية، فكم أكون وقحة عندما أهنئ سجينات أكبر طموحاتهن المشي في الشارع بحرية وبلا خوف، بل إن ما أود أن أقوله للنساء في الثامن من آذار هو الحثّ على الرفض، والثورة على القوانين، لأن حياتنا معتمدة على قرار قاضٍ يسير بقوانين الدولة، المستمدة من الاعراف العشائرية والمعتقدات الدينية اللتان لا تناسبان طموحات وتطلعات وأفكار النساء اليوم.
في يوم المرأة العالمي نطالب جميع النساء بالعمل حتى الوصول إلى حقوقهن المسلوبة، و نحثهنَّ على قراءة القوانين وفهمها و انتقادها والثورة عليها، لأن القانون اليوم تحت عبائة رجلي القبيلة و الدين،اللذان تمكنا من توظيف أفكارهما الذكورية في القوانين والحكم على النساء وفقها؛فمنذ عقود لم يتم تشريع قانون واحد لمصلحة النساء في العراق ، بل على العكس، ورغم وجود الكثير من المواد القانونية السامة مثل المادة 41 من قانون العقوبات العراقي التي تسمح للرجل بتأديب زوجته بالضرب والمادة 398 التي تسمح بتزويج الضحية من المغتصب لتخفيف الحكم عنه (هي بالحقيقة تشجيع للرجل على الاغتصاب) والمادة 409 التي تتساهل مع قتلة النساء، فإننا نرى لممثلينا في البرلمان العراقي المزيد من الرغبة في قمع النساء و الطفلات ، إذ إن الكثير من ممثلينا الذين لا يمثلوننا مصرون على تطبيق المشروع الإيراني الخاص بحضانة الأطفال في العراق لوضع المزيد من قيود الزواج على يد المرأة.
في الثامن من آذار أؤكد ان السلطة التشريعية في العراق تساهم في سرقة الطفولة من خلال السماح بتزويج الطفلات و تحجيبهن وعدم ضمان حقهن بالتعليم وعدم وجود قانون عنف أسري يحميهن، ودائمًا ما أقول إن أوضاع الأطفال تتحسن عندما تتحسن أوضاع النساء، وأن تحسين وضع المرأة مرتبط بتشريع قوانين بعيدة عن المؤسستين العشائرية و الدينية و إزالة القوانين المستنبطة أو المستمدة من كلتا المؤسستين المذكورتين أعلاه.
ان المرأة في العراق الى اليوم لم تصل إلى المرحلة المطلوبة و المستحقة ضمن تطلعاتنا في المجتمع،بسبب الذهنية الأبوية التي تحكم البلاد والتي تقلل من شأنها، كما أن الطبقة الحاكمة في البلاد دائمًا ما تفرض أفكارها الأبوية على المجتمع وخاصة على النساء والطفلات.
واستغل هذه المناسبة و أوصي بتوحيد الخط النسوي والمدني في العراق،إذ لابد ان نشكل يومًا اغلبية!والاتحاد اولى خطوات تصويب الهدف، ويتم ذلك من خلال توحيد الناشطات والناشطين،العضوات و الاعضاء و منظمات المجتمع المدني برمتها،ان توحيد الخط النسوي و المدني أمر غاية في الأهمية؛اذا ان عدم توحيد جميع المؤيدين للمدنية يؤدي الى تباطؤ تقدّم الحركة النسوية والمدنية في اي مكان وزمان،كما ان توحيد النضال النسوي يولّد ضغط كبير على الأنظمة الذكورية ما يسهل الوصول الى مطالبنا.
امّا كيف نوحد الجهات النسوية والمدنية؛ فيتم ذلك أولًا من خلال توعيتهم لإدراكهم اهمية توحيد الخطاب والنضال وكيف يعبّد لنا الطريق و يقزّم مسافته،ومن خلال إنشاء اتحاد او حزب او الانضمام لأي موجود منهما ممن يطرحون القضية النسوية كما يجب ان تطرح.
نقول في يوم المرأة العالمي 8 آذار أنّنا نستمد الإصرار على الثورة و إعلاء اصوات النساء الرافضة من استمرار السلطة في التجاهل والاستهزاء بمطالب النساء في العراق و الاستمرار في اعتبارهنَّ كائنات ثانوية ،ثورة تردع كل المغروسات المتوارثة التي تنادي باستعباد النساء اولاً ، و تضع توضيح أمام انظار الملأ أن النساء لم يعدنَ مسيرات ويرفضنَ من لا يمثلهن،ويرفضنَ الاساءات القائمة على اساس الجنس قاطبة.