حوار بين أب وابنته



غيورغي فاسيلييف
2006 / 11 / 30

كانت الإبنة تشاهد برنامجا تلفزيونيا، تعرض فيه الاحتفالات الشعبية، وبعض العادات، والتقاليد لشعوب آسيوية عديدة. كان أبوها يتابع البرنامج معها، فجرى بينهما الحوار التالي:

الإبنة : ماهي العادات والتقاليد يا أبي؟ وكيف صارت بهذا الشكل؟
الأب : العادات والتقاليد هي مجموعة تعاليم انتقلت من جيل الى جيل، وهي تشمل كل المعارف البسيطة التي يتناقلها الناس كالمعتقدات، والخرافات، والقصص، والأمثال الشعبية، والتعابير السائرة، والشعر العامي، والألعاب، والتسليات، والأعياد، والاحتفالات الشعبية.
الإبنة : وهل العادات والتقاليد كلمتان تحملان نفس المعنى ياأبي؟
الأب : لا يا ابنتي. العادات والتقاليد هما ثقافة شعبية غير مكتوبة (في الكتب)، ولكن العادات تختلف عن التقاليد بفارق ليس بسيطا، فالعادات مثلا شخصية اكثر، كعادات الناس في المأكل، والمشرب، والملبس، وفرش البيت، وهي تتغير وتتطور مع الزمن واختلاط الشعوب. أما التقاليد فهي تحمل طابعا عاما لشعب بأكمله، مثل تقاليد الأعياد، والزواج، وشعائر الحداد، كما أنه من الصعب تغيير التقاليد بسرعة.
الإبنة : فهمت الأن، لهذا تغيرت عاداتنا في الطبخ مثلا، أما تقليد الزواج فبقي كما هو.
الأب : أحسنت يا ابنتي.
الإبنة : وكيف السبيل الى تغيير هذا التقليد الى الأفضل، يا أبي؟
الأب: هذا يتطلب تغييرا كاملا فيما ورثناه عن الأجداد، وفيما وصلنا منهم من الماضي السحيق، خصوصا وان التقاليد تظلم المرأة جدا، ولاتحترم حقوقها.
الإبنة : هذا يعني ان التقاليد – هو ما يفرضه الأموات على الأحياء؟
الأب : انت رائعة يابنتي! انت ذكية، وتفكرين بحكمة، وأنا اعتز وافتخر بك! يعجبني جدا ان اتحدث واتحاور معك! لك رأس مفكرة ومدبرة رائعة! قول رائع وسأكتبه في مفكرتي!
"التقاليد – هو ما يفرضه الأموات على الأحياء"، من قول ابنتي.
الإبنة : شكرا لك يا أبي! هذه شهادة منك اعتز بها! و لا أستطيع أن اتكلم مع احد، مثلما اتكلم واتحدث معك ومع ماما، انتما أصدقائي الحقيقيين! أنتما أقرب الناس الى قلبي وعقلي!
الأب : ماما الآن في العمل، وأنا احب أن أقول لك أن ماما – انسان رائع! ما عرفت شخصا مثلها. ولا اعرف كيف كانت حياتي بدونها! لقد علمتني كيف يكون الحب الحقيقي، وكيف يكون الانسان انسانا، وكيف اكون صديقا، وزوجا، ورفيقا! التقاليد تظلم المرأة، والمجتمع يظلم المرأة، والرجل يظلم المرأة، والمرأة نفسها ظالمة بحق نفسها. لقد حاولنا ماما وأنا ان تكون تربيتك مختلفة تماما عما هو سائد ومتعارف عليه في المجتمع، بعيدا عن الأعراف، والتقاليد، والعادات. وكان هناك اخفاقات، وكان هناك نجاحات. لم نسمح لأحد حتى للأصدقاء والأهل والمقربين التدخل في حياتنا، وحياتك. لم نرضخ للمجتمع الخارجي. المجتمع قوي لأن المرء يسمع له، ويعترف به كقوة قائدة في أفعاله وعاداته وتربيته. المجتمع كالنهر والمنبع والروافد. كل شيء يتوقف على المنبع والروافد، ولا قوة، ولا قيمة للنهر بدونهما. ومن المهم ايضا، يا ابنتي ان تكوّني صداقات لطيفة وجميلة ورائعة، الصديق – شيء هام جدا في الحياة بالنسبة للمرء. الصديق إما ان يخرّب ويدّمر، واما ان يبني ويبدع.
الإبنة : نعم يابابا، يسعدني جدا أن علاقتنا في البيت والأسرة نادرة جدا. وأقول لك الحقيقة، امي قالت لي نفس الشيء عنك، وانك كل شيء بالنسبة لها! كم اريد ان تكون عندي في المستقبل مثل هذه الأسرة، ولن اقبل شيئا دون ذلك.
الأب : على فكرة ماما ستعود بعد ساعة من العمل، ونحن نتحدث، يجب ان نحضر لها شيئا تأكله عندما تعود، هيا معا الى المطبخ. هناك نعمل ونتكلم. أنا أقترح طبخ شوربة، ورز مع السمك المشوي في الفرن، والبطاطا المقلية، والسلطة، مارأيك؟
الإبنة : رائع يابابا، طبق اليوم رائع.
الأب : انا احضر الشوربة، وأنت تحضرين الرز. والسمك أنا آخذه على نفسي، وانت تأخذين البطاطا، والسلطة نحضرها معا. موافقة!
الإبنة : مئة في المئة. هيا الى المطبخ.
الأب : هيا يا ملاكي الرائع!
2006