ألمرأة إنسان كامل متكامل



سهيل قبلان
2006 / 12 / 3

تواصلت هذا الاسبوع، وتتواصل حتى العاشر من الشهر الجاري، الحملة التي بدأت في الخامس والعشرين من الشهر الماضي، لمكافحة العنف ضد النساء، على صعيد عالمي، ولا شك ان ايام الحملة، شهدت وتشهد وستشهد مختلف النشاطات والفعاليات، لمكافحة العنف ضد المرأة وشجبه والدعوة لاجتثاثه، انه نشاط مبارك، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هو، كم هو عدد الذين شاركوا في تلك النشاطات؟ وأين يكمن جذر السوء في التعامل مع المرأة بالعنف والتمييز؟ معروف ان البشرية تعيش في مجتمعات مختلفة، ولكل مجتمع عاداته وتقاليده، وفي المجتمعات، عَلمانيون ومتدينون، والقاسم المشترك بين المتدينين في النظرة الى المرأة والتعامل معها، هو انها بمثابة ضلع قاصر وناقصة عقل، لذلك فرضوا عليها تغطية الرأس، وفي العديد من المجتمعات، خاصة الاسلامية والعربية، فرضوا عليها تغطية الرأس والوجه باستثناء العينين، من منطلق التعامل معها كجسد وكضلع قاصر وليس كانسان كامل متكامل مبدع له قدراته الكبيرة ومؤهلاته العظيمة وشخصيته الفذة وعقله العبقري وضميره الحي وروحه الوثابة وقلبه النابض بالحياة وحب الحياة، وفي المجتمعات الرأسمالية هناك من يتعامل مع المرأة ليس كجسد وحسب وانما كسلعة لجني الارباح، من خلال التجارة بالنساء للعمل في الدعارة، ومن هنا في اعتقادي يبدأ الخلل وجذر السوء، فالرأسمالي الذي يسمح لنفسه بدفع راتب اقل للعاملة كونها انثى، ورغم ان الكمية التي تنتجها خلال يوم العمل مساوية وتزيد حتى عن الكمية التي ينتجها العامل، فانه بذلك يمهد السبيل للتعامل مع المرأة باحتقار وإذلال واهانة وعنف، غير آبه لما ينتج عن ذلك من نتائج سيئة على مشاعر المرأة وكيفية التعامل معها وبالتالي على العائلة والمجتمع.
للوصول الى القناعة التامة بان المرأة انسان كامل متكامل بكل معنى الكلمة وهي المسؤولة عن نفسها وسلوكياتها وكيانها المستقل، وليست جسدا للمتعة ولا سلعة للتداول والتلاعب بسعرها، يتطلب وقتا طويلا، وكما ان البذرة التي تحتضنها التربة بحاجة الى الماء والهواء واشعة الشمس والوقت، لكي تنمو وتزهر وتعطي ثمارها الطيبة، فكذلك في اعتقادي المجتمع، بحاجة الى تذويت القناعة التامة بان المرأة انسان كامل متكامل، ولتذويت تلك القناعة بانسانية المرأة، المطلوب من كل عائلة عدم التمييز في التعامل مع الاولاد والبنات، ولنتصور انه في كل مدرسة، جرى البدء من صف البستان في تربية الاطفال من ذكور واناث، ومن ثم في المدرسة في المراحل الابتدائية والاعدادية والثانوية، على اننا كلنا ابناء تسعة اشهر وان المرأة انسان بكل معنى الكلمة من حقه العيش باحترام واستقلالية وحرية والاعتماد على النفس واشراكها في مختلف الهيئات والمؤسسات واتخاذ القرارات واجراء الفعاليات المشتركة للذكور والاناث والدمج بينهم وعدم اقامة الجدران بينهم، واقرار حصص تربوية في المناهج المدرسية في كل المراحل الدراسية، فان ذلك سيساهم في تعميق التعامل مع المرأة كانسان وتعميق القيم الجمالية في المجتمع وتعميق تذويت القناعة ان المرأة نصف المجتمع ومن حقها المساهمة في ابادة شوائبه ونتنه وتعامل نصفه معها باستهانة وتشكيك في قدراتها وانسانيتها ومؤهلاتها وحبها للحياة والتطور والسعادة.
في الدولة يتعرض عدد كبير من النساء للعنف بمختلف اشكاله، فهل الجندي الذي يتلقى دائما الاوامر ليقتل ويهدم وينكل ويقمع ويعذب، اهالي المناطق الفلسطينية المحتلة ودوس حقوقهم وتخريب ممتلكاتهم، سيعود الى البيت بمشاعر انسانية نقية مئة بالمئة، أم انه سيمارس العنف لأتفه الاسباب؟ وهل العاطل عن العمل، الذي يكون دائما في وضع نفسي غير مريح، وقد اسودّت الدنيا في وجهه لكثرة ما فتش عن اماكن عمل ولم يجد، سيفكر بشكل هادئ وجميل ويتعامل باحترام وانسانية مع زوجته؟ وهل الفصل بين الرجل والمرأة خاصة عند المتدينين، لدرجة ان مصافحة المتدينة لقريبها ممنوعة، سيساهم في التعامل باحترام بين المرأة والرجل؟
ان الحملة العالمية لمكافحة العنف ضد المرأة ستنتهي في العاشر من الشهر الجاري، والسؤال، وماذا بعد؟ ماذا مع باقي ايام السنة؟ ولماذا لا تشكل هيئة من رجال ونساء وتضع برامج مشتركة، تربوية تعليمية في المدارس، وندوات وحوارات واجتماعات في مختلف المؤسسات والنوادي، ونشاطات مشتركة ورحلات مشتركة، لتعميق القناعة عند الجميع بان المرأة انسان كامل ومتكامل وليست ضلعا قاصرا ابدا.