مشروع القرار الأمريكي الذي اسقط بالفيتو الروسي الصيني انعكاس للتعددية القطبية



علي ابوحبله
2024 / 3 / 24

مشروع القرار الأمريكي الذي اسقط بالفيتو الروسي الصيني انعكاس للتعددية القطبية
المحامي علي ابوحبله
اصطدم مشروع القرار الأميركي لوقف إطلاق النار في غزة باستعمال حق النقض الفيتو من جانب روسيا والصين، فما هي الأسباب التي دعت لعدم تمرير مشروع القرار ؟؟؟؟؟
نص مشروع القرار الأميركي بديباجته التي قدمت لمجلس الأمن إن "الحاجة الملحة إلى وقف فوري ومستدام لإطلاق النار لحماية المدنيين من قبل جميع الأطراف (...) ويدعم بشكل قاطع الجهود الدبلوماسية الدولية الرامية إلى تحقيق وقف إطلاق النار هذا بالتزامن مع إطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين"."
كما يرفض مشروع القرار أي إجراءات للاقتطاع من مساحة قطاع غزة، بما في ذلك من خلال إنشاء مناطق عازلة بشكل رسمي أو غير رسمي، ويدين الدعوات لتهجير سكان القطاع و"يرفض أي محاولات لإجراء تغييرات ديموغرافية أو إقليمية" فيه، بالإضافة إلى ذلك، فإن القرار "يطالب" حماس والجماعات المسلحة الأخرى بتوفير المساعدات الإنسانية وبشكل فوري لجميع الرهائن المتبقين.
أبدت روسيا اعتراضها على مشروع القرار ؟ وقالت فاسيلي نيبينزيا سفير روسيا لدى الأمم المتحدة إن القرار مُسيَّس بشكل مبالغ فيه ويتضمن فعليا منح الضوء الأخضر لإسرائيل لتنفيذ عملية عسكرية في رفح ، وأضافت أن الغاية من القرار الأميركي كسب الوقت وهدفه مسيّس كي تفلت إسرائيل من العقاب.
ووصف نائب مندوب روسيا الدائم لدى الأمم المتحدة ديمتري بوليان سكي نص وثيقة مشروع القرار الأمريكي بأنها "خداع أمريكي مألوف".وقال إن موسكو لن تكون راضية "عن أي شيء لا يدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار"، موضحا أن مشروع القرار كان يجب أن يتضمن "مطلبا" أو "دعوة"، ولكن ليس فقط "تعريف الضرورة" لوقف إطلاق النار.
لقد حمل مشروع القرار الأمريكي في ظاهره تغيّرا في موقف الولايات المتحدة التي استخدمت هي نفسها حق النقض ثلاث مرات لمنع إقرار مشاريع سابقة لوقف إطلاق النار، كما كانت الإدارة الأمريكية ترفض بشكل مطلق أي استخدام لمصطلح «وقف إطلاق النار» وكان تبرير ممثلتها في الأمم المتحدة، لرفض مشروع القرار الجزائري في 20 شباط/فبراير الماضي، أن أي وقف غير مشروط لإطلاق النار " قد يعرقل مفاوضات صفقة تبادل الأسرى" .
خلال ما يقرب الشهر من رفض واشنطن للقرار الأنف تحوّل الوضع في غزة إلى كارثة غير مسبوقة في التاريخ البشري الحديث وفاجعة تتحمل مسؤوليتها الأمم المتحدة حيث جاءت تصريحات الأمين العام للأمم المتحدة غوتيرش من أمام معبر رفح " ما يحدث هو انتهاك أخلاقي " إن "الفلسطينيين من أطفال ونساء ورجال يعيشون كابوسا لا ينتهي"، فيما تقترب الحرب بين إسرائيل وحركة حماس من شهرها السادس.
وأضاف غوتيريش أثناء زيارته الجانب المصري للحدود مع قطاع غزة بأنه أتى إلى مدينة رفح المصرية "حاملا أصوات الغالبية العظمى من دول العالم التي سئمت ما يحدث" في غزة، حيث "هدمت المنازل وقضت عائلات وأجيال بأكملها في ظل مجاعة تحاصر السكان". مع ارتفاع عدد الضحايا لأكثر من 32 ألف شهيد، واقتراب سكان القطاع من المجاعة.
هذه التصريحات التي وصفت وصف دقيق معاناة أهل غزه ، إلا أن الدبلوماسية الأمريكية الراهنة ما تزال تعمل ضمن إطار ربط اتفاق لوقف إطلاق النار لمدة ستة أسابيع بإطلاق حركة «حماس» سراح الرهائن الإسرائيليين (وهاتان هما النقطتان المركزيتان لتلك الدبلوماسية رغم أن السلطات الأمريكية تتحدث أيضا عن العمل على " توفير الحماية للمدنيين" و" إيصال المساعدات الإنسانية")
لم يعد بمقدور أمريكا التحكم في قراراتها وتمريرها وفق رؤيتها ومصالحها في ظل تعدد القوى القطبية والتغير العالمي في موازين القوى على اثر تداعيات الحرب في أوكرانيا والحرب في غزه وباتت انعكاس للحالة الدولية وتعدد الأقطاب والتحالفات الإقليمية ونتيجة ذلك وجّهت موسكو وبكين ضربة للجهود الدبلوماسية الأمريكية المركزة التي تعبّر عنها زيارة وزير الخارجية الأمريكي توني بلينكن السادسة للمنطقة والتي اضطّرته للوصول إلى تل أبيب أمس رغم أنها كانت غير موجودة ضمن برنامج زيارته للمنطقة، وذلك في محاولة لحل حلة العقدة الإسرائيلية والتي تتركز، حسب أقوال بلينكن، على منع رئيس حكومتها، بنيامين نتنياهو، من اجتياح رفح من دون خطة لحماية المدنيين (وهو ما واجهه نتنياهو بالقول إن الجيش الإسرائيلي سيهجم على رفح بغض النظر عن موافقة واشنطن) وكذلك، حسب ما تذكر أنباء مستجدة، على دفع نتنياهو للتعامل مع مطلب " حماس" إعادة النازحين الفلسطينيين إلى شمال غزة، والأغلب أنه تلقى جوابا سلبيا أيضا بهذا الخصوص ، وأن تداعيات ما يحصل في غزة، كما هو واضح، لا تخص الفلسطينيين وحدهم، وستحدد نتيجة السباق بين التوحّش الإسرائيلي ومشاريع قرارات مجلس الأمن شكل المنطقة والعالم لعشرات السنين المقبلة.
ومنذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 تشنّ قوات الاحتلال الإسرائيلي حرباً مدمرة على قطاع غزة بدعم أمريكي، وجراء الحرب وقيود إسرائيلية، بات سكان غزة ولا سيما محافظتا غزة والشمال، على شفا مجاعة، وسط شح شديد في إمدادات الغذاء والماء والدواء والوقود، ما أودى بحياة أطفال ومسنّين، حسب بيانات فلسطينية وأممية.