![]() |
غلق | | مركز مساواة المرأة | |
![]() |
خيارات وادوات |
هدى زوين
!--a>
2025 / 8 / 30
العنف الأسري ليس مجرد حادثة عابرة خلف جدران المنازل، بل هو جرح صامت ينهش في جسد المجتمع دون أن يترك صدىً مسموعًا. إنه فعل يقتل الطمأنينة ويزرع الخوف، يدمّر النفوس قبل أن يدمّر الأجساد، ويترك ندوبًا لا تُرى بالعين لكنها تعيش في القلوب لسنوات طويلة.
البيت هو الركن الذي يُفترض أن يكون الحضن الآمن والملجأ الدافئ، لكن حين يتحوّل إلى ساحة للعنف، تنقلب المعادلة. تصبح الجدران شاهدًا على الصراخ، ويغدو الصمت لغةً يفرضها الخوف، فتنشأ أسرة مهزوزة، وتتشكل أجيال محمّلة بالاضطراب النفسي والاجتماعي.
وهنا يأتي السؤال هل هم ضحايا بلا صوت؟
العنف الأسري هو جريمة تتخفّى خلف عناوين براقة كـ"التربية" أو "الغيرة" أو "السلطة". ضحاياه غالبًا لا يتكلمون؛ يخشون الفضيحة، أو يهابون المجتمع، أو يفقدون الثقة بجدوى الشكوى. ولهذا يوصف بأنه "جرح صامت"، لأن صرخاته مكتومة، وأوجاعه تُخبأ خلف ابتسامات متكلّفة.
ماهي آثاره التي لا تنتهي؟
1. على الفرد: يولّد الخوف، انعدام الثقة بالنفس، القلق المستمر، واضطرابات نفسية قد تصل إلى العزلة أو العنف المضاد.
2. على الأطفال: ينشأ الطفل في بيئة يسودها الخوف، فيحمل بداخله صورة مشوّهة عن الحب والرحمة، وقد يكرر سلوك العنف حين يكبر.
3. على الأسرة: تنكسر المودة، ويحل محلها الشك والتوتر، فيصبح البيت مجرد جدران باردة لا روح فيها.
4. على المجتمع: مجتمع منقسم، أجيال غير متوازنة، وزيادة في السلوكيات السلبية التي تهدد الأمن والاستقرار.
ويأتي السؤال لماذا يستمر الصمت؟
لأن المجتمع أحيانًا يتعامل مع العنف الأسري كقضية "داخلية" لا يجوز التدخل فيها. هذا الصمت المجتمعي يشجع المعتدي على الاستمرار، ويضاعف مأساة الضحية.
ماهي خطوات نحو الحل؟
التربية على الرحمة: غرس قيم الحوار والاحترام داخل الأسر منذ الطفولة.
القوانين الرادعة: تطبيق التشريعات التي تحمي الضحايا وتمنع الجناة من الإفلات.
الدعم النفسي والاجتماعي: مراكز متخصصة للاستماع إلى الضحايا ومساعدتهم على تجاوز محنتهم.
التوعية الإعلامية: حملات تذكّر بأن العنف ليس حقًا مكتسبًا بل جريمة في حق الإنسانية
العنف الأسري ليس قضية فردية، بل هو نزيف يؤثر على المجتمع بأسره. الصمت عليه مشاركة في الجريمة، والتهاون معه إضعاف للأمن الاجتماعي. لنجعل بيوتنا منارات رحمة لا ساحات خوف، ولنتذكر دائمًا أن القوة الحقيقية لا تُقاس بقدرة الإنسان على إيذاء غيره، بل بقدرته على احتوائه بالحب.
دعوة للانضمام الى موقعنا في الفسبوك
نظام تعليقات الموقع متوقف حاليا لاسباب تقنية نرجو استخدام تعليقات
الفيسبوك
|