البيجيدي والبيدوفيليا الحلال .

سعيد الكحل
selakhal@yahoo.fr

2014 / 3 / 21


إن الديمقراطية التي أوصلت قواعدُها السيد بنكيران وحزبه إلى رئاسة الحكومة يسحلها هذا الأخير على أعتاب المجلس العلمي الأعلى ويقدمها قربانا لإرضاء الميولات البيدوفيلية التي تتغذى على الجهل والفقر وتبخيس الإناث وتكرس الاستغلال الجنسي البشع للإناث باسم الشرع . إنه واقع يزداد مرارة مع تواتر قرارات الحكومة الحالية التي لم يعد من همّ لرئيسها وحزبه وفريقه البرلماني سوى تزويج القاصرات . وكان من المفروض في الحزب ورئيس الحكومة أن يشغلهما واقع الجهل والأمية الذي يفتك بالقاصرات المهمشات فيبادرا إلى بناء ما يكفي من الحجرات الدراسية والأقسام الداخلية لإيواء التلميذات القرويات ودعمهن لمواصلة الدراسة ، بدل شرعنة اغتصابهن وقتل طموحهن في حياة إنسانية كريمة . فالمطلوب من الحزب الحاكم والأغلبية المساندة ، أيا كانت قناعاتها الفكرية وتوجهاتها السياسية ، أن تبتكر حلولا لمعالجة الهدر المدرسي الذي يذهب ضحيته أزيد من 300 ألف طفل سنويا ، وتنهض بالمدرسة العمومية تأطيرا وتجهيزا لتلعب دورها المركزي في الرقي بوعي المجتمع وتفكيك بنياته الذهنية والاجتماعية حتى لا تظل ثقافة البداوة وفقهها يشكلان الوعي الجمعي المنحط الذي لا يرى في الأنثى إلا العار والعورة . من هنا فإن المسئولية الدستورية والوطنية تفرض على الحزب ورئيس الحكومة أن يتحررا من فقه البداوة وثقافة النخاسة ويؤنْسِنا فهمهما ونظرتهما للأنثى باعتبارها مواطنة تستحق أن تكون في صلب اهتمام الحكومة التي لم يكن من مهامها تزويج القاصرات ، بل وضع إستراتيجية ناجعة لمحاربة الفقر والهشاشة وتشجيع التشغيل الذاتي ودعم المقاولات الصغرى لاستيعاب الأعداد المتزايدة من طالبي الشغل حتى لا تكون الفتاة عبئا على أسرتها تتحين الفرصة للتخلص منها . فرغم مرور عشر سنوات على تطبيق مدونة الأسرة ، وهي مدة كافية لخلخلة المواقف المناهضة لحقوق المرأة ، فإن حزب العدالة والتنمية لا يترك مناسبة إلا وأعاد الجدال حول حقوق المرأة إلى الواجهة ، كما لو أن المغرب لم يدخل الألفية الثالثة بعد ، ولم يتبن دستور 2011 الذي ينص على المساواة والمناصفة . من هنا فإن قرار الحزب طلب تحكيم المجلس العلمي الأعلى في مسألة تزويج القاصرات يفتح الباب لشرعنة إخضاع البرلمان والحكومة والسياسات العمومية لمراقبة المجلس وفرض الوصاية عليها . ومن شأن هذه الخطوة أن تفتح المغرب على المجهول بسبب ما سيترتب عنها من نتائج وانعكاسات أخطرها :
أ ــ ضرب القواعد الديمقراطية التي تنيط بالبرلمان مهمة التشريع ، بحيث تظل تشريعات البرلمان رهينة إجازتها من طرف فقهاء المجلس العلمي الأعلى .
ب ــ تسفيه عمل المحكمة الدستورية كمؤسسة دستورية تراقب مدى تطابق التشريعات البرلمانية والقرارات الحكومية مع منطوق الدستور وروحه . وتحكيم المجلس العلمي يناقض منطوق الدستور (لا تقبل قرارات المحكمة الدستورية أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة وجميع الجهات الإدارية والقضائية) .
ج ــ تنصيب المجلس العلمي الأعلى كهيئة أسمى من الدستور وتمليكها سلطة تعطيله . وهذا تشريع خطير يؤسس "لولاية الفقيه" ويمدها بصلاحيات لم يقرها الدستور .
د ــ الإقرار بسمو أحكام المجلس العلمي على الدستور والقوانين والمواثيق الدولية التي صادق عليها المغرب فيما يخص حقوق الطفل يحول المغرب بالضرورة إلى دولة دينية يكون التشريع فيها للفقهاء .
هـ ــ تحكيم المجلس العلمي الأعلى في قضية واحدة يفتح له المجال للتدخل في كل القضايا التي تهم الشأن العام والخاص . وفي هذه الحالة لا جدوى من البرامج الانتخابية والتنافس الحزبي والبرنامج الحكومي .
و ــ إقحام المجلس العلمي الأعلى في السياسة العامة للحكومة تحكيما ومراقبة سيؤجج الصراع بين التيار المدني والتيار الديني بكل أطيافه . بل سيقسم رسميا الشعب المغربي إلى "فسطاط المؤمنين"و "فسطاط الكفار" ؛علما أن كل صراع بخلفية دينية يقود إلى العنف والإرهاب ، ونتائجه هي القتل والتخريب .
ز ــ الاحتكام لرأي المجلس العلمي هو إقحام سافر للدين في السياسة والإساءة للدين من خلال تحميله تبعات التشريع للبيدوفيليا . فالإنسانية كلها أجمعت على تجريم البيدوفيليا فيما حزب العدالة والتنمية يجر المغرب إلى المسخرة ويعرض مصالحه العليا للخطر .
ح ــ تكريس الردة الحقوقية والحضارية للمغرب ، إذ في الوقت الذي يعمل المغرب على إصلاح تشريعاته لملاءمتها مع المواثيق الدولية ، يصر حزب العدالة والتنمية على حجز هذا التطور الحقوقي في كل أبعاده والتنكر لكل الجهود والتضحيات التي قدمتها الأجيال منذ الاستقلال . فمهما كان رأي/حكم المجلس العلمي فإقحامه مرفوض ديمقراطيا ودستوريا .



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة