بيت هيدرا1

مارينا سوريال
marinaisme25@gmail.com

2017 / 2 / 6

عندما هطل المطر ،ابتسمت لها الاشجار من نافذتها ،تخبرها انها تشتاق اليها لما لا تهبط الان الى الاسفل لترتوى معهم بالماء؟.كانت ترى هدية وهى تطوف على ازهارها ترويها وتجلس للقراءة بداخلها ،فى نهاية حياتها فقط استطاعت ان تظهر وجهها وتراه من جديد فى المرأة دون حجاب ،وهى ترحل كانت تبتسم لان من كانت تمرضها ممرضة مصرية خريجة لمدرسة البنات ايضا ،اغمضت عيناها ورحلت بسرور.
كانت ايزيس تعلم ان امها ستظل حية كلما تذكرتها جيدا كل ليلة ونظرت الى حديقتها بعد الفجر وهى تتفتح مع اشعة الشمس وهى تتناول الافطار بعد ان يكون رحل مقار سريعا وتركها بمفردها تتناول طعامها فى تمام الساعة السابعة وتتذكر انها كانت تركض فى الحديقة بين نظرات الخدم المستهجنة لفتاة لا تتعلم ان تجلس فى هدوء فكيف سيتكون عندما تكبر على حالتها تلك ،وماذا سيفعل الاخ الاكبر والد مقار عندما يرى اخته لاتجيد تربية ابنتها،لهذا طلقها زوجها وعادت لبيت ابيها
هل اخطات حين تركت المدرسة؟ لم تنطق امها حين اخبرتها ورحلت عنها بعدها باشهر وتركتها فى ذلك البيت الواسع وحيدة
لاتدرى لما شعر زوجها مقار بالخوف كل هذا الحد صرخ بوجهها اخرجى الى الخارج من اخبرك انه عليك التحدث اليه وقتما تشائين لاتتصورى اننى مثل والدك ساتركك هكذا مثلما فعلت امك ،عندما ادخل الى البيت ما لم اطلبك للحضور لا تاتين سوى لخدمتى فحسب
كانت منذ الصباح تعلم ان البلد كلها مضطربة وتوقعت قلق مقار الخوف من عودة كل شىء مثلما كانت فى الماضى بعد ان قتل احدهم رئيس النظار بطرس باشا غالى ،والكل يصرخ لانه قبطى .هى ايضا تشعر بالخوف ولكنها تعلمت من امها ان تجعله ساكنا بداخلها وليس على وجهها
كانت تعلم ان الاحوال لن تعو د كالسابق وربما تتأثر التجاره بما حدث لان الشجار سيعود من جديد وعائلة هيدرا عليها ان تتاخذ جبهتها مثل البقية فكان مقار يتابع الصحف الاجنبية ويصدقها،كان يقول ان الحزب الوطنى هو المسئول عن كل هذا،كان تراه يتحدث فى الهاتف الجديد الذى ادخله الى القصر الواسع لهيدرا ولم تكن راته عن قرب من قبل لذا شعرت بالرهبة وبالرغبة فى تجربته.الان يمكنها ان تسمع صوت خالتها ايريس ربما يعوضها ذلك عن فقدانها لهدية امها
لم تستطعت ان تزيل حجاب وجهها مثلما فعلت امها ،شعرت بالحزن لانها لم تفعل ما فعلته ،لكنها لن تتحمل صفعة اخرى وهى من كانت معلمة لفتيات فى السابق
كانت تعلم ان ما فعله هو الخوف،الكل انقسم من جديد ،لم تعد التجارة كالسابق يتجنبون تجارة هيدرا وعبد الشهيد واخريين الصوت يعود من جديد انهم مع الانجليز لا يريدون ان تعود الامة من جديد ولا حكم العثمانين ولكن هذا لن يحدث .كان الصراخ فى الشوارع وسط الاسواق وبين الصحف انقسمت الجرائد وانقسم معها الاقباط
.اشتاقت الى مس مير ارادت مقابلتها بشدة ،لكن لم يكن مسموحا لها بالخروج فى تلك الاوقات ،كانت تتابع ما يحدث فى الصحف التى تقف مع ما حدث والاخرى التى تعارضها فى خوف .منذ ان رحلت هدية امها وهى قد عرفت الخوف الذى لم تعرفه فى حياتها من قبل ،يوم ان وضعت امها بالصندوق واختفت فى تلك المقبرة.
كانت تنتظر خبر من مقار عندما عاد ذلك العجوز مكاريوس الذى رحل الى باريس ولم يفكر بالعودة كانت علاقته مع خال ايزيس الاكبر سيداروس هى فى الحصول على نصيبه بالتساوى مع اخوته البنين فى تجاره ابيه ولكنه لم يخبر عن احواله كل ما عرف عنه انه تزوج من فرنسية وانجب منها ابناء لا يعرفون سوى فرنسا وان لديهم اصل مصرى من ابيهم فحسب وعاد من خلفه عيون غلام صغير فضولية .
كان غريبا فوجدت نفسها تخفى وجهها عنه وتضع حجاب .وقف يتطلع فى معالم البيت الواسع التى لم تتغير ابدا ،لايزال البيت على نفس الحالة التى بناها به جدها لم يفكر احد من اولاده او احفاده ان يغير فيه،الكل يريد ان يظل البيت الواسع كما هو حتى الخوف اصبح جزءمن مكونات بيتهم جزءا منه يأتيهم على فترات كضيف يستقبلونه ويشعرون بالراحة عند رحيله.
لم تعرف لما عاد العجوز الان بعد تلك السنوات ،عاد فقط ليموت فى المحروسة ألم يحب باريس رغم كل تلك السنوات فاصطحب حفيده الغلام لينظر الى البيت الذى ولد فيه ،لقد ضاعت ارواح من ولد وسطهم ولم يتبقى سوى العجوز والده مقار ،وايزيس الشابة وميخائيل وسيدراك اخوى مقار .لم يشتق احد اليه ؟هكذا سأل العجوز ؟ تعجب من وضع ايزيس لحجاب يحجبها عن ذلك العجوز خالها والفتى الصغير حفيدة وفى النهاية انصرف فجاة كما حضر وكانه حلم .وفى اليوم التالى رحل الى حيث والدتها .تولى مقار اجراءات دفن عمه الذى كان مفقودا وعاد وتركه من خلفه فتى لا احد يعرف ان كان يجب اعادته الى فرنسا ام يبقى فى ذلك البيت .بيت هيدرا جده.
لا يزال البيت الواسع على الحال الذى بناه الجد الاكبر فيه ،لاتزال نقوش الفسيفساء التى احبها على حالها مع مرور الزمن نوالخشب الارابيسك المتهالك الذى يكاد البعض منه ان يتحطم فى الايدى من هشاشته ،رائحة الجدران العتيقة ،بعض القشور فى اركان غرفة الاب الراحل لذلك الخال ،الفراش الذى ترك يحمل رائحة انفاس ابيه وامه،السلالم التى اصبحت تصدر صوتا وهو فى طريقة من الطابق الاسفل الى الاعلى حيث الغرف ،ازيز الارضية من تحت قدميه وصوت طرق عصاته التى يتكأ عليها وهو يقترب من الغرفة ويرقد على سريرها ولا يطلب اكثر من ذلك .قال حفيده انها وصيته اراد ان يموت على فراش ابيه فى المحروسة هكذا ودع الجميع ممن عرف وصادقهم ،وابنائه واحفاده وحتى حديقته التى صنعها هناك ايضا وهو يغادر .قال انه لن ينسى احدا منهم ولكن حينما يرقد يرد ان يكون جوار ابيهمثلما تمنى دوما حدث ،فى اليوم التالى كان مقار عاقدا حاجبيه وهو ينهى اجراءات دفن العجوز فى مقبرة العائلة يدير وجه عن ايزيس .يعتصر الالم قلبها وهى تسير فى مدافن متعرجة وقدمها تغوص فى رمال وهى تتقدم حيث الدفن .لم تستمتع الى كلمته لا يفترض بها ان تاتى من خلف الرجال كان عليها ان تستقبل المعزون من النساء داخل جناح الحريم بعيدا عن مضيفة الرجال .تذكرت كلمات امة تلك البنت تربية هدية لن تكون امراة صالحة لك ولن تقدر ان تحكم عليها مثل بقية النساء ولا نريد فى نهاية الزمان ان يسمع احدا باسم هيدرا يلطخ اسمه فى امراة تريد ان تسير وبجانبها رجال يحاوطونها وينظرون اليها غدا ترفع البرقع وتضع يدها فى كف الرجال وتصافحهم كما لو انها رجلا وتجلس فى مجلسهم ربما فى مضيفتك وابوك وجدك تلك التى استقبل فيها الرجال تدخلها النساء لتجلس ليراها الرجال،كلما تذكر كلماتها ازداد سخطا على ايزيس ولكن كان عليه ان يصبر حتى ينتهى من العجوز الغريب الذى لم يعرفه احدا من اهله ولكنه كان يحمل اسم هيدرا لذا من استطاع ومن لم يستطع تذكره قد حضر،عاش غريبا ومات غريب.



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة