المرأة في المتخيل الشعبي المغربي

سليمان العثماني
soulaymani1995@gmail.com

2017 / 2 / 8

لعل من المفيد ان نتطرق لصورة المرأة و الرجل داخل المجتمع المغربي ، انطلاقا من استحضار قضية التميز بين الجنسين وفق النوع الاجتماعي ( ذكر، انثى) ،الذي نجده حاضر بقوة داخل الثقافة الشعبية المغربية .و يظهر بجلاء في المجتمع المغربي التقليدي المحافظ.
لا يستقيم الحديث عن صورة المرأة و الرجل في المجتمع المغربي التقليدي إلا باستحضار نماذج توضح مسألة التفرق بين الجنسين كمعطى يفرض وجوده من داخل المجتمع المغربي ، فالمرأة مكانها الطبيعي في منزل و الرجل في الشارع اي الحياة العامة يفعل ما يريد دون رقيب ولا حسيب ، والمرأة تتقبل هذا الوضع باعتباره امر طبيعي وهذا ما اكدته فاطمة المرينسي في وصفها للمرأة التقليدية المحافظة " اللواتي عشن التفرقة كمعطى طبيعي 1 "
بمعنى أن المرأة تعودت على مسألة التفرقة ، و أن تظل بدون هوية تحدد جنسها داخل المجتمع الذي حاصر المرأة في مفهوم الحريم المرادف للشقاء .
بمعنى أن الحريم محكوم بفكرة الملكية الخاصة و القوانين التي تسيرها 2 تحول هذا الإحساس بالحرمان في ذهن الطفلة الصغيرة فاطمة التي فتحت عينها على معاناة نساء عائلتها " اللواتي كن يحلمن بحرية التجول في الأزقة و أشهر حكايات عمتي حبيبة التي كانت تحتفظ بها المناسبات الكبيرة هي حكاية المرأة ذات الأجنحة التي تطير من الدار حين ترغب في ذلك و كل مرة تحكي فيها القصة تشد النساء تلافيف القفاطين إلى الحزام ، ويشرعن في الرقص فاتحات أذرعهن كما لو كن سيطرن" 3
تصور لنا فاطمة المرنيسي وضعية المرأة المغربية التقليدية المحافظة من داخل المجتمع التقليدي الذي تتداخل فيه التقاليد و العادات الاجتماعية التي تشكل قيودا ضخمة على حرية المرأة بالمعتقدات و الموروثات الدينية خصوصا أن القوانين المتعلقة بها تستند إلى أصول دينية ، وهنا استحضر قول المرنيسي حينما قالت " هم يحبسونها وراء الأسوار لكي يتبلد ذهنها " 4
إن الرجل يعارض كل ممارسة للمرأة خارجة عن التقاليد فالمرأة التي تمضغ الشونكوم تقوم بفعل ثوري لمجرد كونها غير وارد في التقاليد و لأنها لا تكرر ما خطه السلف فهي تبتكر جديدا وبالتالي تأتي بدعة .
يتضح من خلال ما تقدم أن المرأة التقليدية في المجتمع المغربي المحافظ عاشت وضعيات من التهميش و الإقصاء بدعوى العادات و التقاليد التي لا يمكن أن نغيرها على أساس أنها من الثوابت التي تتأسس عليها الهوية الثقافية المغربية . ويمكن أن نلامس وضع المراة المغربية المحافظة انطلاقا من وضعية العزلة و الإقصاء ، الذي نجده حاضرا في المتخيل المغربي .
عزلة
إن الناظر لهندسة البيت التقليدي المنفتح من داخله بنوافده و شرفاته التي تظل دائما من الداخل على البهو و الفناء و الحديقة ( الرياض) و المنغلق من خارجه إلا فوهة صغيرة ، حتى لايتسرب بصر النساء الى الخارج ، وحتى في طقوس الضيافة نلمس تيمة العزلة" اد يستوجب أن يدخل الرجل الضيف الى البيت بعد فترة انتظار بالباب يعلم اهل البيت ( النساء) بقدوم ضيف حتى يخلى الطريق و تحتجب النساء في الحجرات و تسدل علهن الستائر" 5 فلا يحق للمرأة في هذه الحالة أن تغادر المنزل الى الحياة العامة ( الشارع) فمكنها الطبيعي هو المنزل أي مكان لمزولة الطبخ و العمل اليدوي وللمحافظة و الاحتجاب لصيانة العرض للتستر و عدم إفشاء السر ثم المحبة وإسعاد الرجل الذي يتمتع بكامل حريته من داخل المجتمع المغربي التقليدي .
فعلا ، المرأة التقليدية المحافظة عانت من وضعية العزلة عن العالم الخارجي أي الحياة العامة، وهذا راجع الى العادات و التقاليد التي كانت سائدة في المجتمع المغربي التقليدي .



اقصاء
بالنظر الى المجتمع التقليدي المحافظ الذي يعتبر الحياة العامة بعلاقتها و أنشطتها و مشاغلها هي عالم خاص بالرجل دون النساء اللواتي عليهن ملازمة بيوتهن هذا التهميش و الاقصاء يتم على مستويين :
تهميش و اقصاء المرأة التقليدية داخل بيتها بسبب عزلتها و عدم اتصالها بغير محارمها .
تهميش و اقصاء المرأة التقليدية المحافظة خارج بيتها بسبب محاصرتها وراء جدران من ثوب الحايك ، فلا يرى من جسدها سوى ثقب تظل منه على عالم الرجل وهي تتلمس بالكاد طريقها ، ويعد الحايك مظهر آخر من مظاهر تهميش وإقصاء المرأة التقليدية المحافظة .
المراجع المعتمدة
1. فاطمة المرنيسي ، الجنس كهندسة اجتماعية بين النص و الواقع beryound the veil ترجمة فاطمة الزهراء زريول مطبعة فضالة المحدية ، 1989 ص 76
2. فاطمة المرنيسي ، نساء على اجنحة الحلم ، ترجمة فاطمة الزهراء زريول منشورات الفنك الداربيضاء 1998 ص 71
3. فاطمة المرنيسي ،المرجع السابق، ص 30
4. فاطمة المرنيسي ، المرجع السابق ، ص 199
5. Mohammed Boughali . « la représentation de l’espace chez le marocain illettré Mythe et tradition orale , Ed , Anthropos , Paris 1974 , p , 46



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة