النسوية والقومية في العالم الثالث – كوماري جاياواردينا كتب اثرت في حياتي

مارينا سوريال
marinaisme25@gmail.com

2018 / 11 / 30

"المرأه الجديدة تلعن الأمس.
المرأه الجديدة لاتكتفي بحياة
تلك المرأه التي جعلتها الانانية الذكوريه
جاهلة او أمة او قطعه لحم.
المرأة الجديده تسعى الى تدمير الأخلاق القديمة
والقوانين التي وضعت لمصلحة الذكور
المراة الجديدة لاتكتفي بتدمير الاخلاق القديمه
والقوانين التي نشأت من الانانيه الذكورية ، بل يوما بعد يوم
تحاول ان تخلق مملكة جديدة ، يطبق فيها دين جديد
وأخلاق جديدة وقوانين جديدة ...
إن خلق هذه المملكة الجديدة هو في الحقيقة مهمة النساء.
شارت الدراسات القطرية في هذا الكتاب إلى أن الرجال، في فترة النضالات القومية، كانوا محركي التاريخ الرئيسيين. نظّموا الحركات القومية والأحزاب السياسية، ووضعوا معايير النضال، حتى أنهم قرروا الدور الذي يجب أن تلعبه النساء. بهذا المعنى، وباستثناءات قليلة، عملت النساء ضمن الحدود التي رسمها لهن الرجال. إن التاريخ الذي يكشف، على هذا النحو، هو تاريخ "تشاركي". وهذا، في حد ذاته، مهم، ويؤكد أن النساء قد لعبن دورًا أُغفل باستمرار، ويصحح صورةَ الرجال على أنهم الممثلون التاريخيون الوحيدون. وإننا ليحدونا الأمل بأن النساء في تلك البلدان سوف يُستثرن للتنقيب أعمق في أراشيفهن، ويتوسعن في تلك الجوانب من مشاركة النساء التي تناولتها هذه الدراسات القطرية تناولًا سريعًا.
تخرجت عام 1955م من مدرسة لندن للاقتصاد والعلوم السياسية في مجال العلوم السياسية، وفي عام 1958م تأهلت لتصبح محامية من جمعية لينكولن إن في لندن. كما حصلت على شهادة الدراسات السياسية من معهد الدراسات السياسية في باريس عام 1956م ، ثم حصلت على الدكتوراة من مدرسة لندن للاقتصاد حول أطروحة اعدتها عن الحركة العمالية في سيلان -الاسم السابق لسريلانكا- عام 1964م. كما درست في جامعة كولمبو و لاهاي ومعهد بنتينغ.
يتناول الكتاب كما عبرت الكاتبة قضايا عامة للنسوية وقضية تحرير المرأة في كل بلد متناول بالدراسة، ومساهمة تلك النساء في الحراك الضروري للتحرر الوطني من الاستعمار برغم تناقضات بعض مصالحه معها. أيضا، يحاول بل و يشدّد على أن فكرة النسوية أو الحركة النسوية ليست فكرة مستوردة فقط، أي أنها فكرة أصيلة تولدت من المجتمعات المحلية و تشكلت حسب ظروف كل مجتمع على حدة. و هذا لا ينفي تأثرها ببعض أفكار النسوية الغربية بحكم الاستعمار وهيمنته الفكرية والثقافية في نواحي الحياة. فتعتبر الكاتبة أن النسوية في تلك الدول تفاعلت من خلال ظروفها المحلية مع الأفكار النسوية الغربية لتكوين حراك أصيل يميزها ولا يجعل منها مجرد حركة تابعة للتوجه الغربي كما قد يعتقد الكثيرون.
كانت المؤلّفة السيرلانكية كوماري جاياواردينا (1931) سيدة في بدايات الخمسين من عمرها، تأخذ القطار من لاهاي إلى بروكسل، حيث كانت تعيش مطلع الثمانينيات وتشارك كباحثة في "المعهد الدولي للدراسات الاجتماعية" في هولندا، وفي القطار كتبت مسودّة ورقة عمل، أصبحت في ما بعد نواة لكتابٍ مرجعي في الدراسات النسوية، صدر حديثاً عن دار "الرحبة" بترجمة ضحوك رقية وعبد الله فاضل.
غطّت المؤلّفة، واقع حركات تحرّر المرأة والدفاع عن حقوق الإنسان خلال النصف الثاني القرن التاسع عشر وحتى العقود الأولى من القرن العشرين.
وضعت جاياواردينا على عاتقها مهمة توثيق تاريخ حركات تحرّر المرأة في البلاد الفقيرة المضطهدة سياسياً والمستنزفة اقتصادياً والمتأخّرة اجتماعياً، ومشاركتها في مقاومة الاستعمار والمساهمة في الحركات التحرّرية الوطنية الأخرى.
المفارقة، أن الطرف الآخر الذي كان الكتاب بمثابة تحدٍ له وردٍ عليه، هو اليسار، إذ تعتبر الكاتبة أنه غير آبه فعلاً بمسألة المرأة وقضيتها، حيث يتبنى هذا التيار مقولة "إن تحرّرت الطبقة العاملة، المرأة ستتحرّر تلقائياً".

ورغم أنه صدر عام 1989، لكنه ما زال الكتاب المرجع، الذي يؤرّخ لصراع المرأة في عدّة بلاد من "الشرق الأوسط" وآسيا، وشرق آسيا، ويحيط بتفاصيل الصراعات التي خاضتها النسوية ضد الفقر وغياب المساواة بكلّ أشكالها في الهند وتركيا وإيران ومصر واليابان والصين وكوريا وفيتنام وأندونيسيا وسريلانكا والفلبين.

«أن القاهرة تحتل موقعًا إستراتيجيًّا بين أوربا وآسيا، وبما أنها تعرضت لتأثير حركات التغيير الراديكالية بما فيها الثورة الفرنسية، فقد أصبحت مركزًا عالميًّا للحركات والأفكار الجديدة»؛ الأمر الذي بدا واضحًا في ارتباط: «حركات الإصلاح والنسوية في مصر بالمحاولات التي قام بها الحكام المتعاقبون لتحديث بِنَى البلاد التعليمية والثقافية والإدارية، وكذلك بنمو الوطنية ومناهضة الإمبريالية في ظل الاحتلال البريطاني في حقبة ما بعد عام 1882م»، وهو الذي أشارت إليه في ضرورة: «تقييم النقاشات المبكرة التي جرت بشأن حقوق المرأة وظهور الإصلاحيين الذكور الذين ناصروا تلك الحقوق، ودور النساء الجديدات، اللائي كنّ رائدات أفكار المساواة بين المرأة والرجل». إن مناهضة الإمبريالية، والاحتلال الأجنبي الذي كان يخيّم على مصر، كان من أحد أهم مبادئ الحركة النسويّة المصرية، تلك التي استشهد فيها عدد غير يسير منهن في مواجهة الاستعمار: «ومنهن الشهيدة شفيقة محمد، التي قتلها الإنجليز يوم 14 مارس 1919م، وحميدة خليل، من كفر الزغاوي بالجمالية، وسيدة حسن، وفهيمة رياض، وعائشة عمر، وغيرهن من مئات المصريات الفقيرات المجهولات»؛ الأمر الذي لفت انتباه الكاتبة إلى إعادة النظر في شأن عاملين مهمّين في تطور الحركة النسويّة، وتثبيت قاعدة رئيسة نحو التمييز بين: «النمو الرأسمالي في هذه البلدان»، وإن كان: «قادرًا على أن يرخي قبضة بعض أغلال التبعية التقليدية بين النساء من جميع الطبقات، ليمنحهن شيئًا من القدرة على الحركة والتعلم، وليخرجهن من مجالهن المنزلي إلى المجال الاجتماعي. لكنه استمر في تقييدهن في نظام من الهيمنة الذكورية العامة، على الرغم من تغيّر بعض ملامح الهيمنة»، وبين: «الدافع إلى توكيد هوية وطنية عمل على مستوى أعمق نوعًا ما»، وذلك في سبيل أنه: «كان من الضروري العودة إلى الجذور الدينية والثقافية، ولتعديلها أو إعادة تفسيرها بالتوافق مع حاجات الأزمنة، ومن ثم لتطوير هوية وطنية يمكن أن تعمل بوصفها أساس التطلعات الوطنية»، وهو: «ما يبقيهن وصيّات على الثقافة الوطنية وناقلاتها».



https://www.c-we.org
مركز مساواة المرأة